للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَفَرِيَّةً قَضَاهَا سَفَرِيَّةً، وَإِنْ نَسِيَهَا حَضَرِيَّةً قَضَاهَا حَضَرِيَّةً.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقْنُتُ إنْ كَانَ صُبْحًا وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَذَكَّرَهَا سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا (أَعَادَ مَا) أَيْ الصَّلَاةَ الَّتِي (كَانَ) فَعَلَهَا (فِي وَقْتِهِ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ وَهَذِهِ الْإِعَادَةِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هُنَا الضَّرُورِيُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: (مِمَّا صَلَّى) بَيَانٌ لِمَا وَالضَّمِيرُ فِي (بَعْدِهَا) عَائِدٌ عَلَى الْمَنْسِيَّةِ، أَيْ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ الْمَنْسِيَّةَ مِثَالُهُ أَنْ يَنْسَى الْمَغْرِبَ مِنْ أَمْسِهِ مَثَلًا فَيَذْكُرَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ غَدِهِ وَقَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَيُعِيدُ الصُّبْحَ وَلَا يُعِيدُ الْعِشَاءَ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا إنْ ذَكَرَ الْمَغْرِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَلَا يُعِيدُ شَيْئًا أَصْلًا.

وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ) وَسَيَأْتِي حَدُّهَا سَوَاءٌ نَسِيَهَا أَوْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا (صَلَّاهَا) أَيْ قَضَاهَا (فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَكَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْيَسِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ هَاهُنَا عَلَى الْكَثِيرَةِ وَكَرَّرَ قَوْلَهُ: وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ إشَارَةً لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا صُبْحَ يَوْمِهِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ، وَدَلِيلُنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَقَوْلُهُ: (وَكَيْفَمَا تَيَسَّرَ لَهُ) إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ الْمَشَقَّةِ فِي قَضَائِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَإِنَّمَا يَقْضِي بِقَدْرِ مَا يَسْتَطِيعُ مَعَ شُغْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِلْقَضَاءِ وَلَا تَارِكٍ شُغْلَهُ لِذَلِكَ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي عَلَيْهِ (يَسِيرَةً أَقَلَّ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) وَهِيَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ (بَدَأَ بِهِنَّ) أَيْ قَدَّمَهُنَّ عَلَى الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ (وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ مَا هُوَ فِي وَقْتِهِ) يَعْنِي وَإِنْ خَافَ الَّذِي عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ وَالتَّحْمِيدَ عَقِبَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُطْلَبُ التَّطْوِيلُ الَّذِي هُوَ مِنْ مَاهِيَّتِهَا فَأَحْرَى مَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْ الْقَضَاءِ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يَجْرِي فِيمَا إذَا بَقِيَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى كَلَامُهُ بِنَوْعِ تَغْيِيرٍ قَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَهَا سَفَرِيَّةً إلَخْ] وَإِذَا اخْتَلَفَ وَقْتُ الْفَوَاتِ وَوَقْتُ الْقَضَاءِ بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَانْظُرْ إذَا فَاتَتْ فِي الصِّحَّةِ وَكَانَ وَقْتُ الْقَضَاءِ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى النِّيَّةِ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْإِيمَاءِ بِالطَّرْفِ، فَهَلْ يَقْضِيهَا بِالنِّيَّةِ وَالطَّرْفِ أَوْ لَا يَقْضِي، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ، وَإِذَا كَفَى هَذَا فِي الْأَدَاءِ فَيَكْفِي فِي الْقَضَاءِ بِالْأَوْلَى.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَذَكَّرَهَا] أَيْ وَهِيَ الْيَسِيرُ مِنْ الْفَوَائِتِ خَمْسٌ أَوْ أَرْبَعٌ، وَأَمَّا لَوْ صَلَّى حَاضِرَةً ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً كَثِيرَةً وَهِيَ سِتٌّ أَوْ خَمْسٌ، فَإِنَّ الْحَاضِرَةَ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا فَلَا يَتَأَتَّى إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ قَضَائِهَا.

[قَوْلُهُ: الَّتِي كَانَ فَعَلَهَا إلَخْ] فَمُفَادُهُ أَنَّ كَانَ نَاقِصَةٌ خَبَرُهَا مَحْذُوفٌ وَهُوَ فَعَلَهَا وَأَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِجَوَازِ كَوْنِهَا تَامَّةً وَالْمَعْنَى أَعَادَ مَا ثَبَتَ وَحَصَلَ، وَقَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِأَعَادَ، أَيْ أَعَادَ مَا دَامَ الْوَقْتُ.

وَقَوْلُهُ، أَيْ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ أَعَادَ إلَخْ لَا أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ الْمَنْسِيَّةَ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعَادَ إلَخْ، كَمَا قُرِّرَ بَلْ بِمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا كَائِنَةٌ بَعْدَهَا، أَيْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا أَيْ الْمَنْسِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ الِاخْتِيَارِيُّ [قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الصُّبْحَ] وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمُعِيدُ إمَامًا فَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ صَلَاتَهُ خِلَافٌ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا إعَادَةَ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا [قَوْلُهُ: وَذَلِكَ] أَيْ الْقَضَاءُ الْخَالِي عَنْ الْمَشَقَّةِ.

[قَوْلُهُ: مَعَ شُغْلِهِ] أَيْ الضَّرُورِيِّ أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ حَوَائِجِ دُنْيَاهُ مِنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَصِغَارِ أَوْلَادِهِ الْفُقَرَاءِ وَأَبَوَيْهِ الْفُقَرَاءِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ دَرْسُ الْعِلْمِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَالتَّمْرِيضُ وَإِشْرَافُ الْقَرِيبِ.

[قَوْلُهُ: بَدَأَ بِهِنَّ إلَخْ] أَيْ وُجُوبًا وَيَدْخُلُ فِي الْفَائِتَةِ الْيَسِيرَةِ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ الْأَخِيرَةَ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْأُولَى، فَإِنْ خَالَفَ وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ صَحَّتْ مَعَ الْإِثْمِ فِي الْعَمْدِ دُونَ النِّسْيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>