للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهَا فَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ حَتَّى يَقُولَ: اشْهَدُوا بِأَنِّي اسْتَوْدَعْته كَذَا وَكَذَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: صُدِّقَ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَعَزَوْا لِلْمُدَوَّنَةِ الْيَمِينَ وَعَلَيْهِ قَرَّرَ ك فَقَالَ: ك يُرِيدُ وَيَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يَحْلِفُ

(وَإِنْ قَالَ) الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ (ذَهَبَتْ) بِمَعْنَى تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ (فَهُوَ مُصَدَّقٌ بِكُلِّ حَالٍ) قَبَضَهَا بِإِشْهَادٍ أَوْ لَا، وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَقَوْلُهُ: (وَالْعَارِيَّةُ لَا يُصَدَّقُ فِي هَلَاكِهَا فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ)

ــ

[حاشية العدوي]

وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا، وَوَافَقَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَذَكَرَهُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ بَلَدِنَا لَكِنْ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهَا وَلَا يَتَوَكَّلُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِيدَاعِ وَالْقَبُولِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَكْسُ.

وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ فَلَا يُودَعَانِ وَلَا يُسْتَوْدَعَانِ، لَكِنْ إنْ أَوْدَعَاكَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْكَ يَا رَشِيدُ حِفْظُهُ، وَأَمَّا إنْ أَوْدَعْت عِنْدَهُمَا فَأَتْلَفَا أَوْ فَرَّطَا لَمْ يَضْمَنَا وَإِنْ بِإِذْنِ أَهْلِهِمَا. وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ لَا يُسْتَوْدَعَانِ. بَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى الصِّيغَةِ فَقِيلَ: شَرْطٌ، وَقِيلَ: رُكْنٌ وَهِيَ كُلُّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الْحِفْظِ وَلَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ بِاللَّفْظِ حَتَّى لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ مَتَاعَهُ عِنْدَ جَالِسٍ رَشِيدٍ بَصِيرٍ سَاكِتٍ وَذَهَبَ الْوَاضِعُ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَوْضُوعِ عِنْدَهُ الْمَتَاعُ حِفْظُهُ بِحَيْثُ إنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ حَتَّى ضَاعَ ضَمِنَهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا مِنْهُ بِالْإِيدَاعِ عِنْدَهُ، وَأَمَّا الْأَعْمَى فَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا حَتَّى يَضْمَنَ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يَقُولَ اشْهَدُوا] هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى قَصْدِ التَّوَثُّقِ، وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَصْدِ التَّوَثُّقِ أَنْ يَقْصِدَ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عَدَمَ قَبُولِ دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِمُجَرَّدِهَا قَالَهُ عج وَكَذَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

قُلْت: وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي كَوْنِهَا مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ قَصْدُ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَهْمِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّ الْمُودِعَ بِالْكَسْرِ أَشْهَدَ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ بِقَصْدِ التَّوَثُّقِ وَأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي قَصْدِهِ، وَفِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهَا لِلتَّوَثُّقِ عِلْمُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّ الْمُودِعَ بِالْكَسْرِ قَصَدَ بِهَا التَّوَثُّقَ اهـ.

وَكَلَامُ بَعْضٍ يُؤْذِنُ بِاعْتِمَادِهِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَشْهَدَهَا الْمُودَعُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَكَالْعَدِمِ وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ خَوْفَ الْمَوْتِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ يَقُولَ الْمُودَعُ: أَخَافُ أَنْ يَقُولَ هِيَ سَلَفٌ فَأَشْهَدُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا التَّوَثُّقَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَدَدْت الْوَدِيعَةَ إلَيْكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَدَدْتهَا لِوَلَدِك لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّ دَعْوَى الرَّدِّ لِلْيَدِ الَّتِي لَمْ تَدْفَعْ لَا تَنْفَعُ، وَضَابِطُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهُ لِلْيَدِ الَّتِي اسْتَأْمَنَتْهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ عَلَى ذِي الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَهُ أَوْ وَارِثِهِ، وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الضَّمَانُ.

[قَوْلُهُ: كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا] الْمُتَّهَمُ هُوَ مَنْ يُشَارُ لَهُ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي الْوَدِيعَةِ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ حَلِفَ الْمُتَّهَمِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ أَوْ اتِّهَامٍ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حَلَفَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ عِنْدَ دَعْوَى التَّحْقِيقِ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ غُرِّمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ.

[قَوْلُهُ: ذَهَبَتْ بِمَعْنَى تَلِفَتْ] أَيْ أَوْ ضَاعَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنِّي، وَأَمَّا لَوْ هَلَكَتْ بِتَقْصِيرٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِوُجُوبِ حِفْظِهَا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهَا وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِي إتْلَافِهَا أَوْ كَانَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ مَعَ الْإِذْنِ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: اُقْتُلْنِي أَوْ اُقْتُلْ وَلَدِي بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ: احْرِقْ ثَوْبِي أَوْ اقْطَعْ يَدِي فَلَا ضَمَانَ مَعَ الْإِذْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ الْتَزَمَ حِفْظَهَا بِمُجَرَّدِ قَبُولِهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِذْنُ.

[قَوْلُهُ: قَبَضَهَا بِإِشْهَادٍ أَوْ لَا] كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ أَوْ قَالَ: ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهَا، وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهَا حَاضِرًا فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ] وَقِيلَ: يَحْلِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>