للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَعْقِلُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِخَطَرٍ أَوْ غَرَرٍ) أَيْ وَكَانَ فِيهِ خَطَرٌ أَوْ غَرُورُهُمَا لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَا جُهِلَتْ عَيْنُهُ وَقِيلَ: مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَامَةِ، وَالْعَطَبِ (فِي ثَمَنٍ أَوْ مَثْمُونٍ أَوْ أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ) مِثَالُهُ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَةً بِبَعِيرِهِ الشَّارِدِ، وَمِثَالُهُ فِي الْمَثْمُونِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَبْدَهُ الْآبِقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَمِثَالُهُ فِي الْأَجَلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَةً إلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَلَا يَدْرِي مَتَى يَقْدَمُ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ وَلَا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ) مُكَرَّرٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا قَبْلَهُ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فَقَالَ: (وَلَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ التَّدْلِيسُ) وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ بِسِلْعَتِهِ عَيْبًا فَيَكْتُمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي (وَلَا) يَجُوزُ (الْغِشُّ) وَهُوَ أَنْ يَخْلِطَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَخَلْطِ الْعَسَلِ بِالْمَاءِ (وَلَا) تَجُوزُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَعَدَمِهِ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْمَدِّ تَكُونُ الْهَمْزَةُ مَكْسُورَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَعَ عَدَمِ الْمَدِّ تَكُونُ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةً وَهُوَ أَجْرٌ عَلَى وَزْنِ فَلْسٍ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَيُسْتَعْمَلُ الْأَجْرُ بِمَعْنَى الْإِجَارَةِ وَبِمَعْنَى الْأُجْرَةِ وَجَمْعُهُ أُجُورٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ اهـ.

[قَوْلُهُ: أَوْ بِكِرَاءٍ] فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ أَيْ كَسَفِينَةٍ. [قَوْلُهُ: وَهُمَا لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِأَوْ يُنَافِي ذَلِكَ.

فَالْمُنَاسِبُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ، فَالْخَطَرُ مَا لَمْ يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ كَقَوْلِهِ: بِعْنِي فَرَسَك بِمَا أَرْبَحُ غَدًا، وَالْغَرَرُ مَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ وَشَكَّ فِي تَمَامِهِ كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَامَةِ] ، وَالْعَطَبِ هَذَا لَا يَشْمَلُ الْأَجَلَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَرَدُّدٌ بَيْنَ السَّلَامَةِ، وَالْعَطَبِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ فَاسِدِ بَيْعِ الْجُزَافِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْغَرَرَ بِقَوْلِهِ: مَا شَكَّ فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ أَوْ الْمَقْصُودِ مِنْهُ غَالِبًا، مِثَالُ الْأَوَّلِ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، وَمِثَالُ الثَّانِي بَيْعُ الْحَيَوَانِ الَّذِي فِي السِّبَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ] خَبَرُ كُلٍّ الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً وَقَرَتَهُ بِالْفَاءِ لِمَا فِي كُلٍّ مِنْ الْعُمُومِ فَاكْتَسَبَ شَبَهًا بِالشَّرْطِ. [قَوْلُهُ: وَمِثَالُهُ إلَخْ] مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ هُوَ فِي الْبَيْعِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِثَالَيْ الثَّمَنِ، وَالْمَثْمُونِ يَأْتِيَانِ عَلَى التَّعْرِيفِ الثَّانِي لِلْغَرَرِ، وَمِثَالُ الْأَجَلِ يَأْتِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا جُهِلَتْ عَيْنُهُ مَعْنَاهُ شَيْءٌ جُهِلَتْ عَيْنُهُ فَيُصَدَّقُ بِقُدُومِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ قُدُومَ زَيْدٍ مِنْ حَيْثُ زَمَنُهُ مَجْهُولٌ.

قَالَ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي: وَمِثَالُ الْغَرَرِ فِي الْإِجَارَةِ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِعَبْدٍ آبِقٍ، وَمِثَالُهُ فِي الْمَثْمُونِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لِشَيْءٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَلَا يُسَمِّي لَهُ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ، وَمِثَالُهُ فِيهَا فِي الْأَجَلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَمِثَالُهُ فِي الْكِرَاءِ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا بِجَنِينٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ، وَمِثَالُهُ فِي الْمَثْمُونِ أَنْ يَكْتَرِيَ حَانُوتًا وَلَا يُسَمِّيَ مَا يَضَعُ فِي الْحَانُوتِ وَلَا مَا يَزْرَعُ فِي الْأَرْضِ وَلَا عَادَةً، وَمِثَالُهُ فِي الْأَجَلِ أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَارًا أَوْ أَرْضًا إلَى أَنْ يَقْدَمَ غُلَامُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ] كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا. وَقَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ كَبَيْعِ مَا فِي صُنْدُوقِهِ أَوْ مَا فِي يَدِهِ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ارْتَكَبَهُ إيضَاحًا لِلْمُبْتَدِي.

تَنْبِيهٌ:

حُكْمُ مَا فِي الْغَرَرِ الْفَسْخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، فَإِنْ حَصَلَ الْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ الذَّاتِ فِي الْبَيْعِ أَوْ اُسْتُوْفِيَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْإِجَارَةِ، وَالْكِرَاءِ فَالْوَاجِبُ فِي الْبَيْعِ غُرْمُ قِيمَةِ السِّلْعَةِ حَيْثُ اُتُّفِقَ عَلَى الْفَسَادِ، أَوْ الثَّمَنُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ، وَالْوَاجِبُ فِي الْمَنَافِعِ أُجْرَةُ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ إلَّا الْغَرَرُ الْيَسِيرُ لِلْحَاجَةِ لَمْ يُقْصَدْ فَلَا يَضُرُّ كَأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَكَالْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ، وَأَمَّا السَّمَكُ فِي الْمَاءِ، وَالطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ فَمُمْتَنِعٌ إجْمَاعًا. وَقُلْنَا لَمْ يُقْصَدْ احْتِرَازًا عَنْ يَسِيرٍ يُقْصَدُ كَشِرَاءِ حَيَوَانٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ حَيْثُ كَانَ حَمْلُهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا قَبْلَهُ] أَيْ لِأَنَّ هَذَا فِي الْبَيْعِ فَقَطْ، وَمَا تَقَدَّمَ أَعَمُّ.

[مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فِي الْبَيْع]

[قَوْلُهُ: كَخَلْطِ الْعَسَلِ بِالْمَاءِ] أَوْ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ، وَكَسَقْيِ الْحَيَوَانِ عِنْدَ بَيْعِهِ لِيَظْهَرَ أَنَّهُ سَمِينٌ، وَكَتَطْرِيزِ الْكِتَابِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مُقَابَلٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>