للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَخَلَ مِنْ غَيْرِ إظْهَارٍ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَيُحَدَّانِ إنْ لَمْ يَفْشُ وَلَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا إنْ فَشَا فَلَا يُحَدَّانِ، وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ.

وَالْفُشُوُّ بِالْوَلِيمَةِ وَالدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ.

(وَأَقَلُّ الصَّدَاقِ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا أَيْ أَقَلُّ مَا يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ إمَّا (رُبُعُ دِينَارٍ) مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ، وَهُوَ وَزْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ حَبَّةً مِنْ الشَّعِيرِ الْوَسَطِ، وَإِمَّا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ خَالِصِ الْفِضَّةِ كُلُّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمْسَا حَبَّةٍ، وَأَمَّا قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْعُرُوضِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: ٢٠] .

(وَلِلْأَبِ إنْكَاحُ) أَيْ جَبْرُ (ابْنَتَهُ الْبِكْرِ) عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

فُسِخَ بِطَلْقَةٍ] ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ قَالَهُ تت وَكَانَتْ بَائِنَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَلَاقِ الْقَاضِي وَكُلُّ طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْقَاضِي فَهُوَ بَائِنٌ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَيَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ، وَالْفَسْخُ إنْ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ مَنْ يَرَاهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ] أَيْ فَإِذَا عُذِرَا بِجَهْلٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فُشُوٌّ لَا حَدَّ عِنْدَ الْجَهْلِ، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ خَلِيلٌ فِي بَابِ الزِّنَا، وَارْتَضَاهُ عج خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي بَابِ النِّكَاحِ، أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْفُشُوُّ يُحَدَّانِ، وَلَا يُعْذَرَانِ بِجَهْلٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ [قَوْلُهُ: وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ] أَيْ غَيْرَ مُسْتَفْتَيَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَمِثْلُ إقْرَارِهِمَا، مَا إذَا أَنْكَرَا، وَقَامَتْ عَلَيْهِمَا الْبَيِّنَةُ بِهِ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَيُحَدَّ، وَيُعَاقَبَ الْآخَرُ الْمُنْكِرُ، فَإِذَا لَمْ يُقِرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عُوقِبَا مَعًا أَيْ وَحَصَلَتْ خَلْوَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا أَحَدٌ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ.

[قَوْلُهُ: وَالدُّفِّ إلَخْ] الْوَاوُ فِي الشَّارِحِ وَالدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَالشَّاهِدِ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا قَالَ عج: أَيْ فَالدُّفُّ وَحْدَهُ وَكَذَا كُلُّ مَا بَعْدَهُ كَافٍ، فَإِنْ قُلْت هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ مَا يَحْصُلُ الْفُشُوُّ بِهِ فِي زَمَانِنَا مِنْ زَغْرَتَةٍ وَنَحْوِهِمَا أَمْ لَا؟ . قُلْت: الظَّاهِرُ نَعَمْ.

قَالَهُ عج، وَقَوْلُهُ: وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ أَيْ غَيْرُ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا هُوَ فَكَالْعَدِمِ وَانْظُرْ وَلِيَّ الزَّوْجِ إذَا أَخْبَرَهُ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَيْ لَا يَحْصُلُ بِشَهَادَتِهِ الْفُشُوُّ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْإِتْهَامِ بِالسَّتْرِ قَالَ عج: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ هُنَا هَلْ يَحْصُلُ بِهِمَا فُشُوٌّ كَالشَّاهِدِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا بِحَالٍ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الصَّدَاقِ رُبُعُ دِينَارٍ] الصَّدَاقُ مُشْتَقٌّ مِنْ الصِّدْقِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الزَّوْجَيْنِ، وَيُقَالُ الْمَهْرُ وَالطَّوْلُ وَالنِّحْلَةُ وَالصَّدَاقُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْآدَمِيِّ فَحَقُّ اللَّهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَلَوْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهِ جُمْلَةً لَمْ يَجُزْ، وَلَهَا أَنْ تُسْقِطَ مَا زَادَ عَلَى رُبُعِ دِينَارٍ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَسَدَ لَكِنَّ فَسَادَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ فَلَوْ دَخَلَ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ أَيْ إتْمَامُ الرُّبُعِ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ إنْ أَرَادَ الْبِنَاءَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَسَخَ إنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ، وَإِلَّا بَقِيَ لَهُ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ تَقُومَ الزَّوْجَةُ بِحَقِّهَا؛ لِتَضَرُّرِهَا بِبَقَائِهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ فَقَطْ خَارِجٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ فِي الَّذِي فَسَدَ لِصَدَاقِهِ مِنْ أَنَّ فِيهِ صَدَاقَ الْمِثْلِ، وَلَوْ عَقَدَا عَلَى إسْقَاطِهِ جُمْلَةً، فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. [قَوْلُهُ: الْخَالِصِ إلَخْ] الْخُلُوصُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا أَفَادَهُ ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ فِي رُبُعِ الدِّينَارِ، وَفِي الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْخَالِصِ، وَإِنْ كَانَ يَرُوجُ رَوَاجَ الْكَامِلِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْعُرُوضِ عَلَى الْمَشْهُورِ] .

وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالٌ فَقِيلَ: تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الدَّرَاهِمِ فَقَطْ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَجُوزُ بِأَدْنَى مِنْ دِرْهَمَيْنِ هَكَذَا نَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ يَجُوزُ بِالدِّرْهَمِ وَالنَّعْلِ وَالسَّوْطِ [قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ] وَكَرِهَ مَالِكٌ الْإِغْرَاقَ فِي كَثْرَتِهِ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَسْهِيلُ أَمْرِهَا وَقِلَّةُ صَدَاقِهَا» " قَالَ عُرْوَةُ: أَنَا أَقُولُ مِنْ عِنْدِي وَمِنْ شُؤْمِهَا تَعْسِيرُ أَمْرِهَا وَكَثْرَةُ صَدَاقِهَا.

تَتِمَّةٌ: تَشْتَمِلُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى لَوْ أُسْقِطَ ذِكْرُ سِكَّةِ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أُعْطِيت السِّكَّةُ الْغَالِبَةُ يَوْمَ النِّكَاحِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ أَخَذَتْ مِنْ جَمِيعِهَا بِالسَّوِيَّةِ، كَمُتَزَوِّجٍ بِرَقِيقٍ لَمْ يَذْكُرْ حُمْرَانًا، وَلَا سُودَانًا. الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّدَاقِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالِانْتِفَاعُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>