للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْسَامٍ شِرْكَةُ وُجُوهٍ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الشَّيْخُ، وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ وَحُكْمُهَا الْفَسَادُ لِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِيهِ إجَارَةً، وَالْآخَرُ: أَنَّ فِيهِ تَدْلِيسًا؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَرْغَبُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ أَمْلِيَاءِ السُّوقِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الْأَمْلِيَاءَ إنَّمَا يَتَّجِرُونَ فِي جَيِّدِ السِّلَعِ، وَأَنَّ الْفُقَرَاءَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ. وَشَرِكَةُ أَمْوَالٍ تَأْتِي وَشَرِكَةُ أَبْدَانٍ، وَهِيَ جَائِزَةٌ بِشُرُوطٍ أَحَدِهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إذَا عَمِلَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ) اتَّحَدَتْ الصَّنْعَةُ أَوْ لَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَصَرَّحَ ع بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَأَجَازَا فِي الْعُتْبِيَّةِ تَعَدُّدَ الْمَكَانِ إنْ اتَّحَدَتْ الصَّنْعَةُ وَشَهَرَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ. ثَانِيهَا: اتِّحَادُ الْعَمَلِ أَوْ تَقَارُبُهُ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (عَمَلًا وَاحِدًا) كَخَيَّاطَيْنِ (أَوْ مُتَقَارِبًا) بِأَنْ يَتَوَقَّفَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا عَلَى عَمَلِ الْآخَرِ كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُجَهِّزُ الْغَزْلَ لِلنَّسْجِ، وَالْآخَرُ يَنْسِجُ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ صَنْعَتُهُمَا. وَلَمْ تَتَلَازَمْ كَخَيَّاطٍ وَحَدَّادٍ لَمْ تَجُزْ الشِّرْكَةُ لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ تُتَّفَقُ صَنْعَةُ هَذَا دُونَ هَذَا فَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، ثَالِثُهَا: أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ أَوْ يَتَقَارَبَا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا قَدْرَ عَمَلِ الْآخَرِ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ الشِّرْكَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى قَدْرِ التَّفَاوُتِ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ، فَلَوْ كَانَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ النِّصْفَ لَمْ يَجُزْ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِهَا التَّعَاوُنَ فَلَوْ كَانَتْ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ الْبَيِّنِ. خَامِسُهَا: أَنْ تَكُونَ الْآلَةُ بَيْنَهُمَا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ نِصْفَ الْآلَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ.

وَأَمَّا شِرْكَةُ الْأَمْوَالِ فَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ شِرْكَةُ مُفَاوَضَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

وَشِرْكَةِ عَنَانٍ وَشِرْكَةِ جَبْرٍ وَشِرْكَةِ ذِمَمٍ، وَيُقَالُ لَهَا شِرْكَةُ وُجُوهٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيفَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَشْمَلُ شِرْكَةَ الْوُجُوهِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَاعِثَ عَلَيْهَا الْوَجْهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ وَجَاهَةُ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ. [قَوْلُهُ: الْخَامِلِ] هُوَ السَّاقِطُ الَّذِي لَا نَبَاهَةَ لَهُ كَذَا فَسَّرُوا،، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَا يُرْغَبُ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ لِظَنِّ أَنَّ مَتَاعَهُ غَيْرُ جَيِّدٍ.

[قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْفَسَادُ] فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْوَجِيهِ جُعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْوَجِيهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ السِّلْعَةَ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً خُيِّرَ عَلَى مُقْتَضَى الْغِشِّ، وَإِنْ فَاتَتْ فَفِيهَا الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ الزَّرْقَانِيُّ. [قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ أَنَّ فِيهِ تَدْلِيسًا] فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ التَّدْلِيسَ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ. [قَوْلُهُ: ظَنًّا مِنْهُمْ] وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: اتَّحَدَتْ الصَّنْعَةُ] هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَمَلًا وَاحِدًا. وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ مُتَقَارِبًا. [قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَتْ الصَّنْعَةُ] ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَّحِدْ بَلْ تَقَارَبَا تَكُونُ جَائِزَةً بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَوَفَّقَ الْأَشْيَاخُ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ بِحَمْلِ الْعُتْبِيَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَكَانَانِ بِسُوقٍ وَاحِدٍ أَوْ سُوقَيْنِ نَفَاقُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ تَجَوُّلُ أَيْدِيهِمَا بِالْعَمَلِ فِي الْمَكَانَيْنِ جَمِيعًا أَوْ يَجْتَمِعَانِ بِمَكَانٍ عَلَى أَخْذِ الْأَعْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَائِفَةً مِنْ الْعَمَلِ يَذْهَبُ بِهَا لِحَانُوتِهِ يَعْمَلُ فِيهَا لِرِفْقِهِ بِهِ لِسِعَتِهِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ إلَخْ] أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُجَهِّزُ الدَّقِيقَ، وَالْآخَرُ يَعْجِنُ أَنْ يَخْبِزَ.

[قَوْلُهُ: أَوْ يَتَقَارَبَا] أَيْ عُرْفًا كَعَمَلِ أَحَدِهِمَا مَا يَنْقُصُ أَوْ يَزِيدُ عَنْ الثُّلُثِ يَسِيرًا، وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ كَذَلِكَ، فَإِنْ احْتَاجَا مَعَ الصَّنْعَةِ لِمَالٍ أَخْرَجَ كُلٌّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ لَا أَزْيَدَ حَيْثُ كَانَ الْقَصْدُ الصَّنْعَةَ لَا الْمَالَ وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لَهُ. [قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ] لَمَّا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ الْبَيِّنِ.

حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ التَّعَاوُنِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَعَمَلُ كُلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ رَفِيقِهِ. وَقَضِيَّةُ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ التَّعَاوُنِ يَكْفِي، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ تَعَاوُنٌ بِالْفِعْلِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تُفِيدُهُ الْعُتْبِيَّةُ، فَقَدْ سُئِلَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ صَيَّادِينَ مَعَهُمْ شِبَاكٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعَالَوْا نَتَعَاوَنُ، وَمَا أَصَبْنَا فَبَيْنَنَا، فَنَصَبَ أَحَدُهُمْ شَبَكَةً فَأَخَذَ صَيْدًا وَأَبَى أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرَيْنِ فَقَالَ ذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ فِيمَا أَصَابَ؛ لِأَنَّهَا شِرْكَةٌ لَا تَحِلُّ.

قَالَ فِي الْبَيَانِ: لِأَنَّ شِرْكَةَ الْعَمَلِ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا فِيهِ تَعَاوُنٌ. [قَوْلُهُ: أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ] أَيْ لَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً وَتَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَكَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَأَجَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ، وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورَ وَيَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ الطَّلَبُ، وَالصَّيْدُ وَقِرَاءَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>