للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَكْرَارٌ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: وَالْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ كَرَّرَهُ لِيُفَرِّقَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ (وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى وَدِيعَةٍ ضَمِنَهَا) وَأَوْجُهُ التَّعَدِّي أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الْإِيدَاعُ عِنْدَ الْغَيْرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَالسَّفَرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا فَتَهْلِكُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّيْخِ: (وَإِنْ كَانَتْ) الْوَدِيعَةُ (دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ) مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً فَتَسَلَّفَهَا أَوْ بَعْضَهَا (فَرَدَّهَا) مِثْلَهَا (فِي صُرَّتِهَا ثُمَّ هَلَكَتْ) الْوَدِيعَةُ (فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِهِ) فَقِيلَ: عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي حَلِّهَا، وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ وَشُهِرَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ.

(وَمَنْ اتَّجَرَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُتَّهَمُ وَغَيْرُهُ، وَصَدَرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ قَالَهُ تت.

وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَنَقُولُ مَحِلُّ كَوْنِهِ لَا يَحْلِفُ إلَّا الْمُتَّهَمُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَأَمَّا دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُتَّهَمٍ وَغَيْرِهِ، وَغُرِّمَ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ الْقَاصِرَةِ عَلَى الْمُتَّهَمِ وَبَعْدَ حَلِفِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ الَّتِي لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْمُتَّهَمِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ] قَدْ يُقَالُ هُوَ عَيْنُهُ فَتَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: مِنْهَا الْإِيدَاعُ عِنْدَ الْغَيْرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ] أَيْ إذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا فِي سَفَرٍ، وَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ أَمِينًا إذْ لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ وَإِنَّمَا بَالَغْنَا فِي السَّفَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَبِلَهَا فِي السَّفَرِ كَانَ هَذَا مَظِنَّةَ الْإِذْنِ فِي الْإِيدَاعِ، وَمَحِلُّ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودِعِ إذَا أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ، وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ الْمُعْتَادَيْنِ لِلْإِيدَاعِ بِأَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُمَا عِنْدَهُ وَيَثِقُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهَا فَضَاعَتْ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَتَا غَيْرَ مُعْتَادَتَيْنِ لِلْإِيدَاعِ بِأَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ زَوْجَتِهِ بِإِثْرِ تَزْوِيجِهَا أَوْ عِنْدَ أَمَتِهِ بِإِثْرِ شِرَائِهَا أَوْ لَمْ يَثِقْ بِدَفْعِ الْمَالِ لَهُمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ، وَمِثْلُهُ عَبْدُهُ وَأُجِيرُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي الدَّفْعِ لِمَنْ ذَكَرَ وَحَلَفَ إنْ أَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ الدَّفْعَ إنْ اتَّهَمَ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا فَإِنْ نَكَلَ غُرِّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَلِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ تَحْلِيفُهَا كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً.

وَقَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَأَنْ انْهَدَمَ مَنْزِلُهُ أَوْ زَادَ عَلَى مَا عَلِمَ رَبُّهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ، وَمِنْ الْعُذْرِ الْجَارُ السُّوءُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُشْهِدَهُمْ عَلَى عَيْنِ الْعُذْرِ، بَلْ لَوْ شَهِدُوا عَلَى عَيْنِ الْعُذْرِ بِلَا إشْهَادٍ لَكَفَى.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمِنْهَا أَيْ وَمِنْهَا أَنَّهُ يَضْمَنُهَا إذَا نَسِيَهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ فَضَاعَتْ.

[قَوْلُهُ: مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً] لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: فَرَدَّ مِثْلَهَا] هَذَا التَّقْدِيرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَرَدَّهَا.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ هَلَكَتْ] أَيْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت.

وَقَوْلُهُ فَرَدَّ مِثْلَهَا أَيْ ادَّعَى رَدَّ مِثْلِهَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الضَّمَانِ إلَّا أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي الْوَدِيعَةِ مَكْرُوهًا أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهَا أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ مَلِيًّا حِينَ تَصَرَّفَ فِيهَا وَكَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ رَبِّهَا فَجَائِزٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، جَائِزٌ وَمُحَرَّمٌ وَمَكْرُوهٌ، وَإِذَا ادَّعَى الرَّدَّ لِمَوْضِعِهَا فَيُصَدَّقُ فِي الْمَكْرُوهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا عَدَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَدِّهَا لِيَدِ صَاحِبِهَا، وَلَا يَكْفِي شَهَادَتُهَا عَلَى رَدِّهَا لِمَوْضِعِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالسَّلَفِ الْحَقِيقِيِّ، وَيَدْخُلُ فِي الْمُعْدَمِ مَنْ عِنْدَهُ مِثْلُ الْوَدِيعَةِ أَوْ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ سَيِّئَ الْقَضَاءِ وَالظَّالِمُ وَمَنْ مَالُهُ حَرَامٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحِلَّ كَرَاهَةِ الْمِثْلِيِّ وَحُرْمَةِ الْمُقَوَّمِ وَالْمُعْدَمِ حَيْثُ جُهِلَ حَالُ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ، وَأَمَّا إنْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ يَعْلَمُ سَمَاحَتَهُ بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ، وَأَمَّا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ يَعْلَمُ كَرَاهَتَهُ لِذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْجَمِيعِ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ] بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ رَدَّ مَا تَسَلَّفَهُ إلَى مَحِلِّهِ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ الرَّدَّ.

تَنْبِيهٌ: لَيْسَتْ الصُّرَّةُ شَرْطًا وَالْمَضْمُونُ هُوَ الْمِثْلُ إذَا كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَالْقِيمَةُ إذَا كَانَتْ مُقَوَّمَةً وَالضَّامِنُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ لَا مِنْ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ وَكَذَا غَيْرُ الْمَأْذُونِ، وَقَبِلَ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَتَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إذَا أُعْتِقَ لَا فِي رَقَبَتِهِ إلَّا أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ سَيِّدُهُ ضَمَانَهَا بِأَنْ يَقُولَ: أَسْقَطْتهَا عَنْ عَبْدِي فَلَا يُتْبَعُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>