[٤٤ - بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]
(بَابٌ فِي) بَيَانِ (الْفِطْرَةِ) أَيْ الْخِصَالُ الَّتِي يَكْمُلُ الْمَرْءُ بِهَا حَتَّى يَكُونَ عَلَى أَفْضَلِ الصِّفَاتِ (وَ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (الْخِتَانِ وَ) حُكْمِ (حَلْقِ الشَّعْرِ) صَرَّحَ بِهَذَيْنِ وَإِنْ كَانَا دَاخِلَيْنِ فِي الْفِطْرَةِ دَلَالَةً عَلَى تَأَكُّدِهِمَا (وَ) فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ مِنْ (اللِّبَاسِ) وَمَا لَا يَجُوزُ (وَ) فِي بَيَانِ (سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَ) فِي بَيَانِ (مَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ، وَبَدَأَ بِمَا صَدَّرَ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ فَقَالَ: (وَمِنْ الْفِطْرَةِ خَمْسٌ) أَوَّلُهَا (قَصُّ الشَّارِبِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قُصُّوا الشَّارِبَ» فَسَّرَهُ مَالِكٌ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ (وَهُوَ الْإِطَارُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا (وَهُوَ) أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي بَيَانِ الْفِطْرَةِ]
بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ [قَوْلُهُ: أَيْ الْخِصَالِ] أَيْ بَعْضِ الْخِصَالِ الَّتِي يَكْمُلُ بِهَا الْمَرْءُ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِابْنِ عُمَرَ. وَفَسَّرَهَا الْفَاكِهَانِيُّ بِالسُّنَّةِ [قَوْلُهُ: الْمَرْءُ] بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمُّهَا لُغَةٌ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ وَإِنْ كَانَ لُغَةً قَاصِرًا عَلَى الرَّجُلِ لِأَنَّ الْأُنْثَى يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ بِالتَّاءِ، أَيْ الَّتِي يُحْكَمُ بِكَمَالِ الْمَرْءِ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى أَفْضَلِ الصِّفَاتِ أَيْ أَفْضَلِ الْهَيْئَاتِ
[قَوْلُهُ: وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الْخِتَانِ] أَيْ وَالْخِفَاضِ أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ.
[قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهَذَيْنِ] أَيْ الْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ، وَقَيَّدَ بِالْحُكْمِ فِي هَذَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِهِ فِي الْفِطْرَةِ الشَّامِلَةِ لِهَذَيْنِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ إلَّا فِي هَذَيْنِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ حَلْقَ غَيْرِ الْعَانَةِ لَيْسَ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَهُوَ إنَّمَا صَرَّحَ بِالْحُكْمِ فِيهِ لِقَوْلِهِ: وَلَا بَأْسَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَلْقِ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَلْقِ حَلْقُ الشَّعْرِ غَيْرِ الْعَانَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِلِاعْتِذَارِ عَنْ كَوْنِهِ عَطْفَ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ. [قَوْلُهُ: دَلَالَةً عَلَى تَأَكُّدِهِمَا] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ خُصُوصُ الْعَانَةِ لِأَنَّ حَلْقَ غَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ جَائِزٌ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِلِاعْتِذَارِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ إلَّا فِي غَيْرِ الْعَانَةِ، وَأَفَادَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ أَنَّ الْخِتَانَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَنَّ حَلْقَ الْعَانَةِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّأْكِيدِ إلَّا فِي الْخِتَانِ فَانْظُرْهُ. وَعَلَّلَ تت فِي الْخِتَانِ بِالرَّدِّ عَلَى قَوْلِ الْمُخَالِفِ بِالْوُجُوبِ [قَوْلُهُ: مِنْ اللِّبَاسِ] اللِّبَاسُ مَا يُلْبَسُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِصْبَاحِ فَحِينَئِذٍ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ مِنْ اللِّبَاسِ. . . إلَخْ [قَوْلُهُ: وَفِي بَيَانِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَيُؤْمَرُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ [قَوْلُهُ: أَيْ مِمَّا ذُكِرَ] أَيْ فَأُفْرِدَ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ مُتَعَدِّدٌ.
[قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْبَابِ. . . إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ تَقَارُبُ الْمَعْنَى بَلْ مِنْ حَيْثُ الذِّكْرُ عَقِبَهُ وَأَنَّ الْبَابَ جَمَعَهُمَا.
[قَوْلُهُ: وَبَدَأَ بِمَا صَدَّرَ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ] لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْخِصَالَ بِتَمَامِهَا، وَهَذَا يُفِيدُ خِلَافَهُ فَيُقَدَّرُ فِي التَّرْجَمَةِ مُضَافٌ كَمَا بَيَّنَّا لِيَلْتَئِمَ الْكَلَامُ.
[قَوْلُهُ: وَمِنْ الْفِطْرَةِ خَمْسٌ] التَّعْبِيرُ بِمِنْ يُفِيدُ أَنَّ الْخِصَالَ أَكْثَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ جَاءَ الْفِطْرَةُ عَشَرَةٌ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ فَاَلَّتِي فِي الرَّأْسِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ، وَقِيلَ الْخَامِسُ إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالْخَمْسَةُ الَّتِي فِي الْجَسَدِ نَتْفُ الْجَنَاحَيْنِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالْخِتَانُ وَالِاسْتِنْجَاءُ [قَوْلُهُ: قَصُّ الشَّارِبِ] هِيَ قُصَّةٌ خَفِيفَةٌ فَلَيْسَ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلْوُجُوبِ [قَوْلُهُ: فَسَّرَهُ] أَيْ فَسَّرَ الشَّارِبَ الْمَطْلُوبَ قَصُّهُ لَا الشَّارِبَ مُطْلَقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute