(بَابٌ فِي) حُكْمِ (الْجِهَادِ) وَبَعْضِ فُرُوعِهِ، وَهُوَ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَهْدِ بِفَتْحِ الْجِيمِ، أَيْ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ وَاصْطِلَاحًا: قِتَالُ مُسْلِمٍ كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ حُضُورُهُ لَهُ أَوْ دُخُولُهُ أَرْضِهِ لَهُ.
وَلَهُ فَرَائِضُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَهِيَ طَاعَةُ الْإِمَامِ، وَتَرْكُ الْغُلُولِ وَالْوَفَاءُ بِالْأَمَانِ وَالثَّبَاتُ عِنْدَ الزَّحْفِ، وَأَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ.
وَهُوَ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي الْجِهَادِ]
ِ. عَقَّبَهُ بِالْأُضْحِيَّةِ، وَمَا مَعَهَا جَرْيًا عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ حَيْثُ أَلْحَقُوهُ بِالْعِبَادَاتِ، اعْتِبَارًا بِقَصْدِ الْمُجَاهِدِ، وَالشَّافِعِيَّةُ أَلْحَقُوهُ بِالْجِنَايَاتِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْكُفَّارِ لِكُفْرِهِمْ. [قَوْلُهُ: وَبَعْضُ فُرُوعِهِ] فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ كُلَّ الْفُرُوعِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً مَأْخُوذٌ أَيْ مَعْنًى مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَهْدِ، أَيْ زِيَادَةِ تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ مَأْخُوذٌ ذَلِكَ مِنْ مُطْلَقِ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ، أَيْ أَمْرٍ مَلْحُوظِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ أَيْ مِنْ أَفْرَادِهِ. وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ لَفْظَ الْجِهَادِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ مَزِيدٌ مَعْنَاهُ لُغَةً، لَفْظٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْأَخْذِ [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ] أَيْ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهُوَ الطَّاقَةُ. أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ. وَقَوْلُهُ: وَالْمَشَقَّةِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَلَيْسَ فِيهِ جِهْدٌ، بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْفَاكِهَانِيَّ قَالَ: مَا نَصُّهُ وَالْجِهَادُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَهْدِ، وَهُوَ التَّعَبُ فَمَعْنَى الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمُبَالَغَةُ فِي إتْعَابِ النَّفْسِ، فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ طَرِيقًا إلَى الْجَنَّةِ. اهـ. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
[قَوْلُهُ: كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ] خَرَجَ قِتَالُ الذِّمِّيِّ الْمُحَارِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ نَقْضٍ، وَقَوْلُهُ: لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ يَقْتَضِي إنْ قَاتَلَ لِلْغَنِيمَةِ أَوْ لِإِظْهَارِ الشُّجَاعَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَكُونُ مُجَاهِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ، حَيْثُ أَظْهَرَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُهَا حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَبَحَثَ فِيهِ عج: بِأَنَّ مَنْ قَاتَلَ الْعَدُوَّ لِأَجْلِ الْغَنِيمَةِ يُحْكَمُ لَهُ، بِحُكْمِ الْمُجَاهِدِ بِإِعْطَاءِ حَظِّهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْقِتَالُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ لِيَكُونَ شَهِيدًا. اهـ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ حُضُورُهُ أَوْ دُخُولُهُ أَرْضِهِ لَهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى قِتَالٍ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْجِهَادَ أَعَمُّ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ الْحُضُورِ لِلْقِتَالِ، وَالضَّمِيرُ فِي الْحُضُورِ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ، وَضَمِيرُ لَهُ يَعُودُ عَلَى إعْلَاءِ أَوْ عَلَى الْقِتَالِ، وَضَمِيرُ أَرْضِهِ يَحْتَمِلُ عَوْدُهُ عَلَى الْكَافِرِ، وَلَهُ عَلَى الْقِتَالِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْأَوَّلَ عَائِدٌ عَلَى الْقِتَالِ وَالثَّانِيَ لِلْقِتَالِ أَوْ لِإِعْلَاءِ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ مُحَافَظَةً عَلَى ذِكْرِ الْجَلَالَةِ فِي الرَّسْمِ لِلْبَرَكَةِ، وَإِضَافَةُ الْكَلِمَةِ إلَى اللَّهِ عَلَى مَعْنَى الْكَلِمَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ} [الذاريات: ٥٦] الْآيَةَ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ طَاعَةٌ الْإِمَامِ] أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى جِهَةٍ لِلْقِتَالِ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ وَتَرْكُ الْغُلُولِ هُوَ الْأَخْذُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا، وَقَوْلُهُ وَالْوَفَاءُ بِالْأَمَانِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَمَّنَ كَافِرًا فَيَجِبُ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَبِيحَ دَمَهُ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute