للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهِ إلَّا فِي الْجَوَارِي (وَكَذَلِكَ تُرَابُ الْفِضَّةِ) ك: أَيْ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي رِوَايَتِنَا

(وَلَا تَجُوزُ الْوَضِيعَةُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى تَعْجِيلِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ضَعْ وَتُعَجَّلْ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَيُسْقِطُ بَعْضَهُ وَيَأْخُذُ بَعْضَهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ فَيَقُولُ لَهُ رَبُّ الدَّيْنِ: عَجِّلْ لِي خَمْسِينَ وَأَنَا أَضَعُ عَنْك خَمْسِينَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ هَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ شَيْئًا قَبْلَ وُجُوبِهِ عُدَّ مُسَلِّفًا فَكَأَنَّ الدَّافِعَ أَسْلَفَ رَبَّ الدَّيْنِ خَمْسِينَ لِيَأْخُذَ مِنْ ذِمَّتِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ مِائَةً فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ رَدَّ إلَيْهِ مَا أَخَذَ مِنْهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ أَوَّلًا وَهِيَ الْمِائَةُ

(وَ) كَذَلِكَ (لَا) يَجُوزُ (التَّأْخِيرُ بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ (عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ) كَمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَخِّرْنِي وَأَزِيدَكَ بِفَتْحِ الدَّالِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَك عَلَى شَخْصٍ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ: أَخِّرْنِي وَأَنَا أُعْطِيك أَكْثَرَ مِمَّا لَك عَلَيَّ

(وَ) كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ (تَعْجِيلُ عَرَضٍ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدَك مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ لَك عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ ثَوْبٍ مَوْصُوفَةٍ فَيَقُولُ لَك: خُذْ ثِيَابَك فَتَقُولُ لَهُ أَنْتَ: اُتْرُكْهَا عِنْدَك لَا حَاجَةَ لِي بِهَا الْآنَ، فَيَقُولُ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ: خُذْهَا وَأَزِيدَك عَلَيْهَا خَمْسَةً مَثَلًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْخَمْسَةَ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (وَلَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِ ذَلِكَ) الْعَرَضِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا (إذَا كَانَ) الْعَرَضُ (مِنْ قَرْضٍ) ، وَالْآخَرُ (إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الصِّفَةِ) مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الثِّيَابُ دَنِيَّةً،

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يَكُونَ إلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَطُولَ الْأَمَدُ وَهِيَ عِنْدَهُ فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّهَا بِعَيْنِهَا اهـ.

[تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ]

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازَهُ [قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ دَيْنٌ] عَرْضًا أَوْ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، فَإِنَّ ضَعْ وَتُعَجَّلْ يَدْخُلُهُمَا بِخِلَافِ حُطَّ الضَّمَانَ عَنِّي وَأَزِيدَك فَهُوَ خَاصٌّ بِالْبَيْعِ.

[قَوْلُهُ: فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ] . وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا التَّفَاضُلُ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْفِضَّتَيْنِ وَيَدْخُلُهُ النَّسَاءُ فَهِيَ ثَلَاثُ عِلَلٍ، وَيَدْخُلُ فِي الطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ الْعِلَلُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ دَخَلَهُ عِلَّتَانِ مِنْ الثَّلَاثِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَالنَّسَاءُ، وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ بَيْعٍ دَخَلَهُ أَرْبَعُ عِلَلٍ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ، وَالرَّابِعُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ عَرْضًا دَخَلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً [قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ رُدَّ إلَيْهِ] ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْبَاقِيَ الَّذِي كَانَ أَسْقَطَ عَنْهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ

[قَوْلُهُ: عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ] كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، كَانَ مِنْ عَيْنٍ أَوْ غَيْرِهَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمِدْيَانِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ فَسْخَ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ أَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ أَجَلًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَوْ مَعَ تَرْكِ بَعْضِهِ لَا حُرْمَةَ فِيهِ بَلْ مَنْدُوبٌ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الزِّيَادَةِ] كَانَتْ فِي الْكَمِّيَّةِ أَوْ فِي الْكَيْفِيَّةِ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَالشَّارِحُ مَثَّلَ لِلْأُولَى. وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَيْ أَوْ مِنْ سَلَمٍ، وَمِثَالُ الزِّيَادَةِ مِنْ الْجِنْسِ كَيْفًا أَنْ تُعَجِّلَ الْعَدَدَ عَلَى وَصْفٍ أَجْوَدَ مِنْ الْمُشْتَرَطِ، وَمِثَالُهَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَنْ يُعَجِّلَ الْأَثْوَابَ عَلَى وَصْفِهَا مَعَ زِيَادَةِ دِرْهَمٍ أَوْ طَعَامٍ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ أَنَّ التَّعْجِيلَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ جَائِزٌ حَيْثُ رَضِيَ الْمُسَلَّمُ بِتَعْجِيلِهَا قَبْلَ أَجَلِهَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّهِمَا فِي الْعُرُوضِ، وَأَمَّا التَّعْجِيلُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَقَلَّ عَدَدًا أَوْ أَدْنَى صِفَةً فَيَمْتَنِعُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ] فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الضَّمَانِ؟ قُلْت: إسْقَاطُ الضَّمَانِ لَيْسَ مُتَمَوَّلًا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِعِوَضٍ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَخْذُ عِوَضِهِ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْعَرْضُ مِنْ قَرْضٍ] ؛ لِأَنَّ تُهْمَةَ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدَك لَا تَكُونُ فِي دَيْنِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَمَنْ حَقِّهِمَا، وَلِذَلِكَ لَوْ عَجَّلَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ قَبْلَ أَجَلِهِ وَفِي مَحَلِّهِ يَلْزَمُ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ إنْ كَانَ جَمِيعَ الْحَقِّ أَوْ بَعْضَهُ لِعُسْرِهِ بِالْبَاقِي. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الصِّفَةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>