للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلَفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ خَشِيَ تَوَهُّمَ طَرْدِ ذَلِكَ رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالسَّلَفُ) بِمَعْنَى الْقَرْضِ وَهُوَ دَفْعُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى لِيَنْتَفِعَ بِهِ آخُذُهُ ثُمَّ يَرُدُّ لَهُ مِثْلَهُ أَوْ عَيْنَهُ (جَائِزٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ (فِي كُلِّ شَيْءٍ) مِنْ سَائِرِ الْمُمْتَلَكَاتِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا (إلَّا فِي الْجَوَارِي) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَرْضُ لِامْرَأَةٍ أَوْ لِذِي مَحْرَمٍ أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْكِرَاءَ لَيْسَا مِنْ الْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ بَلْ النِّكَاحُ، وَالشِّرْكَةُ، وَالْقِرَاضُ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَالصَّرْفُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ السَّلَفِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ كُلَّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَمْتَنِعُ جَمْعُهُ مَعَ السَّلَفِ، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ السَّلَفِ مَعَ الصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ إنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ أَوْ الْوَاهِبِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ جَمْعُ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فِي النَّظْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ:

عُقُودٌ مَنَعْنَاهَا مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ ... وَيَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ جَصٌّ مُشَنَّقُ

فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ ... نِكَاحٌ قِرَاضٌ مَنْعُ هَذَا مُحَقَّقُ

، وَكَذَا لَا يَجُوزُ جَمْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا مَعَ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: خُشِيَ تَوَهُّمُ طَرْدِ ذَلِكَ] أَيْ اسْتِمْرَارُ الْمَنْعِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ. [قَوْلُهُ: وَالسَّلَفُ جَائِزٌ] وَيَمْلِكُ الْمُقْتَرِضُ الشَّيْءَ الْمُقْرَضَ بِالْقَوْلِ، وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ مُدَّةً ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَجْرَى عَلَى الْعَارِيَّةِ الْمُنْتَفِي فِيهَا شَرْطُ الْأَجَلِ، وَالْعَادَةِ، وَفِيهَا خِلَافٌ فَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ، وَلَوْ بِالْقُرْبِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْقِيَهُ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَعَارَهُ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَمَلِ بِالْعَادَةِ إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ الْعَادَةُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا اهـ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْقَرْضِ] يُوهِمُ أَنَّ فِي السَّلَفِ إجْمَالًا بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: بِمَعْنًى وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ السَّلَمُ. [قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَعَبَّرَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ، وَالطَّاعَةُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَأْمُورُ، وَالْعِبَادَةُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ مَعَ مَعْرِفَةِ الْآمِرِ وَمَعَ النِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ: لِلَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُرْبَةِ بِمَعْنَى التَّقَرُّبِ وَقَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ بِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ دَفْعُ الْمَالِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِلَّهِ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ دَفْعُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ تَعْلِيلٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ [قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ] أَيْ لِقَصْدِ أَنْ يَنْتَفِعَ انْتَفَعَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَانْطَبَقَ عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَأَرَادَ تَعْرِيفَ الْقَرْضِ الْجَائِزِ شَرْعًا فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَيْنُهُ فَيَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَيْنَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَاسْتَظْهَرُوا وُجُوبَ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ [قَوْلُهُ: أَيْ مَنْدُوبٌ] لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، أَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَائِزِ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيصَالِ النَّفْعِ لِلْمُقْتَرِضِ وَتَفْرِيجِ كُرْبَتِهِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ أَوْ حُرْمَتَهُ أَوْ كَرَاهَتَهُ وَتَعَسُّرَ إبَاحَتِهِ [قَوْلُهُ: الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ، وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ فَيَدْخُلُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغُ وَلَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَمِلْءُ الظَّرْفِ الْمَجْهُولِ [قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجَوَارِي] فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَتُرَدُّ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْقِيمَةُ وَلَا تُرَدُّ كَاسْتِيلَادِهَا وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ وَلَدِهَا وَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَا الْقِيمَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُقْتَرِضِ بِفَوَاتِهَا بِوَطْءٍ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَغَيْبَتِهِ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا إلَّا فِيمَا إذَا فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ] أَيْ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ نَفْسَ الذَّاتِ الْمُقْتَرَضَةِ وَرُبَّمَا يَكُونُ رَدُّهَا بَعْدَ التَّلَذُّذِ [قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>