للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى، فَلَوْ كَانَتْ حَوَالَةً لَبَرِئَتْ بِهَا ذِمَّتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَغْرَمُ الْحَمِيلُ إلَّا فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: وَالضَّامِنُ غَارِمٌ كَمَا قَدَّمْنَا، وَمُرَادُهُ بِالْغَيْبَةِ الْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ الَّتِي تُدْرِكُهُ الْمَشَقَّةُ فِي طَلَبِهِ.

وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ.

(وَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ تَفْلِيسِهِ كُلُّ دَيْنٍ عَلَيْهِ) أَمَّا حُلُولُهُ بِالْمَوْتِ فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَجَلُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، وَأَمَّا حُلُولُهُ بِالْفَلَسِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ

ــ

[حاشية العدوي]

الَّذِي أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْمُحَالِ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا حَمَالَةٌ، وَلَا يُطَالَبُ إلَّا فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُشِيرَ لِمَا قُلْنَا، وَأَمَّا مَا قَالَهُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الضَّمَانِ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إلَّا عِنْدَ عُدْمِ الْمَضْمُونِ أَوْ غَيْبَتِهِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْأَصْلُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَضْمُونِ فَتَدَبَّرْ.

تَنْبِيهٌ

شَرْطُ الْحَوَالَةِ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ، فَإِنَّ الْحَوَالَةَ لَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ وَكَذَا مِنْ شَرْطِهَا ثُبُوتُ دَيْنِ الْمُحِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَتْ حَمَالَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَازِمًا فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى دَيْنِ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ مَثَلًا تَدَايَنَاهُ وَصَرَفَاهُ فِيمَا لَهُمَا عَنْهُ غِنًى، وَكَذَا يُشْتَرَطُ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ وَهُوَ دَيْنُ الْمُحَالِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لَا حُلُولُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً فَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِدِينَارٍ عَلَى نِصْفِ دِينَارٍ وَلَا الْعَكْسُ، وَلَا بِدِينَارٍ مُحَمَّدِيٍّ عَلَى يَزِيدِيٍّ وَبِالْعَكْسِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الدَّيْنَانِ طَعَامَيْنِ مِنْ بَيْعٍ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَوْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ جَازَتْ بِشَرْطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ خَاصَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُهَا الْخَاصُّ عَلَى الرَّاجِحِ فَيَكْفِي خُذْ حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: إلَّا فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ] أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ بِحَقِّهِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْحَمِيلِ أَوْ الْغَرِيمِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ

[قَوْلُهُ: أَوْ غَيْبَتِهِ] مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ مَالٌ حَاضِرٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ مَالٌ حَاضِرٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ فَلَا يُتَّبَعُ الْكَفِيلُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي التَّسَلُّطِ عَلَى الْمَالِ وَالْأَخْذِ مِنْهُ بُعْدٌ لِعُسْرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ عَدَمِ إنْصَافِ حَاكِمٍ فَلِلطَّالِبِ طَلَبُ الْحَمِيلِ.

[قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ إلَخْ] بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَلَّا يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَتَلَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ مَا عَلَيْهِ. ثَانِيهِمَا: أَلَّا يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ شَرْطُ عَدَمِ حُلُولِهِ بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِالشَّرْطِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ تَفْلِيسِهِ] الْمُرَادُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لَا مُجَرَّدُ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَحِلُّ بِهِ مَا أُجِّلَ، أَمَّا حُلُولُ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِالْمَوْتِ فَلِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ وَبِالْمَوْتِ قَدْ خَرِبَتْ. وَلَمْ يَبْقَ لِلْغَرِيمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَحِلَّ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَأَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِمَا، فَإِذَا ذَهَبَتْ إحْدَاهُمَا فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الْأُخْرَى، وَأَمَّا حُلُولُهَا بِالْفَلَسِ فَلِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمَّا دَخَلُوا عَلَى ذِمَّةٍ عَامِرَةٍ وَبِالْفَلَسِ قَدْ خَرِبَتْ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَوْتَهُ.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا حُلُولُهُ بِالْفَلَسِ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ، بَلْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُفْلِسُ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَقَلَّ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ لَا يُفَلِّسُهُ الْحَاكِمُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَطْلُبَهُ أَرْبَابُ الدُّيُونِ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ وَيَأْبَى الْبَعْضُ وَإِذَا فَلَّسَ لِلْبَعْضِ فَلِلْآخَرِينَ مُحَاصَّةُ الْقَائِمِ؛ لِأَنَّ تَفْلِيسَهُ لِوَاحِدٍ تَفْلِيسٌ لِلْجَمِيعِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ تَفْلِيسُهُ بِهِ قَدْ حَلَّ أَصَالَةً أَوْ لِانْتِهَاءِ أَجَلِهِ إذْ لَا عَجْزَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلِ الشَّرْطِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْحَالُّ زَائِدًا عَلَى مَالِ الْمُفْلِسِ إذْ لَا حَجْرَ بِالدَّيْنِ الْمُسَاوِي أَوْ بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الْحَالِ مَا لَا يَفِي بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ مَثَلًا عَلَيْهِ مِائَتَانِ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ وَمَعَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَالْبَاقِي بَعْدَ وَفَاءِ الْمِائَةِ الْحَالَّةِ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيُفَلَّسُ وَلَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُؤَجِّلِ شَيْءٌ الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُلِدًّا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَحُكْمُهُ فِيهَا كَالْحَضَرِ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ وَيَكْشِفُ عَنْ حَالِهِ أَوْ بَعِيدَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>