للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ: بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا دُونَ تَعْرِيفٍ بَلْ لَا تُؤْخَذُ إلَّا لِصَاحِبِهَا أَيْ لِتُعْرَفَ لَهُ

وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَرَّةً وَالتَّعْرِيفُ سَنَةً مُخْتَصٌّ بِالْكَثِيرِ، وَأَمَّا التَّافِهُ كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ فَلَا يُعَرَّفُ وَمَا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ يُعَرَّفُ سَنَةً عَلَى قَوْلٍ وَدُونَ السَّنَةِ عَلَى آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقَطُ مِمَّا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ كَاللَّحْمِ وَالْفَاكِهَةِ فَيَأْكُلُهُ وَلَا يُعَرِّفُهُ، وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ (بِمَوْضِعٍ يَرْجُو التَّعْرِيفَ بِهَا) وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اُلْتُقِطَتْ فِيهِ وَأَبْوَابُ الْمَسَاجِدِ، وَإِذَا عَرَّفَهَا لَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا بَلْ يَقُولُ: مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ (فَإِنْ تَمَّتْ سَنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ لَهَا أَحَدٌ فَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا) عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ رَبِّهَا، ظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ حَبْسِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ.

[قَوْلُهُ: إلَّا لِمُنْشِدٍ] أَيْ مَنْ يُرِيدُ تَعْرِيفَهَا

[قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ] سَبَبُ تَنْبِيهِ الشَّارِعِ عَلَى خُصُوصِ لُقَطَةِ مَكَّةَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ حَتَّى فِي غَيْرِهَا أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ تُوجَدُ كَثِيرًا فِي الْحَرَمِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الَّذِي قُطْرُهُ بَعِيدٌ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ مَرَّةً أُخْرَى فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكْثُرُ أَخْذُهَا بُنَيَّةِ التَّمَلُّكِ فَنَبَّهَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا بِهَذَا الْقَصْدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ] هَذَا إذَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ وَإِلَّا فَالتَّعْرِيفُ إثْرَ الِالْتِقَاطِ فِي كُلِّ يَوْمٍ.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّافِهُ إلَخْ] أَيْ الَّذِي لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: وَدُونَ السَّنَةِ عَلَى آخَرَ] وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَالرَّاجِحُ أَنَّ مَا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ وَالدُّرَيْهِمَاتِ وَالدَّنَانِيرِ يُعَرَّفُ أَيَّامًا هِيَ مَظِنَّةُ طَلَبِهِ وَلَا يُعَرَّفُ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَاسْتَظْهَرَهُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ [قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُهُ وَلَا يُعَرِّفُهُ أَصْلًا] وَلَا اسْتِينَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.

وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ: يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ بِأَكْلِهِ يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ إتْيَانِ صَاحِبِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَكَلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَلَا يَأْكُلُهُ وَوَقَفَ ثَمَنَهُ كَمَا فِي عج.

[قَوْلُهُ: يَرْجُو التَّعْرِيفَ] أَيْ ثَمَرَةَ التَّعْرِيفِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اُلْتُقِطَتْ فِيهِ وَتُعَرَّفُ بِالْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا.

[قَوْلُهُ: وَأَبْوَابُ الْمَسَاجِدِ] لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا وُجِدَتْ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الشِّرْكِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ دَفْعُهَا لِعَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ عَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ لَمْ يَأْثَمْ.

[قَوْلُهُ: لَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا] وَأَوْلَى النَّوْعُ وَلَا مَا يُؤَدِّي لِمَعْرِفَتِهَا.

تَنْبِيهٌ: تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الِالْتِقَاطِ وَحَاصِلُهُ إنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ مُطْلَقًا، وَإِنْ شَكَّ فِيهَا كُرِهَ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ فَيَجِبُ إنْ خَافَ الْخَائِنَ وَإِلَّا كُرِهَ، وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا أَوْ رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ وَضَاعَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، وَفَائِدَةُ الْحُرْمَةِ أَنَّهُ إنْ أَخَذَهَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ.

وَأَمَّا فِي الْمَكْرُوهِ فَلَا يَضْمَنُهَا بِتَرْكِهَا وَإِنَّمَا يَضْمَنُهَا إذَا أَخَذَهَا وَرَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَضَاعَتْ.

وَلَوْ ضَاعَتْ عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ زَمَنَ تَعْرِيفِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَدَّى أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا كَمَا إذَا أَخَذَهَا لِيَتَمَلَّكَهَا فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ بِضَمَانِهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِشَبَهِهِ بِالْغَاصِبِ، فَلَوْ تَنَازَعَ مَعَ رَبِّهَا بَعْدَ ضَيَاعِهَا أَوْ تَلَفِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهَا لِيُعَرِّفَهَا وَادَّعَى رَبُّهَا أَنَّهُ أَخَذَهَا بِقَصْدِ تَمَلُّكِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: سَنَةً] أَيْ أَوْ أَيَّامًا فِيمَا يُعَرَّفُ أَيَّامًا.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا] أَيْ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ مَحِلُّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ بِيَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا حَبْسُهَا لِرَبِّهَا أَوْ بَيْعُهَا وَحَبْسُ ثَمَنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِرَبِّهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَدُّقُ وَلَا تَمَلُّكُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>