للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ» الْحَدِيثَ. فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْعُدُولُ اسْتَكْثَرُوا مِنْ الشُّهُودِ كَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ.

وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ الصِّيغَةُ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ، فَمِنْ الْوَلِيِّ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ عَلَى التَّأْبِيدِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَأَنْكَحْتُكَ أَوْ زَوَّجْتُك وَمِنْ الزَّوْجِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. كَقَبِلْت أَوْ رَضِيتُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ، بَلْ لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ ثُمَّ أَجَابَهُ الْوَلِيُّ صَحَّ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ دُونَ الْعَقْدِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ (فِي الْعَقْدِ فَلَا يَبْنِي بِهَا حَتَّى يُشْهِدَا) وَفِي نُسْخَةٍ حَتَّى يُشْهِدَ بِالْإِفْرَادِ أَيْ الزَّوْجُ فَلَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ عِنْدَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَدَالَةُ لَا تُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ إلَّا وَقْتِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ [قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ إلَخْ] تَمَامًا فِي التَّحْقِيقِ، وَهُوَ وَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. [قَوْلُهُ: اسْتَكْثَرُوا مِنْ الشُّهُودِ إلَخْ] نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ بُعْدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْلُ كَمَا قَالَهُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلِهِ] أَيْ مَا ذَكَرَ وَفِي الْخَرَشِيِّ الْكَبِيرِ أَنَّ صِيغَةَ الْعَقْدِ مَعَ الْوَكِيلِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْوَلِيُّ زَوَّجْت مِنْ فُلَانٍ، وَلَا يَقُولُ زَوَّجْت مِنْك وَلْيَقُلْ الْوَكِيلُ قَبِلْت مِنْك لِفُلَانٍ، وَإِنْ قَالَ قَبِلْت كَفِي إذَا نَوَى بِذَلِكَ مُوَكِّلَهُ. اهـ.

[قَوْلُهُ: فَمِنْ الْوَلِيِّ بِكُلِّ لَفْظٍ إلَخْ] وَمِثْلُ الْمَاضِي الْمُضَارِعُ كَأُنْكِحُكَ أَوْ أُزَوِّجُك اعْلَمْ أَنَّ وُقُوعَهُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِ مِنْ وَهَبْت وَغَيْرِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مُحَصِّلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ النِّكَاحَ، وَاقْتُرِنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ، وَهُوَ لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْعُمْرَى وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ. وَقِسْمٌ يَنْعَقِدُ بِهِ إذَا اُقْتُرِنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ، وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَالْمِنْحَةِ وَتَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ تَتَضَمَّنُ إرَادَةَ النِّكَاحِ بِمَا قَارَنَهَا، وَقِسْمٌ فِيهِ التَّرَدُّدُ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا مَعَهَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ مَعَ ذَلِكَ الصَّدَاقُ، وَقَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ، وَكَذَا لَفْظُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ أَوْ سَمَّى مَعَهَا الصَّدَاقَ، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ، وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ وَالْإِشَارَةُ مِنْ أَخْرَسَ، وَلَوْ مِنْ الْمَجَانِينِ إذَا كَانَ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ النَّاطِقِ فَتَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا إنْ وَقَعَ مِنْ الْمُبْتَدِئِ لَفْظُ الْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِشَارَةُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ إنَّمَا ابْتَدَأَ بِلَفْظِ نَحْوِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ ذِكْرِ الصَّدَاقِ، فَإِنَّمَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ مِنْ الزَّوْجِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَدِئُ بِلَفْظِ نَحْوِ الْهِبَةِ الزَّوْجُ فَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ مِنْ الْوَلِيِّ. [قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ] أَيْ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، وَقَوْلُهُ: بَلْ لَوْ بَدَأَ إلَخْ، أَيْ بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ زَوِّجْنِي فَيَقُولُ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك أَوْ فَعَلْت نَعَمْ يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ، وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ رَجُلٌ مَرِيضًا، وَقَالَ: إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ فُلَانٍ، وَمَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا، وَقَبِلَ الزَّوْجُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ.

تَنْبِيهٌ: يَلْزَمُ النِّكَاحُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ، لَا أَرْضَى أَنَا، كُنْت هَازِلًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ جَدٌّ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ جَرَيَانُ الْعَادَةِ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ لِمُجَرَّدِ اخْتِبَارِ ثَمَنِهَا، وَمِثْلُ النِّكَاحِ الطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ وَالْعِتْقُ، وَيَجُوزُ وَطْءُ الزَّوْجِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَمْ أُرِدْ نِكَاحًا، وَإِنَّمَا كُنْت هَازِلًا.

[قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ حَتَّى يُشْهِدَ بِالْإِفْرَادِ] لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذِهِ النُّسْخَةِ مُخَالِفٌ لِمُفَادِ نُسْخَةِ التَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّ نُسْخَةَ التَّثْنِيَةِ تُفِيدُ، أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ مِنْهُمَا، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي، وَلَوْ مِنْ الزَّوْجِ وَحْدَهُ وَالْأُولَى أَصَحُّ، وَنَذْكُرُ كَلَامَ عج لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَائِدَةِ فَقَالَ: إنَّهُمَا إذَا لَمْ يُشْهِدَا أَحَدًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَقِيَا مَعًا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجُلَيْنِ، وَأَشْهَدَاهُمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا، فَاتَ النَّدْبُ وَكَفَى فِي الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا مَعًا لِلشَّاهِدَيْنِ اشْهَدَا بِوُقُوعِ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ وُقُوعِهِ بِحَضْرَتِهِمَا، وَإِنْ لَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ شَاهِدَيْنِ وَأَشْهَدَاهُمَا كَفَى أَيْضًا، وَسَمَّاهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِشَهَادَةِ الْأَبْدَادِ أَيْ الْمُتَفَرِّقِينَ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يُشْهِدَ أَحَدُهُمَا الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشْهَدهُمَا صَاحِبُهُ بِغَيْبَةِ الْآخَرِ أَيْ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا [قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>