للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحِ مِمَّنْ شَاءَ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ (بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَإِنْ بَلَغَتْ) وَلَوْ عَانِسًا مَا لَمْ يَضُرُّ بِهَا أَمَّا إذَا أَضَرَّ بِهَا كَتَزْوِيجِهَا مِنْ مَجْبُوبٍ أَوْ أَبْرَصَ وَنَحْوِهِمَا، فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا وَالْعَانِسُ هِيَ الَّتِي طَالَ مُكْثُهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّعْنِيسِ فَقِيلَ: ثَلَاثُونَ سَنَةً وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ شَاءَ شَاوَرَهَا) عَائِدٌ عَلَى الْبَالِغَةِ فَقَطْ وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ مِنْ غَيْرِ أَرْجَحِيَّةٍ، وَاَلَّذِي فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِئْذَانُهَا (وَأَمَّا غَيْرُ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ وَصِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى تَبْلُغَ، وَتَأْذَنَ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا) وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيِّ مِثْلُهُ.

قَوْلُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْمَعْلُومِيَّة لَا خَمْرٌ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً، وَلَا آبِقٌ، وَثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ.

[الْوِلَايَة فِي النِّكَاح]

[قَوْلُهُ: مِمَّنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ] فَلَهُ تَزْوِيجُهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهَا قَدْرًا وَحَالًا، وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلِضَرِيرٍ، وَقَبِيحِ مَنْظَرٍ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا بِرُبُعِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفًا، وَلَا كَلَامَ لَهَا، وَلَا لِغَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتَارَ لِمَنْ هُوَ مُوَلًّى عَلَيْهَا سَالِمًا، كَمَا أَشَارَ لَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَالَ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْأَبِ أَنْ لَا يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ مِنْ قَبِيحِ الْمَنْظَرِ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَشَلَّ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى ذَلِكَ عَلَيْهَا. اهـ.

[قَوْلُهُ: كَتَزْوِيجِهَا مِنْ مَجْبُوبٍ] وَمِثْلُهُ الْخَصِيُّ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ، إذَا كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يُمْنِي فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: أَوْ أَبْرَصَ] مُحَقَّقٌ، وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِمَا أَيْ مِنْ مَجْنُونٍ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ أَوْ مَجْذُومٍ بَيِّنًا، وَلَوْ لِمِثْلِهَا وَكَذَا عِنِّينٌ.

[قَوْلُهُ: فِي حَدِّ التَّعْنِيسِ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَبْدَأُ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ] عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، أَوْ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ أَوْ مِنْهَا لِلسِّتَّيْنِ. أَقْوَالٌ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّحْدِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُجْبِرُ الْبِكْرَ، وَلَوْ بَلَغَتْ أَلْفَ عَامٍ. [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْبَالِغِ فَلَا يُنْدَبُ مُشَاوَرَتُهَا. [قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِئْذَانُهَا] أَيْ تَطْيِيبًا لِنَفْسِهَا، وَقِيلَ؛ لِيَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: الْكَلَامُ فِي بِكْرٍ لَمْ تُزَوَّجْ أَصْلًا أَوْ زُوِّجَتْ، وَطَلُقَتْ قَبْلَ إقَامَةِ سَنَةٍ، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَتْ سَنَةً، وَلَمْ يَمَسَّهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ السَّنَةِ عِنْدَ الزَّوْجِ مِنْ بُلُوغِهَا بِمَنْزِلِهِ الْوَطْءِ فِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ وَعَدَمِ جَبْرِ الْأَبِ. [قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ] أَيْ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ قَاضٍ [قَوْلُهُ: وَتَأْذَنُ] أَيْ لِذَلِكَ الْغَيْرِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ، وَيُعَيِّنُ لَهَا الزَّوْجَ، وَيُسَمِّي لَهَا الصَّدَاقَ وَتَرْضَى بِهِمَا.

وَقَوْلُهُ: وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا أَيْ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُنَّ مِنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ النُّطْقِ، وَلِمَا يَلْحَقُهَا بِهِ مِنْ الْحَيَاءِ، وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ فُقِدَ أَوْ أُسِرَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً، كَإِفْرِيقِيَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْبِكْرِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَائِبَةً، وَإِذَا سَكَتَتْ حَتَّى عُقِدَ عَلَيْهَا. ثُمَّ قَالَتْ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الصَّمْتَ إذْنٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا ذَلِكَ، وَلَوْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ، وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ نَعَمْ يُنْدَبُ إعْلَامُهَا أَنَّ صَمْتَهَا إذْنٌ مِنْهَا فَيُقَالُ لَهَا: إنَّ فُلَانًا خَطَبَك عَلَى صَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا الْمُعَجَّلُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ كَذَا فَإِنْ رَضِيَتِي فَاصْمُتِي، وَإِنْ كَرِهْتِي فَانْطِقِي، وَإِنْ مَنَعَتْ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ نَفَرَتْ، بِأَنْ قَامَتْ أَوْ غَطَّتْ وَجْهَهَا حَتَّى ظَهَرَ كَرَاهَتُهَا لَمْ تُزَوَّجْ لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا بَكَتْ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَتَقُولُ: فِي نَفْسِهَا لَوْ كَانَ أَبِي حَيًّا لَمَا احْتَجْت لِذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: الْأَصْلُ صَمْتُهَا كَإِذْنِهَا فَشَبَّهَ الصُّمَاتَ بِالْإِذْنِ شَرْعًا، ثُمَّ حَذَفَ مِنْهُ حَرْفَ التَّشْبِيهِ وَجَعَلَهُ مُبْتَدَأً، ثُمَّ قَدَّمَ مُبَالَغَةً، وَالْمَعْنَى هُوَ كَافٍ فِي الْإِذْنِ. اُنْظُرْ الْمِصْبَاحَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>