الْإِطَارُ (طَرَفُ الشَّعْرِ الْمُسْتَدِيرُ عَلَى الشَّفَةِ) هَذَا هُوَ السُّنَّةُ فِي قَصِّهِ (لَا إحْفَاؤُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ اسْتِئْصَالُهُ (وَ) ثَانِيهَا (قَصُّ الْأَظْفَارِ) لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ الْجُمُعَةِ لِلْجُمُعَةِ وَلَا حَدَّ فِي الْبُدَاءَةِ فِي قَصِّ الْأَظْفَارِ (وَ) ثَالِثُهَا (نَتْفُ الْجَنَاحَيْنِ) أَيْ الْإِبْطَيْنِ عَبَّرَ بِذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ وَهُوَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّتْفِ فَلَهُ حَلْقُهُ بِالْحَدِيدِ وَتَنْوِيرُهُ بِالنُّورَةِ (وَ) رَابِعُهَا (حَلْقُ الْعَانَةِ) سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَا تَنْتِفُهَا الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
أَقُولُ: إنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِقَوْلِ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الْإِطَارُ وَلَا يَجُزُّهُ فَيَمْتَثِلُ بِنَفْسِهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ فِي النَّقْلِ عَنْ مَالِكٍ وَيُؤَدَّبُ مَنْ جَزَّ شَارِبَهُ وَيُبَالَغُ فِي عُقُوبَتِهِ لِأَنَّ حَلْقَهُ مُثْلَةٌ وَهُوَ فِعْلُ النَّصَارَى اهـ. فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِمَا قَالَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْإِطَارُ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِطَرَفِ الشَّفَةِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَاجِيُّ فَقَدْ قَالَ: الْإِطَارُ مَا احْمَرَّ مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ وَهُوَ جَوَانِبُ الْفَمِ
[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِطَارُ] أَيْ وَالشَّارِبُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ الْإِطَارُ بِوَزْنِ كِتَابٍ.
[قَوْلُهُ: الشَّعْرِ] أَيْ النَّابِتِ عَلَى الشَّفَةِ، وَقَوْلُهُ: الْمُسْتَدِيرُ صِفَةٌ لِطَرَفِ الشَّعْرِ وَالِاسْتِدَارَةُ بِالشَّيْءِ الْإِحَاطَةُ بِهِ، فَالْمَعْنَى الْمُحِيطُ بِالشَّفَةِ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا النَّازِلُ عَلَى طَرَفِ الشَّفَةِ وَهُوَ مَا احْمَرَّ مِنْهَا. [قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ السُّنَّةُ] أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ قَصُّ الطَّرَفِ هُوَ السُّنَّةُ [قَوْلُهُ: لَا إحْفَاؤُهُ] أَيْ لَا إحْفَاؤُهُ هُوَ السُّنَّةُ فِي قَصِّهِ هَذَا مَدْلُولُهُ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَصَّ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْإِحْفَاءَ وَأَخْذَ الطَّرَفِ، وَلَكِنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ الْقَصُّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْإِطَارَ وَالشَّارِبَ بِمَعْنًى أَيْ طَرَفُ الشَّعْرِ الْمُسْتَدِيرُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّحْقِيقُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِقَوْلِ بَعْضٍ إنَّ الشَّارِبَ اسْمٌ لِمَحَلِّ الشَّعْرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
تَنْبِيهٌ:
أَخَذَ مَالِكٌ بِخَبَرِ «قُصُّوا الشَّارِبَ» وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِمَا السُّنَّةُ جُزْءٌ بِخَبَرِ: «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى» قَالَ تت: وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ بِأَنْ يَقُصَّ مِنْ أَعْلَاهُ وَيَحْلِقَ مِنْ طَرَفِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ قَصَّ الشَّارِبَ إبْرَاهِيمُ وَهَلْ السَّبَّالَتَانِ كَذَلِكَ أَيْ يَقُصُّهُمَا أَوْ لَا بِدَلِيلِ أَنَّ عُمَرَ فَتَلَهُمَا وَلَمْ يَقُصَّهُمَا، وَفَعَلَهُ مَالِكٌ قَوْلَانِ، وَفِي الْقَصِّ فَوَائِدُ؛ تَسْهِيلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَزِيَادَةُ الْفَصَاحَةِ وَزَوَالُ الْأَدْرَانِ وَتَحْسِينُ الْهَيْئَةِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِئْصَالُهُ] أَيْ زَوَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ [قَوْلُهُ: وَثَانِيهَا قَصُّ الْأَظْفَارِ] هُوَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَا عَدَا الْمُحْرِمَ وَالْمَيِّتَ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي. . . إلَخْ] أَيْ لَيْسَ لِلْقَصِّ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِطْرَةِ حَدٌّ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَرَى إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى مِثْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّحْقِيقُ، وَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ تت حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إلَى مِثْلِهِ خُصُوصُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَمَا يَعْتَقِدُهُ الْعَوَامُّ عِنْدَنَا مِنْ التَّحَرُّجِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ قَصُّهَا بِالْأَسْنَانِ وَهُوَ مِمَّا يُورِثُ الْفَقْرَ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ
[قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ فِي الْبُدَاءَةِ. . . إلَخْ] أَيْ وَلَا فِي غَيْرِهَا، فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ لَا حَدَّ مَنْدُوبٌ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمَازِرِيُّ فَإِنَّ الْمَازِرِيَّ أَنْكَرَ عَلَى الْغَزَالِيِّ قَوْلَهُ: يَبْدَأُ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى ثُمَّ مَا يَلِيهَا، ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى عَلَى صِفَةٍ دَائِرَةٍ فَإِذَا أَتَمَّهَا خَتَمَ بِإِبْهَامِ الْيُمْنَى قَائِلًا إنَّ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ [قَوْلُهُ: أَيْ الْإِبْطَيْنِ] تَفْسِيرٌ لِلْجَنَاحَيْنِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ نَتْفُ شَعْرِ الْإِبْطَيْنِ وَيُنْدَبُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَالْبُدَاءَةُ بِالْأَيْمَنِ.
[قَوْلُهُ: عَبَّرَ بِذَلِكَ] أَيْ بِالْجَنَاحَيْنِ مُرِيدًا الْإِبْطَيْنِ [قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ] أَيْ الْمُصَرِّحَةِ لِأَنَّ الْجَنَاحَ إنَّمَا هُوَ لِلطَّائِرِ وَالْعَلَاقَةُ الْمُشَابَهَةُ [قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّتْفِ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَدْبِ النَّتْفِ فَغَيْرُهُ مِنْ الْحَلْقِ وَالنُّورَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا يُفِيدُهُ التَّحْقِيقُ [قَوْلُهُ: فَلَهُ حَلْقُهُ بِالْحَدِيدِ] أَيْ فَيُؤْذَنُ لَهُ فِي حَلْقِهِ بِالْحَدِيدِ، أَيْ لِأَنَّهُ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ سُنَّةٌ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ السُّنَّةَ تَتَحَقَّقُ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ النَّتْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute