للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصْرُ الْإِبَاحَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ.

وَقَدْ حَكَى ك الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ هَذَا الْجَمْعِ لِلْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْجَدَّ شَرْطٌ فِي إبَاحَةِ الْجَمْعِ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِزِيَادَةٍ وَلَفْظُهَا وَلَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ إلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ وَيَخَافَ فَوَاتَ أَمْرٍ فَيَجْمَعُ، وَأَمَّا صِفَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخِيرَتَيْنِ فَكَالْأُولَيَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالتَّشْبِيهِ فَقَالَ: (وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ) هَذَا يَجْرِي عَلَى رِوَايَةِ امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ (وَإِذَا ارْتَحَلَ) أَيْ أَرَادَ الِارْتِحَالَ (فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى) وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ (جَمَعَ حِينَئِذٍ) أَيْ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِيُوقِعَ أُولَاهُمَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَالْأُخْرَى فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْجَمْعُ الْحَقِيقِيُّ. شَيْخُنَا: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ ضَرُورِيَّ الْعَصْرِ مِثْلًا كَائِنٌ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَالْجَمْعُ الْحَقِيقِيُّ عِنْدَنَا مَا كَانَ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ وَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا ذُو عُذْرٍ، وَأَمَّا الْجَمْعُ الصُّورِيُّ فَجَائِزٌ لِذِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. وَقَيَّدْنَا يَنْوِي النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَوَى النُّزُولَ قَبْلَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَلْ يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ رَحِيلِهِ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ لِنُزُولِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا قَبْلَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى النُّزُولَ عِنْدَ الِاصْفِرَارِ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ رَحِيلِهِ وَالْعَصْرَ إنْ شَاءَ صَلَّاهَا حِينَئِذٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى نُزُولِهِ.

وَالْمَوْضِعِ الْخَامِسِ قَسَّمَهُ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلِلْمَرِيضِ) أَيْ رُخِّصَ لَهُ (أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) الْمُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ (إذَا خَافَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا يَتَنَفَّلُ مِنْ وَادٍ مَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْجَدَّ شَرْطٌ] الْمَشْهُورُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْجَدِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ لِذَلِكَ مَعْنًى إذْ هُوَ صُورِيٌّ وَقَدْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْجَدِّ فِيهِ أَوْ عَدَمِهِ، وَاشْتِرَاطُ الْجَدِّ وَعَدَمُهُ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي غَيْرِ الْجَمْعِ الصُّورِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ] أَيْ أَدْرَكَهُ الْغُرُوبُ سَائِرًا فَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَوْ يَنْوِي النُّزُولَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعًا صُورِيًّا بِأَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ قُرْبَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَزِّلُ طُلُوعَ الْفَجْرِ هُنَا مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالثُّلُثُ الْأَوَّلُ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الِاصْفِرَارِ، وَثَانِيهِمَا أَنْ يَنْوِيَ النُّزُولَ فِي الثُّلُثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ قَبْلِهِمَا، فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُمَا عَلَى نَمَطِ مَا تَقَدَّمَ فِي الظُّهْرَيْنِ [قَوْلُهُ: أَيْ أَرَادَ الِارْتِحَالَ] ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ نَازِلٌ بِالْمَنْهَلِ وَزَالَتْ أَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ بِهِ.

[قَوْلُهُ: جَمَعَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ] مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ بِعَدَمِ الْجَمْعِ مُطْلَقًا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَمْ لَا، كَذَا يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ بَعْضِهِمْ لَا لِخِلَافٍ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَهَلْ قَوْلُهُ بَعْدَ عَلَى الْمَشْهُورِ إشَارَةٌ لِهَذَا الْخِلَافِ فَيَكُونُ تَكْرَارًا أَوْ إشَارَةً لِخِلَافٍ آخَرَ حَرِّرْ وَرَاجِعْ.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْجَمْعُ الْحَقِيقِيُّ] وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ الْأَوْلَى إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ جَارِيَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْعِشَاءَيْنِ فَتَقُولُ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَيُصَلِّيهِمَا عِنْدَ وَقْتِ الْأُولَى جَمْعَ تَقْدِيمٍ، وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ قَدَّمَ الْمَغْرِبَ وَخُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ، وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ قَدَّمَ الْمَغْرِبَ وَأَخَّرَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا.

[قَوْلُهُ: مَثَلًا] أَدْخَلَ فِي مَثَلًا الْعِشَاءَ [قَوْلُهُ: وَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا ذُو عُذْرٍ] أَيْ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي [قَوْلُهُ: فَجَائِزٌ لِذَوِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ] إلَّا أَنَّ ذَا الْعُذْرِ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ.

[قَوْلُهُ: وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ] أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ قَدَّمَهَا أَجْزَأَتْ تَقْرِيرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعَادَ فِي الْوَقْتِ قَالَ عج قَالَ تت، لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ نِيَّةَ الْجَمْعِ وَفِيهَا قَوْلَانِ وَفِي شَرْطِ كَوْنِهَا فِي أُولَاهُمَا أَوْ تُجْزِئُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ، الثَّانِيَةُ مِنْ صِفَةِ الْجَمْعِ عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ] أَيْ نُدِبَ لَهُ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ أَنْ يَجْمَعَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ الْمَشْهُورُ بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>