للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجْلِسَ فِي وَسَطِهِمَا ثُمَّ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلظُّهْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يُقِيمَ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَذَّنَ لِلْعَصْرِ وَأَقَامَ لَهَا وَصَلَّاهَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ أَذَانَيْنِ وَيُقِيمُ إقَامَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ.

وَالْمَوْضِعِ الثَّالِثِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ (فِي جَمْعِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ) أَنَّهُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَصَرَّحَ ع بِمَشْهُورِيَّتِهِ، وَقَدْ عَدَّهُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: (إذَا وَصَلَ إلَيْهَا) مِمَّنْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا لِمَرَضٍ بِهِ أَوْ بِدَايَتِهِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ حَيْثُ غَابَ عَلَيْهِ الشَّفَقُ.

وَالْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا جَدَّ السَّيْرُ بِالْمُسَافِرِ) سَفَرًا وَاجِبًا كَسَفَرِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ، أَوْ مَنْدُوبًا كَسَفَرِ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ أَوْ مُبَاحًا كَسَفَرِ التِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَمْ لَا (فَلَهُ) أَيْ فَيُبَاحُ لَهُ (أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) الْمُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ وَهُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ أَمَّا صِفَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ فَيَجْمَعُ (فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ) وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى (وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ) وَهُوَ أَوَّلُ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَنْوِي الْجَمْعَ فِي أَوَّلِ الْأُولَى وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَنْوِيَهُ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَلَا يَتَنَفَّلُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْجَمْعُ يُسَمَّى الْجَمْعَ الصُّورِيَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ

ــ

[حاشية العدوي]

يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا صَلَاتَهُمْ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفَهُمْ بِهَا وَمَبِيتَهُمْ بِمُزْدَلِفَةَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي جَعْلِهِ الْخُطْبَةَ مِنْ صِفَةِ الْجَمْعِ تَسَمُّحٌ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ] مُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ التُّونِسِيُّ أَنَّ الْإِجْزَاءَ إنْ وَقَعَتْ الْخُطْبَةُ قَبْلَ الزَّوَالِ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقِيمُ] أَيْ يُقِيمُ لِلظُّهْرِ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ كَالْأَذَانِ بَعْدَ فَرَاغِ خُطْبَتِهِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُوِيَ إلَخْ] أَيْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا وَجْهُ الْمَشْهُورِ.

[قَوْلُهُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ] ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ وَهُوَ السُّنِّيَّةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ.

[قَوْلُهُ: وَقَدْ عَدَّهُ إلَخْ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ سُنَّةٌ.

[قَوْلُهُ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا] أَيْ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجْمَعُ حَيْثُ غَابَ عَلَيْهِ الشَّفَقُ] أَيْ إذَا وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَمُلَخَّصُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا، فَإِذَا وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ السَّيْرُ بِسَيْرِ النَّاسِ سَارَ مَعَهُمْ أَوْ تَأَخَّرَ فَلَا يَجْمَعُ إلَّا فِي الْمُزْدَلِفَةِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ لِعَجْزٍ جَمَعَ حَيْثُ شَاءَ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا وَقَفَ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا جَدَّ السَّيْرُ] إسْنَادُ الْجَدِّ لِلسَّيْرِ مَجَازٌ أَوْ إنْ جَدَّ بِمَعْنَى اشْتَدَّ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُصَنَّفِ، بِأَنَّ الصُّورِيَّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جَدُّ السَّيْرِ بِالْمُسَافِرِ، أَيْ بَرًّا وَلَا فَرْقَ فِي الْمُسَافِرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَهُ بِأَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَيْ تَحَرُّزًا عَنْ الْمَرْأَةِ فَتَجْمَع وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ بِهَا سَيْرٌ وَلَمْ يُخْشَ فَوَاتُ أَمْرٍ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْجِدَّ فِي الصُّورِيِّ.

[قَوْلُهُ: سَفَرًا وَاجِبًا] أَيْ لَا حَرَامًا كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَا مَكْرُوهًا كَصَيْدِ اللَّهْوِ [قَوْلُهُ: فَيُبَاحُ لَهُ] مُرَادُهُ بِهَا مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى، إذْ الْأَوْلَى إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا.

[قَوْلُهُ: فَيُبَاحُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ إلَخْ] هَذَا إذَا أَدْرَكَهُ الزَّوَالُ سَائِرًا وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَقَوْلُهُ فَيَجْمَعُ فِي إلَخْ، هَذَا جَمْعٌ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الَّذِي تُقَدَّمُ فِيهِ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا الْمَعْرُوفِ أَوْ تُؤَخِّرُ عَنْهُ، وَهَذَا صُلِّيَتْ فِيهِ كُلُّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ سَائِرٌ وَنَوَى النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ أَوْ قَبْلَهُ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُهُمَا وَحُكْمُ التَّأْخِيرِ الْجَوَازُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاتَيْنِ فِي نِيَّةِ النُّزُولِ فِي الِاصْفِرَارِ، وَفِي النُّزُولِ قَبْلَهُ الْجَوَازُ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ وَالْوُجُوبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ، قَالَ الشَّيْخُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَسِوَاهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

[قَوْلُهُ: وَيَنْوِي الْجَمْعَ فِي أَوَّلِ الْأُولَى] فِيهِ نَظَرٌ إذْ هَذَا الْجَمْعُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ كَمَا أَفَادَهُ عج [قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرَّقُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ كُلُّ صَلَاةٍ، أُدِّيَتْ فِي وَقْتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>