للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تُقَصُّ) تَأْكِيدٌ وَقَوْلُهُ: (قَالَ مَالِكٌ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ) بِمَعْنَى يُسْتَحَبُّ الْأَخْذُ (مِنْ طُولِهَا إذَا طَالَتْ كَثِيرًا) وَالْمَعْرُوفُ لَا حَدَّ لِلْأَخْذِ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا لِنَحْوِ الشُّهْرَةِ (وَ) مَا قَالَهُ مَالِكٌ (قَالَهُ) قَبْلَهُ (غَيْرُ وَاحِدٍ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ (مِنْ الصَّحَابَةِ التَّابِعِينَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ.

(وَيُكْرَهُ صِبَاغُ الشَّعْرِ) الْأَبْيَضِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الشُّقْرَةِ (بِالسَّوَادِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ) فِي غَيْرِ الْبَيْعِ وَالْجِهَادِ، أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَحْرُمُ.

وَأَمَّا فِي الْجِهَادِ لِإِيهَامِ الْعَدُوِّ الشَّبَابَ فَيُؤْجَرُ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْخِفَاضِ طَعَامٌ بِخِلَافِ الْخِتَانِ فَيَجُوزُ أَنْ يُشْهَرَ وَيُدْعَى إلَيْهِ النَّاسُ. [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى يُسْتَحَبُّ] أَيْ لَا سُنَّةً كَمَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَنُكْتَةُ الْعُدُولِ عَنْ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ إلَى اللَّفْظِ الْمُحْتَمَلِ اتِّبَاعُ لَفْظِ الْحَدِيثِ. [قَوْله: لِأَمْرِهِ] أَيْ لِقَوْلِهِ مُسْتَحَبٌّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَقَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلِاسْتِحْبَابِ فَتَدَبَّرْ. .

[قَوْلُهُ: فِي الْمُوَطَّأِ] أَيْ فَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى» وَهُوَ لِلْوُجُوبِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِالْقَصِّ مُثْلَةٌ، وَلِلنَّدَبِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ مُثْلَةٌ وَلَمْ تَطُلْ كَثِيرًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ مِنْ إقَامَةِ الْمُسَبَّبِ مَقَامَ السَّبَبِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعْفَاءِ التَّرْكُ وَتَرْكُ الْقَصِّ لِلِّحْيَةِ يَسْتَلْزِمُ تَكْبِيرَهَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. [قَوْلُهُ: تُعْفَى] مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ. [قَوْلُهُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -] سَيَأْتِي يَقُولُ فِي الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَدْ تُعُورِفَتْ لَفْظَةُ الرِّضَا فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي الْأَكَابِرِ وَمَالِكٌ مِنْهُمْ فَالْمُنَاسِبُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالرِّضَا بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ أَوْ إرَادَتِهِ أَمَّا الرَّحْمَةُ فَالْأَمْرُ فِيهَا وَاضِحٌ.

وَأَمَّا الرِّضَا فَلِمَا ذَكَرَهُ الْغُنَيْمِيُّ مِمَّا ذَكَرْته. [قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ. . . إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: أَمَّا قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ. . . إلَخْ. فَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ الْحَدِيثِ كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُ [قَوْلُهُ: مِنْ طُولِهَا] وَكَذَا يُنْدَبُ الْأَخْذُ مِنْ عَوَارِضِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: إذَا طَالَتْ كَثِيرًا] أَيْ لَا إنْ لَمْ تَطُلْ أَوْ طَالَتْ قَلِيلًا، وَفَسَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْكَثْرَةَ بِأَنْ خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ لِغَالِبِ النَّاسِ، أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقُصَّ الزَّائِدَ لِأَنَّ بَقَاءَهُ يَقْبُحُ بِهِ الْمَنْظَرُ فَإِنْ قُلْت: وَمَا حُكْمُ الْقَصِّ عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ أَوْ الطُّولِ الْقَلِيلِ؟ قُلْت: صَرَّحَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ الْقَصُّ إنْ لَمْ تَكُنْ طَالَتْ كَالْحَلْقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ كَمَا أَفَدْنَاك سَابِقًا إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِالْقَصِّ مُثْلَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ أَوْ الطُّولِ الْقَلِيلِ وَتَجَاوَزَ فِي الْقَصِّ.

وَأَمَّا إذَا طَالَتْ قَلِيلًا وَكَانَ الْقَصُّ لَا يَحْصُلُ بِهِ مُثْلَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَحُرِّرَ.

[قَوْلُهُ: وَالْمَعْرُوفُ لَا حَدَّ لِلْأَخْذِ مِنْهَا] أَيْ أَنَّهَا إذَا طَالَتْ كَثِيرًا وَقُلْنَا: لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ مِنْهَا فَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَعْرُوفُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْأَخْذِ أَيْ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا تَحْسُنُ بِهِ الْهَيْئَةُ، وَمُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ: إنَّهُ يَقُصُّ مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانَا يَأْخُذَانِ مِنْ اللِّحْيَةِ مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْمُقَابِلَ لَا يَقْضِي بِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا طَالَتْ كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَثْرَةِ الطُّولِ كَثْرَةٌ يَكُونُ بِهَا تَشْوِيهٌ وَشُهْرَةٌ فَذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا طَالَتْ كَثِيرًا فَلَا مَعْنَى لِلْإِتْيَانِ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ تَفْسِيرَ الطُّولِ الْكَثِيرِ.

[قَوْلُهُ: لِنَحْوِ الشُّهْرَةِ] أَيْ جِهَةِ الشُّهْرَةِ أَيْ فِي جِهَةِ الشُّهْرَةِ، أَيْ الِاشْتِهَارِ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْمَتْرُوكَ فِي جِهَةِ الشُّهْرَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَشْتَهِرَ فَالْمَقْصُودُ ذَلِكَ اللَّازِمُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا بِحَيْثُ تَشْتَهِرُ.

[قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ. . . إلَخْ] تَقْوِيَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ دَلِيلٌ لَهُ كَمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ

[قَوْلُهُ: أَيْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ بِاثْنَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ جَمَاعَةً كَثِيرَةً لَا مَا يَشْمَلُ الِاثْنَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّ التَّقْوِيَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِمُوَافَقَةِ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا هُمْ الْأَكْثَرُ لِكَوْنِ الْقَصْدِ الْقُوَّةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُمْ الْأَكْثَرُ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْقُوَّةِ الْكَامِلَةَ، وَالْمُقَابِلُ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا وَلَوْ طَالَتْ بِحَيْثُ صَارَتْ لَحَدِّ الشُّهْرَةِ أَيْ يُكْرَهُ الْأَخْذُ جُمْلَةً إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِحَمْلٍ لَا بَأْسَ لِمَا غَيْرُهُ خَيْرٌ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: أَيْ أَكْثَرَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>