للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدِ السَّلَامِ لِتَحْقِيقِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ رَجَعَ جَاهِلًا فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ وَإِنْ رَجَعَ نَاسِيًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا، وَقَسَّمَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَاةً حَاضِرَةً لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَوْ فِيهَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً) نَسِيَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَاةً وَقْتِيَّةً (صَلَّاهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهَا وَكَذَلِكَ مَنْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَاقْتِصَارُهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ الْمَنْسِيَّةِ وَاَلَّتِي نَامَ عَنْهَا مِنْ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ التَّعَمُّدُ. ق:

وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ الْمَنْسِيَّاتِ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ: يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ قَضَاءِ الْمَنْسِيَّاتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا (مَتَى مَا ذَكَرَهَا) فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ عَلَى الْفَوْرِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَّا لِعُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ، وَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْمَنْسِيَّةِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا. (عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ) مِنْ إعْدَادِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَيْئَاتِهَا مِنْ إسْرَارٍ وَجَهْرٍ، وَإِنْ نَسِيَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

بَعْضِ شُرُوحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ أَيْضًا بِرُجُوعِهِ وَلَوْ قَرَأَ إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْقِرَاءَةَ وَنَظَرَ عج فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ.

وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِتَمَامِهَا هَلْ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ أَوْ هِيَ وَالسُّورَةُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ، فَقَدْ تَكُونُ قِرَاءَةُ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي التَّشَهُّدَ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ.

قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْرَأُ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ اهـ.

وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عج فَرَضَهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ سُورَةٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، فَإِنْ قُلْت: لَمْ لَمْ يَرْجِعْ لِلسُّورَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الرُّكُوعِ قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّ الرُّكُوعَ مُتَّفَقٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِخِلَافِ قِيَامِهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ لِلْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا بِكُلِّ رَكْعَةٍ بَلْ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

[نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا]

[قَوْلُهُ: مِنْ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى إلَخْ] قَالَ ابْنُ نَاجِي: اعْلَمْ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، فَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا فَالْقَضَاءُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَكَذَلِكَ عَلَى مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ اهـ.

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ شَارِحِنَا مِنْ التَّنْبِيهِ إلَخْ، بَلْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُتَعَمَّدَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ] مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ وَلَا يُقْتَلُ صَرَّحَ بِهِ تت، فَمُفَادُهُ أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسِيَ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَمِّدِ، وَمَا كَانَ يَصِحُّ كَلَامُهُ إلَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: بِأَنَّ النَّاسِيَ لَا يُطْلَبُ بِالْقَضَاءِ.

[قَوْلُهُ: فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ] أَيْ حَيْثُ تَحَقَّقَ تَرْكُهَا أَوْ ظَنَّهُ، وَأَمَّا الْمَشْكُوكُ فِي تَرْكِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى السَّوَاءِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَلَكِنْ يَتَوَقَّى الْفَاعِلُ أَوْقَاتَ النَّهْيِ وُجُوبًا فِي نَهْيِ الْحُرْمَةِ وَنَدْبًا فِي نَهْيِ الْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا الْوَهْمُ وَالتَّجْوِيزُ الْعَقْلِيُّ فَلَا يَجِبُ بِهِمَا قَضَاءٌ وَلَا يَنْدُبُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَلَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ نَقْصَ الْفَرَائِضِ الْمَوْهُومِ، كَالْمُحَقَّقِ فَأَوْلَى الْفَرْضُ الْكَامِلُ الْمَوْهُومُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْفَرْضِ الْمُحَقَّقُ الْخِطَابُ بِهِ، وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِطَابٌ.

[قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَّا لِعُذْرٍ] أَيْ لِحَوَائِجِهِ قَالَهُ عج وَالْمُرَادُ بِحَوَائِجِهِ الْحَوَائِجُ الضَّرُورِيَّةُ، وَهِيَ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مَعَاشُهُ، وَمَعَاشُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ.

[قَوْلُهُ: فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ] أَيْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ تت.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ قَدْرُ الطَّاقَةِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ وَقْتُ الْمَنْسِيَّةِ بِمُضَيَّقٍ بِحَيْثُ لَا يُؤَخِّرُهَا وَلَا سَاعَةً لِقَوْلِهِمْ، إنْ ذَكَرَهَا إمَامٌ تَمَادَى وَإِنَّمَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِهَا خَوْفًا مِنْ مُعَاجَلَةِ الْمَوْتِ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا.

[قَوْلُهُ: مِنْ إعْدَادِ الرُّكُوعِ إلَخْ] قَالَ عج ظَاهِرُ الشَّاذِلِيِّ أَنَّ التَّطْوِيلَ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>