بَالِغًا احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرِ وَلَوْ كَانَ مُطِيقًا لِلْوَطْءِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِكَوْنِهِمَا غَيْرَ مُشْرِفَيْنِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا مَرَضًا يُشْرِفُ مَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ.
(وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ) مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (وَهُوَ أَنْ يَعْقِدَاهُ) بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ أَيْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ، وَيُرْوَى يَعْقِدُهُ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ أَيْ الزَّوْجُ (وَلَا يَذْكُرَانِ صَدَاقًا) اسْتَشْكَلَ إثْبَاتُ النُّونِ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْصُوبِ وَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ صَدَاقًا أَمَّا أَنْ يُصَرِّحَا مَعَ ذَلِكَ بِالتَّفْوِيضِ نَحْوَ أَنْكَحْتُك وَلِيَّتِي عَلَى التَّفْوِيضِ وَلَا نَحْوَ زَوَّجْتُك وَلِيَّتِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَهْرٍ، وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي الْوَجْهَيْنِ.
أَمَّا لَوْ صَرَّحَا بِاشْتِرَاطِ إسْقَاطِ الْمَهْرِ لَمَا جَازَ، وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي فَسْخِهِ بَعْدُ (ثُمَّ) إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَصِحَّتِهِ وَوَقَعَ وَمَنَعَتْ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ (لَا يَدْخُلُ بِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا) صَدَاقَ مِثْلِهَا ابْنُ شَاسٍ وَمَعْنَى مَهْرِ الْمِثْلِ الْقَدْرُ الَّذِي يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهَا فِيهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ اعْتِبَارًا أَرْبَعُ مَقَامَاتٍ: الْحَسَبُ وَالْجَمَالُ، وَالْمَالُ وَالدِّينُ وَيُعْتَبَرُ صَدَاقُ الْمِثْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمِيرَاثَ وَغَيْرَهُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ الثَّابِتَةِ بِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
لِلدُّخُولِ فِي نَحْوِ شَهْرٍ مَثَلًا، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرِ إلَخْ] فَالزَّوْجُ الصَّبِيُّ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى وَلِيِّهِ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُسَلِّطَةُ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ وَلِيُّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] ، وَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِ بِإِطَاقَةِ الْوَطْءِ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا إلَخْ] وَالْمُشْرِفُ هُوَ مَنْ بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ أَيْ الْأَخْذِ فِي النَّزْعِ [قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ] هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ دَخَلَ لَا عِبْرَةَ بِالدُّخُولِ.
قَالَ فِي الْأُمَّهَاتِ وَدُخُولُ هَذَا وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ، أُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ. اهـ. فَإِنْ وَطِئَهَا تُكَمِّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ السِّيَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ إلَّا الْمَوْتُ.
تَتِمَّةٌ: يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَخَبْزٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ الصَّحْرَاءِ، إنْ كَانَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَشْرَافِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ، وَإِلَّا لَزِمَهُ إخْدَامُهَا لِذَلِكَ إنْ كَانَ مَلِيًّا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا، وَلَا يَلْزَمُهَا التَّكَسُّبُ كَالْغَزْلِ وَالنَّسْجِ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةَ نِسَاءِ بَلَدِهَا، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فِي غَسْلِ ثِيَابٍ وَخِيَاطَتِهَا.
[نِكَاحُ التَّفْوِيضِ]
[قَوْلُهُ: جَائِزٌ] وَلَوْ مِنْ الْقَادِرِ عَلَى الْمَالِ فِي الْحَالِ [قَوْلُهُ: أَيْ الزَّوْجُ] أَيْ مَعَ الْوَلِيِّ [قَوْلُهُ: اُسْتُشْكِلَ إثْبَاتُ النُّونِ إلَخْ] هَذَا الْإِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ فَلَا إشْكَالَ كَمَا فَعَلَ تت [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ] الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَهْرٍ أَيْ نَحْوِ قَوْلِك كَذَا فِي حَالَةِ كَوْنِك لَمْ تَذْكُرْ مَهْرًا [قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ] أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفَسْخِ، وَأَنَّهُ يَمْضِي بِصَدَاقِ الْمِثْلِ [قَوْلُهُ: وَصِحَّتِهِ] عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ [قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ إلَخْ] أَيْ لَا يَدْخُلُ الزَّوْجُ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَمْكِينُهَا مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ، وَلَوْ رُبُعَ دِينَارٍ.
[قَوْلُهُ: حَتَّى يَفْرِضَ إلَخْ] مَحِلُّ الْفَرْضِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَحِيحًا، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، فَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ وَارِثَةً فَلَا فَرْضَ لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ كَالذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَوْلَانِ قِيلَ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الْمَفْرُوضُ وَصِيَّةً فِي الثُّلُثِ، وَقِيلَ يَبْطُلُ فَرْضُهُ؛ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ، وَلَمْ يَحْصُلْ [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُرَغَّبُ بِهِ مِثْلُهَا فِيهِ] كَذَا فِي نُسَخٍ عِدَّةٍ وَفِي نُسْخَةٍ مَا يَرْغَبُ مِثْلُهُ فِيهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَذَا عَبَّرَ فِي الْمُخْتَصَرِ بِمَا يُوَافِقُهَا [قَوْلُهُ: أَرْبَعِ مَقَامَاتٍ] أَيْ أَحْوَالٍ، وَقَوْلُهُ الْحَسَبُ إلَخْ هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالْمُرُوءَةِ [قَوْلُهُ: وَالْجَمَالُ] أَيْ الْحُسْنُ، وَقَوْلُهُ وَالدِّينُ أَيْ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَنَحْوِهِمَا، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا الْبَلَدُ وَالنَّسَبُ [قَوْلُهُ: يَوْمَ الْعَقْدِ] أَيْ إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّكَاحَ إذَا كَانَ صَحِيحًا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ يَوْمَ الْعَقْدِ، هَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ تَفْوِيضًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، بَلْ وَكَذَا إذَا كَانَ نِكَاحَ تَسْمِيَةٍ، وَإِذَا كَانَ فَاسِدًا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ يَوْمَ الْوَطْءِ كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute