إلَى الْمَنْزِلِ، وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ بِالْعَقْدِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَقِيلَ: لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْخَلْطِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَرَادَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي أَرَادَ أَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ مِنْهُمَا حَتَّى يَحْصُلَ الْخَلْطُ.
وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ: الْعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ مَعَ غَيْرِهِ فَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ، وَمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ مُشَارَكَةٌ كَالْعَبْدِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ. الثَّانِي: الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَكْفِي قَوْلُهُمْ: اشْتَرَكْنَا إذَا كَانَ يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ عُرْفًا، وَكَذَا خَلْطُ الْمَالَيْنِ، وَالْعَمَلُ بِهِمَا. الثَّالِثُ: الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَالُ، وَالْأَعْمَالُ
وَتَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ] أَيْ لِأَنَّهَا قَدْ يَعْرِضُ لَهَا الْوُجُوبُ مَثَلًا [قَوْلُهُ:، وَالْمَشْهُورُ إلَخْ] هَذَا ظَاهِرٌ فِي شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ فَقَطْ [قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْصُلَ الْخَلْطُ إلَخْ] هَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ
[أَرْكَان الشَّرِكَة]
[قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهَا إلَخْ] أَرَادَ بِالرُّكْنِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرْكَانَ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: مَعَ غَيْرِهِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ مُشَارَكَةٌ كَالْعَبْدِ] أَيْ وَلَا يَصِحُّ مُشَارَكَةُ عَبْدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا سَفِيهٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَتَوَكُّلِهِ عَلَى إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ مُرَجَّحَتَيْنِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَحْجُورِ الزَّوْجَةُ فَلَهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي لَوَازِمِ عِصْمَتِهَا، وَأَوْرَدَ شِرْكَةَ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ، وَشِرْكَةَ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ لِصِحَّةِ شِرْكَتِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ تَوَكُّلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ، وَالْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ لَكِنَّ جَوَازَهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَا قَيْدٍ، وَفِي الثَّانِي بِقَيْدِ حُضُورِ الْمُسْلِمِ لِتَصَرُّفِ الْكَافِرِ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْبَتِهِ عَنْهُ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ.
وَتَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَصَلَ لِلْمُسْلِمِ شَكٌّ فِي عَمَلِ الذِّمِّيِّ بِالرِّبَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: ٢٧٩] ، وَإِنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِهِ فِي خَمْرٍ نُدِبَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِرِبْحِهِ وَرَأْسِ الْمَالِ جَمِيعًا لِوُجُوبِ إرَاقَةِ الْخَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالٍ حَلَالٍ، وَإِنْ تَحَقَّقَ عَمَلُهُ بِالرِّبَا وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ فَقَطْ، وَإِنْ تَحَقَّقَ تَجْرُهُ بِخَمْرٍ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ التَّصَدُّقُ بِرَأْسِ مَالِهِ، وَالرِّبْحِ مَعًا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ بَيْنَ مَنْ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَتَوَكُّلُهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِي حُرٍّ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَشِيدٍ غَيْرِ عَدُوٍّ وَلَا كَافِرٍ، وَيَنْفَرِدُ التَّوْكِيلُ فِي عَدُوٍّ وَكَافِرٍ فَإِنَّهُمَا أَهْلُهُ دُونَ التَّوَكُّلِ، وَيَنْفَرِدُ التَّوَكُّلُ فِي مَحْجُورٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ عَلَى إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ [قَوْلُهُ: الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ] الشِّرْكَةُ هِيَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالصِّيغَةُ مِنْ أَرْكَانِهَا، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: الثَّانِي الصِّيغَةُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ إلَخْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الشِّرْكَةِ [قَوْلُهُ: فَيَكْفِي قَوْلُهُمْ اشْتَرَكْنَا] أَيْ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ، أَيْ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: اشْتَرَكْنَا وَهِيَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى،، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا وَقَعَ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ] أَيْ وَهُوَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ. وَقَوْلُهُ، وَكَذَا خَلْطُ الْمَالَيْنِ هَذَا هُوَ الْقَائِمُ مَقَامَ الصِّيغَةِ. وَقَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ الظَّاهِرُ حَذْفُهُ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَالُ، وَالْأَعْمَالُ] أَيْ مَا يَقَعُ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ، وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.
تَنْبِيهٌ:
تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْمُفَاصَلَةَ فَلَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ نَضُوضَ الْمَالِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ كَالْقِرَاضِ.
[أَقْسَام الشَّرِكَة]
[قَوْلُهُ: وَتَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ إلَخْ] فِيهِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ نَوَّعُوهَا إلَى شِرْكَةِ أَبْدَانٍ وَيُقَالُ لَهَا شِرْكَةُ عَمَلٍ وَشِرْكَةِ مُفَاوَضَةٍ