أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ) فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَالْجَمْعُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ (فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى) فَيَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (عِنْدَ الزَّوَالِ وَ) بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (عِنْدَ الْغُرُوبِ) وَإِنَّمَا كَانَ يَجْمَعُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ سَبَبٌ يُبِيحُ الْجَمْعَ فَوَجَبَ التَّقْدِيمُ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ، وَأَصْلُهُ الْجِدُّ فِي السَّيْرِ وَأَخَذَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بِيَجْمَع لَا يَخَافُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَا إذَا خَافَ الْغَلَبَةَ عَلَى عَقْلِهِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْجَلَّابِ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَرِيضِ إذَا خَافَ الْغَلَبَةَ عَلَى عَقْلِهِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى أَخَّرَهَا إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ خَافَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَهَا إلَى الصَّلَاةِ الْأُولَى.
تَنْبِيهٌ: إذَا جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِلْخَوْفِ عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ فَقَالَ عِيسَى: يُعِيدُ الْأَخِيرَةَ يُرِيدُ سَنَد فِي الْوَقْتِ.
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: لَا يُعِيدُ
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَرْفَقَ بِهِ لِ) أَجْلِ إسْهَالِ (بَطْنٍ بِهِ وَنَحْوُهُ) مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْأَمْرَاضِ الْقِيَامُ مَعَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (جَمَعَ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ فَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا (وَسَطَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَ) الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا (عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ) عِيَاضٌ:
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى تَقْدِيرِ الْإِغْمَاءِ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ فَلَا يَجْمَعُ مَا لَا يَجِبُ بَلْ يَحْرُمُ التَّقَرُّبُ بِصَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ لَمْ تَجِبْ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِهِ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِلْجَمْعِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الثَّانِيَةِ وَحَصَلَ الشَّكُّ فِي سُقُوطِهَا فَهُوَ شَكَّ فِي الْمَانِعِ فَيُلْغَى بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَحِيضَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهَا تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْأُولَى، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْحَيْضِ اسْتِغْرَاقُ الْوَقْتِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَا يُسْقِطُ الْعِبَادَةَ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] مُتَعَلِّقٌ بِيَكُونُ أَيْ وَالْجَمْعُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ أَوَّلَ وَقْتِ الْأُولَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ذَكَرَ هَذَا الْمُقَابِلَ تت، وَتَأَمَّلْهُ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ] وَمِثْلُهُ الْحُمَّى النَّافِضَةُ أَيْ الْمُرْعِدَةُ أَوْ الدَّوْخَةُ الَّتِي تَحْصُلُ لَهُ وَقْتَ الثَّانِيَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْمَرِيضِ أَيْ مَنْ سَيَصِيرُ مَرِيضًا فَفِي عِبَارَتِهِ مَجَازُ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: فَوَجَبَ التَّقْدِيمُ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ] فِيهِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ إمَّا مَنْدُوبٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَوْ جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فَوَجَبَ التَّقْدِيمُ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ وَجَبَ بِثَبْتِ الثَّانِي، أَنَّ الْعِلَّةَ إذَا كَانَتْ خَوْفَ الْفَوَاتِ لَا تَقْتَضِي التَّقْدِيمَ أَوَّلَ وَقْتِ الْأُولَى إذْ غَايَةُ مَا تُفِيدُ الْفِعْلُ فِي وَقْتِ الْأُولَى لَا أَوَّلِهِ فَقَطْ.
الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ يُشْعِرُ بِاسْتِغْرَاقِ الْإِغْمَاءِ جَمِيعَ وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَذْهَبُ فِي آخِرِهِ لَطَلَبَ مِنْهُ التَّأْخِيرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يُتَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ اسْتِغْرَاقَهُ لِوَقْتِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا تَسْقُطُ فَمَا وَجْهُ طَلَبِهِ بِهَا وَيُقَدِّمُهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَجَوَابُهُ احْتِمَالُ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.
[قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ الْجِدُّ فِي السَّيْرِ] لَعَلَّ الْمَعْنَى أَصْلُ ذَلِكَ أَيْ الَّذِي قِيسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إبَاحَةُ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ عِنْدَ قَصْدِ الْجَمْعِ فِي السَّيْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ.
[قَوْلُهُ: أَنَّ الظَّرْفَ] أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ الزَّوَالِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ الزَّوَالِ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى وَإِيضَاحٌ لَهُ.
[قَوْلُهُ: إذَا خَافَ الْغَلَبَةَ عَلَى عَقْلِهِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى] أَيْ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا لَا أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ.
[قَوْلُهُ: أَخَّرَهَا إلَى وَقْتِ] أَيْ وُجُوبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ قَدَّمَهَا أَيْ نَدْبًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: إذَا جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ إلَخْ] فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَحَصَلَ الْإِغْمَاءُ فِي جَمِيعِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ وَقْتِ الْأُولَى وَأَفَاقَ وَقْتَ الثَّانِيَةِ فَيُصَلِّي الْأُولَى لِبَقَاءِ وَقْتِهَا.
[قَوْلُهُ: يُرِيدُ سَنَدًا فِي الْوَقْتِ] أَيْ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا يُعِيدُ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
[قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ] فَيُوقِعُ الْمَغْرِبَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ بِنَاءً عَلَى امْتِدَادِهِ وَالْعِشَاءَ فِي أَوَّلِ اخْتِيَارَيْهَا