ذَلِكَ يَضُرُّ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرْخِي الْمَحَلُّ بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، وَيَجُوزُ إزَالَتُهَا بِالنُّورَةِ (وَلَا بَأْسَ بِحَلَاقِ غَيْرِهَا) أَيْ الْعَانَةِ (مِنْ شَعْرِ الْجَسَدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ.
وَأَمَّا النِّسَاءُ فَحَلْقُ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ بِهِنَّ مُثْلَةٌ، وَاحْتَرَزَ بِالْجَسَدِ عَنْ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ لِأَنَّ حَلْقَهُمَا بِدْعَةٌ (وَ) خَامِسُهَا (الْخِتَانُ لِلرِّجَالِ) وَهُوَ زَوَالُ الْغُرْلَةِ مِنْ الذَّكَرِ (سُنَّةٌ) زَادَ فِي الضَّحَايَا وَاجِبَةٌ أَيْ مُؤَكَّدَةٌ، صَرَّحَ بِحُكْمِهِ دُونَ غَيْرِهِ لِيُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: (وَالْخِفَاضُ فِي النِّسَاءِ) وَهُوَ قَطْعُ النَّاتِئِ فِي أَعْلَى فَرْجِ الْأُنْثَى كَأَنَّهُ عُرْفُ الدِّيكِ (مَكْرُمَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الرَّاءِ أَيْ كَرَامَةٌ بِمَعْنَى مُسْتَحَبٍّ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ.
(وَأَمَرَ النَّبِيُّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُوَطَّأِ (أَنْ تُعْفَى) أَيْ تُوَفَّرُ (اللِّحْيَةُ) وَقَوْلُهُ: (وَتُوَفَّرُ
ــ
[حاشية العدوي]
عِنْدَ الْإِمْكَانِ فَغَيْرُهُ عِنْدَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ اسْتِوَاءُ الْحَلْقِ وَالنُّورَةِ وَهِيَ بِضَمِّ النُّونِ مَعْرُوفَةٌ
[قَوْلُهُ: حَلْقُ الْعَانَةِ] هِيَ مَا فَوْقَ الْعَسِيبِ وَالْفَرْجِ وَمَا بَيْنَ الدُّبُرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ [قَوْلُهُ: وَلَا تَنْتِفُهَا الْمَرْأَةُ] أَيْ وَلَا الرَّجُلُ أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْعِلَّةُ رُبَّمَا أَنْتَجَتْ التَّحْرِيمَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَهْلُ مِصْرَ يَنْتِفُونَ شَعْرَ الْعَانَةِ وَهُوَ مِنْ التَّنْمِيصِ وَيُرْخِي الْمَحَلَّ وَيُؤْذِيهِ وَيُبْطِلُ كَثِيرًا مِنْ مَنَافِعِهِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَرْخِي الْمَحَلُّ] أَيْ بِهِ [قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ إزَالَتُهَا] أَيْ الْعَانَةِ مُطْلَقًا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى فَالْحَلْقُ أَحْسَنُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى الْحَلْقُ وَبَعْدَهُ الْإِزَالَةُ بِالنُّورَةِ وَالنَّتْفُ يُكْرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْحَلْقُ لِأَنَّهُ أَشَدُّ لِلْفَرْجِ وَلِأَنَّ نَزْعَهُ بِالنُّورَةِ يُشْبِهُ الزَّعْرَاءَ الَّتِي لَمْ يَنْبُتْ لَهَا شَعْرٌ وَذَلِكَ عَيْبٌ كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ هُوَ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ تَنَوَّرَ قَلِيلًا. [قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرِ الْجَسَدِ] كَشَعْرِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا حَتَّى شَعْرِ حَلْقَةِ الدُّبُرِ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ] الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ، وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَيْ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ صَرَّحَ بِالْإِبَاحَةِ وَقِيلَ سُنَّةٌ.
[قَوْلُهُ: وَهَذَا] أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ مُبَاحٌ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا النِّسَاءُ. . . إلَخْ] أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِنَّ إزَالَةُ مَا فِي إزَالَتِهِ جَمَالٌ وَلَوْ شَعْرَ اللِّحْيَةِ إنْ نَبَتَ لَهَا لِحْيَةٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِنَّ إبْقَاءُ مَا فِي إبْقَائِهِ جَمَالٌ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهَا حَلْقُ شَعْرِهَا [قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالْجَسَدِ] عِبَارَتُهُ تُفِيدُ أَنَّ الرَّأْسَ لَيْسَ مِنْ الْجَسَدِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهُ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِابْنِ نَاجِي فَالْأَحْسَنُ قَوْلُ ق: وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا الرَّأْسَ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَلْقَهُمَا بِدْعَةٌ] أَيْ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ فِي اللِّحْيَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا حَلْقُ لِحْيَتِهَا وَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ فِي الرَّأْسِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ أَيْضًا لَا الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ حَلْقَ رَأْسِهَا بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَمَا ذَكَرْته مِنْ الْكَرَاهَةِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا رُجِّحَ.
وَقَالَ الزَّنَاتِيُّ: الْمَشْهُورُ كَرَاهَةُ الْحَلْقِ لِغَيْرِ الْمُتَعَمِّمِ وَالْإِبَاحَةُ لِلْمُتَعَمِّمِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ حَيْثُ لَمْ يُبْقِهِ لِهَوَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ أَوْ يُحَرَّمُ وَقَالَ بَعْضٌ مَا مَعْنَاهُ إنَّ عَدَمَ حَلْقِ الرَّأْسِ الْيَوْمَ مِنْ فِعْلِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ إبْقَاءُ الشَّعْرِ شِعَارَ مَنْ يَدَّعِي الْوِلَايَةَ فَإِبْقَاؤُهُ إمَّا حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ.
[قَوْلُهُ: الْخِتَانُ لِلرِّجَالِ] أَرَادَ بِالرِّجَالِ الذُّكُورَ كَانُوا بَالِغِينَ أَوْ غَيْرَ بَالِغِينَ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ، إلَّا أَنَّ الْبَالِغَ يُؤْمَرُ بِخَتْنِ نَفْسِهِ لِحُرْمَةِ نَظَرِ عَوْرَةِ الْكَبِيرِ، وَسُنَّةِ الْخِتَانِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِهِ وَكَذَا الْخُنْثَى يُؤْمَرُ بِخَتْنِ نَفْسِهِ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ زَوَالُ الْغُرْلَةِ] بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَهِيَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ غِشَاءُ الْحَشَفَةِ.
تَنْبِيهٌ:
يُنْدَبُ خِتَانُ الصَّبِيِّ إذَا أُمِرَ بِالصَّلَاةِ مِنْ سَبْعٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُخْتَنَ فِي السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ لِأَنَّهُ عَادَةُ الْيَهُودِ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَتَأَمَّلْ حَاصِلَ مَا يُفِيدُهُ الْمَقَامُ. [قَوْلُهُ: زَادَ فِي الضَّحَايَا وَاجِبَةٌ] أَيْ مُؤَكَّدَةٌ أَيْ فَيُزَادُ هُنَا رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَجُوزُ إمَامَةُ تَارِكِهِ اخْتِيَارًا وَلَا شَهَادَتُهُ، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا فَقِيلَ يَجْزِيهِ وَقِيلَ: يُجْرِي الْمُوسَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يُقْطَعُ قُطِعَ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَالْخِفَاضُ. . . إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ السَّتْرُ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْفَاعِلَةِ وَالْمَفْعُولِ لَهَا وَلِذَلِكَ لَا يُصْنَعُ