الْمَدِينُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الضَّامِنِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْغَرِيمِ، وَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَيَقُولُ بَعْدُ وَلَا يَغْرَمُ الْحَمِيلُ إلَّا فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ (وَحَمِيلُ الْوَجْهِ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْغَيْرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إنْ أَتَى بِوَجْهِ مَنْ تَحَمَّلَ بِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) عِنْدَ الْأَجَلِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ (غَرِمَ) الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ (حَتَّى) بِمَعْنَى إلَّا أَنْ (يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَغْرَمَ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ تَغِيبَ غَرَامَةُ الْمَالِ. ع: إلَّا إنْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ فَفَرَّطَ فَيَغْرَمُ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْحَوَالَةِ وَهِيَ تَحَوُّلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ تَبْرَأُ مِنْهَا الْأُولَى فَقَالَ: (وَمَنْ أُحِيلَ) عَلَى رَجُلٍ مَثَلًا (بِدَيْنٍ فَرَضِيَ) الْمُحَالُ بِالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحَالِ (عَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْمُحِيلُ (وَإِنْ أَفْلَسَ) هَذَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَدِينِ مِثْلُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَدِيمٌ وَأَحَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحَالُ بِدَيْنِهِ (وَإِنَّمَا الْحَوَالَةُ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ (فَهِيَ حَمَالَةٌ) أَيْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَمَا قَدَّمْنَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَحْوِيلِ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَصْلُ دَيْنٍ لَمْ تَكُنْ حَوَالَةً وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يُبْرِئُ ذِمَّةَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ
ــ
[حاشية العدوي]
الدَّيْنُ ثُمَّ يُخْبِرُ صَاحِبَ الدَّيْنِ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ قَصَّرَ أَوْ فَرَّطَ، وَشَرْطُ الضَّامِنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي الثُّلُثِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْخَرَشِيِّ الْكَبِيرِ. وَفِي تت أَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ يُشَارِكُ ضَمَانَ الْوَجْهِ فِي لُزُومِ الْإِحْضَارِ، وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغُرْمِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ تَفْرِيطٌ وَلَا تَهْرِيبٌ بِخِلَافِ الطَّلَبِ لَا يَغْرَمُ إلَّا إذَا حَصَلَ تَفْرِيطٌ أَوْ تَهْرِيبٌ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَغْرَمُ الْحَمِيلُ] أَيْ لَا إنْ حَضَرَ مُوسِرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ، وَهِيَ الْمَلَاءُ وَالْعَدَمُ وَالْغَيْبَةُ وَالْحُضُورُ وَالْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْغُرْمَ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ مَلِيئًا.
[قَوْلُهُ: وَحَمِيلُ الْوَجْهِ] وَمِثْلُهُ الْعَيْنُ وَالْأُذُنُ
[قَوْلُهُ: بَرِيءَ مِنْ الضَّمَانِ إلَخْ] هَذَا إذَا أَتَى بِهِ فِي مَكَان تَأْخُذُهُ فِيهِ الْأَحْكَامُ، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ إلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ فِي حَالِ فِتْنَةٍ أَوْ مَفَازَةٍ أَوْ مَكَان يَقْدِرُ فِيهِ الْغَرِيمُ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يَبْرَأْ الْحَمِيلُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ سَلَّمَهُ لَهُ فِي السِّجْنِ بَرِئَ وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ هُوَ نَفْسَهُ لَهُ بِإِذْنِ الضَّامِنِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ فِيهِ.
[قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ] وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ فَلَا غُرْمَ وَلَوْ عَدِيمًا.
[قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّلَوُّمِ] أَيْ الْخَفِيفِ إذَا كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَالْيَوْمِ أَيْ الْيَوْمِ وَشِبْهِهِ لَا إنْ بَعُدَتْ فَيَغْرَمُ حَالًا.
[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ] أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ضَمَانَ طَلَبٍ وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْوَجْهِ.
[أَحْكَام الْحَوَالَةِ]
[قَوْلُهُ: عَلَى رَجُلٍ مَثَلًا] أَيْ أَوْ امْرَأَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفَلَسَ] أَيْ أَوْ جَحَدَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوَالَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَلَسُ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْحَوَالَةِ أَوْ طَارِئًا عَلَيْهَا هَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُحَالُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَهُ شَرْطُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ] أَيْ يَغُرُّ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ وَقَوْلُهُ: مِنْهُ أَيْ فِيهِ أَيْ الْمَدِينِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَدِيمٌ] وَيَثْبُتُ عِلْمُ الْمُحِيلِ بِذَلِكَ. إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، وَعِلْمُ الْجُحُودِ كَعِلْمِ الْعَدَمِ وَالظَّنُّ الْقَوِيُّ كَالْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَكَذَا عِلْمُهُ بِلَدَدِهِ أَوْ أَنَّهُ سَيِّئُ الْقَضَاءِ، وَإِذَا ادَّعَى الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ أَنَّهُ يَعْلَمُ عُدْمَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إنْ ظَنَّ بِهِ الْعِلْمَ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهُ يُتَّهَمُ بِهَذَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَلَزِمَتْ الْحَوَالَةُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ وَرَجَعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ بِهِ الْعِلْمَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، فَلَوْ عَلِمَ الْمُحَالُ بِعُدْمِ الْغَرِيمِ فَالْحَوَالَةُ لَازِمَةٌ.
[قَوْلُهُ: عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ] أَيْ أَصْلٍ هُوَ دَيْنٌ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ.
[قَوْلُهُ: فَهِيَ حَمَالَةٌ] أَيْ ضَمَانٌ، وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ عَلِمَ الْمُحَالُ بِذَلِكَ عَلِمَ الْمُحِيلُ بِعِلْمِهِ حِينَ الْحَوَالَةِ أَوَّلًا، وَاشْتَرَطَ الْمُحِيلُ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَلَزِمَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ دَيْنَهُ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ وَهُوَ