الْفَوَائِتُ فَوَاتَ وَقْتِ مَا هُوَ فِي وَقْتِهِ فَالضَّمِيرُ فِي وَقْتِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا، وَهِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُصَلِّي، وَمَا ذَكَرَهُ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَشُهِرَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْيَسِيرَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْحَاضِرَةِ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ وَاجِبُ غَيْرِ شَرْطِ أَوْ وَاجِبُ شَرْطٍ؟ .
الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي رَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ سَنَدٍ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ بِأَنْ قَدَّمَ الْحَاضِرَ عَلَى الْفَائِتَةِ الْيَسِيرَةِ فَعَلَى الشَّرْطِيَّةِ يُعِيدُ الْحَاضِرَةَ أَبَدًا، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعِيدُهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ بَاقِيًا، فَفِي الظُّهْرَيْنِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْيَسِيرَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إدْرَاكِ الْحَاضِرَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ دَلِيلُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَذَلِكَ وَقْتُهَا، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ الْيَسِيرَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ شَرَعَ يُبَيِّنُ حُكْمَ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ فَقَالَ: (وَإِنْ كَثُرَتْ) أَيْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي عَلَيْهِ وَهِيَ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخُ خَمْسٌ فَمَا فَوْقُهَا، وَعَلَى مَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ سِتٌّ فَمَا فَوْقُ (بَدَأَ بِمَا يَخَافُ فَوَاتَ وَقْتِهِ) ق مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمَنْسِيَّاتِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَمَذْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ فَتَكُونُ الرِّسَالَةُ بِخِلَافِ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ: (وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً) يَعْنِي أَوْ صَلَوَاتٍ يَجِبُ تَرْتِيبُهَا مَعَ الْحَاضِرَةِ (فِي) حَالِ تَلَبُّسِهِ بِ (صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ (فَسَدَتْ هَذِهِ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا (عَلَيْهِ) ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فَيَلْزَمُ الْقَطْعُ أَوْ مُسْتَحَبًّا فَيَلْزَمُ التَّمَادِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْطَعُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَمَادَى وَيُعِيدُ، وَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ خِلَافٌ انْتَهَى. وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ.
(وَمَنْ ضَحِكَ)
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يَأْتِي هُنَا إعَادَةٌ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ سَنَدٍ] أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: فَفِي الظُّهْرَيْنِ إلَخْ] وَسَكَتَ عَنْ الصُّبْحِ وَحُكْمُهُ أَنْ يُعِيدَهُ لِلطُّلُوعِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ وَلَوْ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ أَيْ الْمُدْرِكِ فِيهِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَأَكْثَرَ.
[قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ] وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ.
[قَوْلُهُ: فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا إلَخْ] الْحَدِيثَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَذَلِكَ وَقْتُهَا لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ، أَقُولُ: لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَامٌّ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ اسْتَدَلَّ بِهِ أَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ تُقْضَى فِي كُلِّ وَقْتٍ حَتَّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ لَا تُقْضَى الْفَوَائِتُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَوْ تَطْلُعَ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: بَدَأَ بِمَا يَخَافُ فَوَاتَ وَقْتِهِ] قَالَ تت وَالتَّقْدِيمُ هُنَا وَاجِبٌ غَيْرَ شَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ] أَيْ الْأَقْفَهْسِيُّ أَيْ قَبْلَ قَلِيلٍ نَحْوَ صَفْحَةٍ بِلَفْظِ الْمَذْكُورِ هُنَا.
[قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ ضَاقَ إلَخْ] لَكِنْ وُجُوبًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَنَدْبًا عِنْدَ اتِّسَاعِهِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ ذَكَرَ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ.
[قَوْلُهُ: فَسَدَتْ] بِمَعْنَى يَقْطَعُهَا لَا أَنَّهَا فَسَدَتْ بِالْفِعْلِ.
[قَوْلُهُ: أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ] وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
[قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ] أَيْ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْبَابِ [قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْطَعُ كَغَيْرِهِ] أَيْ الْمَأْمُومَ الَّذِي يَذْكُرُ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ [قَوْلُهُ: يَتَمَادَى] أَيْ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْإِمَامِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ خِلَافٌ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْيَسِيرَةِ وَالْحَاضِرَةِ وَاجِبُ شَرْطٍ.