للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِوَدِيعَةٍ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَالرِّبْحُ لَهُ) لِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَقَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ عَيْنًا) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ: فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ، وَمَنْ اتَّجَرَ بِوَدِيعَةٍ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قَالَهُ ق: وَقَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ عَيْنًا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَرْضًا إذْ لَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ لَهُ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ (وَإِنْ بَاعَ) الْمُودَعُ (الْوَدِيعَةَ وَهِيَ عَرْضٌ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي) أَخْذِ (الثَّمَنِ) الَّذِي بَاعَهَا بِهِ (أَوْ) فِي أَخْذِ (الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي) هَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى اللُّقَطَةِ فَقَالَ: (وَمَنْ وَجَدَ لُقَطَةً) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَا يُلْتَقَطُ (فَلْيُعَرِّفْهَا) وُجُوبًا لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ فَيَسْتَأْجِرُ مِنْهَا (سَنَةً) عَقِبَ الِالْتِقَاطِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ لُقَطَةَ مَكَّةَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ لِلْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ فِي اللُّقَطَةِ. وَقِيلَ: تُعَرَّفُ لُقَطَتُهَا أَبَدًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَوْ أُعْتِقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَلَوْ قَبِلَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا إلَّا أَنْ يَصُونَا بِهِمَا مَالَهُمَا فَيَضْمَنَانِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِمَّا يَصُونَا لَا إنْ تَلِفَ مَا يَصُونَاهُ وَاسْتَفَادَا غَيْرَهُ.

[قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ] الصَّوَابُ أَنَّ التِّجَارَةَ الْوَدِيعَةِ مَكْرُوهَةٌ كَانَتْ مِمَّا يَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا أَوْ يُكْرَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَفِ وَالتَّجْرِ أَنَّ الْمُتَسَلِّفَ بِقَصْدِ تَمَلُّكِهَا وَأَنْ يَصْرِفَهَا فِيمَا يَصْرِفُ فِيهِ مَالَهُ، وَالْمُتَّجِرُ إنَّمَا قَصَدَ تَحْرِيكَهَا [قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ لَهُ] أَيْ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: إذْ لَا يَكُونُ أَسْوَأَ إلَخْ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ تِجَارَةَ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ عَرْضًا مَكْرُوهَةً، فَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَوْلَى الْمُودَعُ أَيْ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءُ الْحُرْمَةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَصِيُّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّجْرُ بِمَالِ الصَّبِيِّ لِنَفْسِهِ فَأَوْلَى الْغَاصِبُ فَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا اتَّجَرَ بِالدَّنَانِيرِ مَثَلًا وَتَحَصَّلَ مِنْهَا رِبْحٌ فَهُوَ لَهُ، فَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَهُ الرِّبْحُ فَأَوْلَى الْمُودَعُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا فَاتَتْ إلَخْ] الْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ الْفَوَاتِ يَجِبُ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ أَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ رَدُّ الْبَيْعِ، وَكَذَا كُلُّ مُتَعَدٍّ بِالْبَيْعِ عَلَى سِلَعِ غَيْرِهِ وَلَوْ غَاصِبًا، وَمَحِلُّ تَخْيِيرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ مَا لَمْ يَحْضُرْ عَقْدَ الْبَيْعِ أَوْ يَبْلُغْهُ الْبَيْعُ وَيَسْكُتُ مُدَّةً بِحَيْثُ يُعَدُّ رَاضِيًا وَإِلَّا لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَأَخْذُ مَا بِيعَتْ بِهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا

[أَحْكَام اللُّقَطَة]

[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى اللُّقَطَةِ] الِالْتِقَاطُ وُجُودُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا وَلَا نَعَمًا بَلْ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ رَقِيقًا صَغِيرًا وُجِدَتْ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ الْخَرَابِ أَوْ سَاحِلِ الْبَحْرِ وَعَلَيْهَا عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لَا نَحْوَ عَنْبَرٍ فَلَوْ وَجَدَهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ: مَالُ اللَّقِيطِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مُحْتَرَمٌ مَالُ الْحَرْبِيِّ فَلَيْسَ بِلُقَطَةٍ، بَلْ إمَّا فَيْءٌ أَوْ غَنِيمَةٌ وَخَرَجَ الْآبِقُ وَهُوَ الرَّقِيقُ الْكَبِيرُ فَلَا يُقَالُ لَهُ لُقَطَةٌ كَمَا خَرَجَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً، فَالْمُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ أَرْبَعَةٌ لُقَطَةٌ وَلَقِيطٌ وَآبِقٌ وَضَالَّةٌ فَاللُّقَطَةُ تَقَدَّمَ حَدُّهَا، وَأَمَّا اللَّقِيطُ فَهُوَ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبَوَاهُ وَلَا رِقُّهُ، أَمَّا لَوْ عُلِمَ رِقُّهُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ لُقَطَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ آبِقٌ وَحَدُّهُ رَقِيقٌ كَبِيرٌ مُحْتَرَمٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ وَالضَّالَّةُ نَعَمٌ مُحْتَرَمٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ] أَيْ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ [قَوْلُهُ: بِضَمِّ اللَّامِ إلَخْ] وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخَرُ لُقْطَةٌ بِسُكُونِ الْقَافِ وَلُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَلَقَاطَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ [قَوْلُهُ: فَلْيُعَرِّفْهَا وُجُوبًا] أَيْ عَلَى الْفَوْرِ فَلَوْ تَوَانَى حَتَّى ضَاعَتْ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا قَالَهُ تت.

وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ [قَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -] أَيْ فَفِي الْمُوَطَّأِ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِقَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» إلَخْ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ.

[قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُعْرَفُ فَإِمَّا أَنْ يُعَرِّفَ أَوْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ عِنْدِهِ مَنْ يُعَرِّفُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُعَرِّفُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْهَا وَإِذَا دَفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ كَالْوَدِيعَةِ يَضْمَنُهَا بِدَفْعِهَا لِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ لَمْ يَأْمَنْهُ رَبُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>