[٢٥ - بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) وَبَيَانِ نِصَابِهَا وَبَيَانِ مَا تُزَكَّى بِهِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِبَابٍ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مُخْتَلِفٌ فِيهَا، وَبَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ: (وَزَكَاةُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَرِيضَةٌ) تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ وَشُرُوطُ وُجُوبِهَا فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَحْصُورَةٌ فِيمَا ذَكَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ صَدَقَةٌ» .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ النَّعَمِ وَالْوَحْشِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ سُقُوطُ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْمَاشِيَةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُوفَةً أَوْ عَامِلَةً فِيهَا الزَّكَاةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا زَكَاةَ فِي الْعَامِلَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» أَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِمَنْعِ كَوْنِ الْمَفْهُومِ حُجَّةً سَلَّمْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ فَقَدْ عَارَضَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]
بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ نِصَابِهَا إلَخْ] مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّرْجَمَةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُشِيرَ إلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا كَأَنْ يَقُولَ بَابٌ فِي بَيَانِ الْمَاشِيَةِ مِنْ حَيْثُ حُكْمُهَا وَنِصَابُهَا وَمَا تُزَكَّى بِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَذَلِكَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ] أَيْ مُفْرَدَةً هَذَا مُرَادُهُ لَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهَا وَرَدَتْ مُفْرَدَةً بِبَابٍ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحَدِيثِ كُتُبَهُ [قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مُخْتَلِفٌ] أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا ضَابِطَ مُعَيَّنٌ بِعُشْرٍ أَوْ نِصْفِهِ وَرُبْعِ عُشْرٍ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا] وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: تَجِبُ فِي الْخَيْلِ إذَا كَانَتْ سَائِمَةً أَوْ رَاعِيَةً ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَقَطْ مُتَّخَذَةً لِلنَّسْلِ دِينَارٌ فِي كُلِّ فَرَسٍ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَخْرَجَ عَنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. [قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ] قَالَ شَارِحُ الْحَدِيثِ: رَقِيقُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي فَرَسِهِ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَمْعُهُ الْخَيْلُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْفَرَسِ اسْمُ الْجِنْسِ فَلَا زَكَاةَ فِي الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا، وَخُصَّ الْمُسْلِمُ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ تَكْلِيفَ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ كَافِرًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يُسْلِمَ، وَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَتْ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ اهـ.
[قَوْلُهُ: فِيهِ الزَّكَاةُ] ظَاهِرُهُ كَانَتْ الْأُمُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ لَا، وَهَذَا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مِنْ النَّعَمِ فَالزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا. [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ] أَيْ مَذْهَبُنَا أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، فَإِنْ قُلْت فَهَلَّا فَسَّرْته بِالرَّاجِحِ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ التَّعْبِيرِ وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، قُلْت: الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَابَلَهُ بِالْمُخَالِفِ، وَلَوْ أَرَادَ مَا ذَكَرْته لَقَابَلَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لَا زَكَاةَ فِي الْعَامِلَةِ] أَيْ وَالْمَعْلُوفَةِ وَلَعَلَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَوْلَى لَمْ يَذْكُرْهَا [قَوْلُهُ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ فَقَدْ عَارَضَهُ إلَخْ] لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَقْدِيمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ فِي الِاحْتِجَاجِ، وَأُجِيبَ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّةِ الْمَفْهُومِ أَنَّ التَّقَيُّدَ بِالسَّائِمَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا لِلِاحْتِرَازِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْعَامِ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ السَّوْمُ وَالتَّقَيُّدُ إذَا كَانَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute