للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٨ - بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] (بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

وَبَيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ، وَبَيَانِ الْمَحَلِّ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ، وَبَيْنَ صِفَتِهَا، وَالِاسْتِسْقَاءُ لُغَةً طَلَبُ السَّقْيِ وَشَرْعًا طَلَبُ السَّقْيِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ. (وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ حُكْمُهَا أَنَّهَا (سُنَّةٌ تُقَامُ) أَيْ تُفْعَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَا تُتْرَكُ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ، وَرُبَّمَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» (يَخْرُجُ) أَيْ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (الْإِمَامُ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ (وَالنَّاسُ) .

وَظَاهِرُهَا الْعُمُومُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوا مَنْ يَخْرُجُ لَهَا وَمَنْ لَا يَخْرُجُ لَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَخْرُجُ لَهَا بِاتِّفَاقٍ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ الْمُكَلَّفُونَ وَالْمُتَجَالَّاتُ الْمُسِنَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّبِيَّانِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

[قَوْلُهُ: حُكْمِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] وَهُوَ السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ، قَالَ تت: يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهَا قَوْلُهُ فِي آخِرَ الْكِتَابِ كَالْعِيدَيْنِ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ] وَهُوَ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ الْمَحَلِّ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ] وَهُوَ الصَّحْرَاءُ [قَوْلُهُ: طَلَبُ السَّقْيِ] أَيْ مُطْلَقُ طَلَبِ السَّقْيِ كَانَ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ] الْقَحْطُ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ أَيْ كَتَخَلُّفِ نَهْرٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْقَحْطِ الْمَحَلَّ وَالْجَدْبِ فَيَشْمَلُ تَخَلُّفَ النَّهْرِ أَيْضًا وَالْمَحَلُّ لِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ هُوَ اجْتِيَاحُ الزَّرْعِ، وَالْجَدْبُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة ضِدُّ الْخِصْبِ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَيَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَوْ غَيْرِهِ الْحَاجَةَ إلَى الشُّرْبِ لِأَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ فِي سَفَرٍ فِي صَحْرَاءَ أَوْ فِي سَفِينَةٍ، وَمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ يَكُونُ لِأَرْبَعٍ هَذَانِ الْقِسْمَانِ، وَالثَّالِثُ اسْتِسْقَاءُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلٍّ وَلَا حَاجَةٍ إلَى الشُّرْبِ، وَقَدْ أَتَاهُمْ مِنْ الْغَيْثِ مَا إنْ اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ كَانُوا دُونَ السَّعَةِ فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْقُوا وَيَسْأَلُونَ اللَّهَ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

وَالرَّابِعُ اسْتِسْقَاءُ مَنْ كَانَ فِي خِصْبٍ لِمَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ وَجَدْبٍ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْحُكْمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ حُكْمُهُمَا السُّنِّيَّةُ، وَالثَّالِثُ الْإِبَاحَةُ وَالرَّابِع النَّدْبُ.

[قَوْلُهُ: سُنَّةٌ تُقَامُ] أَيْ عَيْنًا أَيْ تَتَأَكَّدُ أَنْ تُصَلَّى، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ وَاجِبَةٌ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ [قَوْلُهُ: خِلَافًا لَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ.

أَشَارَ بِقَوْلِهِ سُنَّةٌ تُقَامُ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا بِدْعَةٌ لَا تُصَلَّى فَلِذَا أَكَّدَ قَوْلَهُ: سُنَّةٌ بِقَوْلِهِ تُقَامُ وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَنِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا [قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا نُقِلَ عَنْهُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً فَهِيَ بِدْعَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ: وَرُبَّمَا نُقِلَ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِدْعَةِ أَنَّهَا أَمْرٌ مُحَرَّمٌ، وَعَدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُحَرَّمِ، أَوْ أَنَّ الْمُغَايِرَةَ بِاعْتِبَارِ الْعِنْوَانِ [قَوْلُهُ: فَاسْتَسْقَى إلَخْ] طَلَبَ السُّقْيَا مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْوَاوُ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ التَّحْوِيلِ وَبَعْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي [قَوْلُهُ: وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ] اعْلَمْ أَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّ الذَّكَرِ الْبَالِغِ وَلَوْ عَبْدًا فَأَرَادَ بِالْمُسْلِمِينَ الذُّكُورَ.

وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَجَالَّاتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>