للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلَ الشَّيْخِ: (وَيَحِقُّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا (عَلَى مَنْ لَهُ مَا) أَيْ مَالٌ (يُوصِي فِيهِ أَنْ يُعِدَّ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ يَسْتَعِدَّ (وَصِيَّتَهُ) وَيُحْضِرَهَا وَيُشْهِدَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَلَوْ وُجِدَتْ بِخَطِّهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: مَا وَجَدْتُمْ بِخَطِّ يَدِي فَأَنْفَذُوهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ

، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ وَصِيَّةِ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ وَقَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ صِحَّتَهَا مِنْ الصَّبِيِّ بِالتَّمْيِيزِ.

فَقَالَ: وَتَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ وَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ إذَا عَقَلَ الْقُرْبَةُ، وَلَمْ يَخْلِطْ فِيهَا وَاحْتَرَزَ بِالْمُمَيِّزِ مِنْ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

صِفَةٌ لِعَقْدٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمَرْأَةَ إذَا وَهَبَتْ أَوْ الْتَزَمَتْ ثُلُثَ مَالِهَا وَلَهَا زَوْجٌ، أَوْ مَنْ الْتَزَمَ ثُلُثَ مَالِهِ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ.

[قَوْلُهُ: أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ] اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالنِّيَابَةِ فِعْلُ الْوَصِيِّ مَا اسْتَنَابَهُ الْأَبُ فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِهِمْ كَانَتْ غَيْرَ عَقْدٍ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا اسْتِنَابَةُ الْأَبِ الْوَصِيَّ فِي التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ كَانَتْ عَقْدًا.

فَقَوْلُهُ: أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ الْمَعْنَى عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا إلَخْ، وَيُوجِبُ نِيَابَةً عَنْهُ إلَخْ.

وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: عَقْدٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ كَوْنَ النِّيَابَةِ مَعْنَاهَا الْعَقْدُ الْخَاصُّ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِهَذَا ذَهَبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ إلَى نَصْبِ نِيَابَةٍ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ] أَيْ وَذَهَبَ إلَى الْوُجُوبِ الْأَقَلُّ وَهُمْ أَهْلُ الظَّاهِرِ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ] أَيْ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى الْوُجُوبِ، أَيْ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْوَاجِبَةِ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَيَخْشَى إنْ لَمْ يُوصِ ضَيَاعَهُ [قَوْلُهُ: فَتْحِ الْيَاءِ] رَاجِعٌ لِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ يَثْبُتُ فَهُوَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ قَتَلَ أَفَادَ ذَلِكَ الْمِصْبَاحُ بِقَوْلِهِ: حَقَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ إذَا وَجَبَ وَثَبَتَ اهـ.

أَيْ فَالْفِعْلُ لَازِمٌ أُسْنِدَ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ أَنْ يُعِدَّ.

وَقَوْلُهُ: وَضَمِّهَا رَاجِعٌ لِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ هُوَ قَوْلُهُ أَنْ يُعِدَّ أَنْ يَثْبُتَ إعْدَادُ الْوَصِيَّةِ أَيْ أَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ إعْدَادَ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ بِقَوْلِهِ: وَحَقَقْت الْأَمْرَ أَحُقُّهُ إذَا جَعَلْته ثَابِتًا لَازِمًا. وَفِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ أَحْقَقْته بِالْأَلِفِ وَحَقَقْته بِالتَّثْقِيلِ مُبَالَغَةٌ اهـ.

وَحَاصِلُ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ لَهُ مَالٌ أَنْ يُوصِيَ إذْ كَانَ بِقُرْبَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ، وَقَدْ تَجِبُ إذَا كَانَ يَخْشَى بِعَدَمِهَا ضَيَاعَ الْحَقِّ عَلَى أَرْبَابِهِ وَتُحَرَّمُ بِمُحَرَّمٍ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِهَا كَالْإِيصَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَتُكْرَهُ بِمَكْرُوهٍ أَوْ فِي مَالِ فَقِيرٍ، وَتُبَاحُ إذَا كَانَتْ بِمُبَاحٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَإِنْفَاذُهَا يَنْقَسِمُ إلَى تِلْكَ الْأَقْسَامِ أَيْ مِنْ الْمُوصِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا مُتَوَلِّي أَمْرِ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ حَتَّى الْمُبَاحَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ كَالْإِيصَاءِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى قَبْرِهِ.

[قَوْلُهُ: يُوصِي فِيهِ] أَيْ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتَرَزَ عَنْ مَالٍ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ حِينَئِذٍ إذْ قَضَاؤُهَا وَاجِبٌ لَا مُحْتَرَزُهُ مَا كَانَ قَلِيلًا مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ فَتَدَبَّرْهُ.

[قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْيَاءِ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ ذَلِكَ: مَاضِيهِ أَعَدَّ مِنْ الِاسْتِعْدَادِ أَيْ: يَسْتَعِدُّهَا إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ هُنَا أَيْ يُهَيِّئُ وَصِيَّتَهُ.

وَقَوْلُهُ: وَيُحْضِرُهَا إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَيْ يَسْتَعِدُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِشْهَادِ وَإِنْ لَمْ يُحَضِّرْهَا إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً، وَلَا يَخْفَى أَيْضًا أَنَّ مُفَادَ الْمُصَنِّفِ بِحَلِّ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِأَصْلِ الْوَصِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَهْيِئَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ النَّدْبَ مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلِ الْوَصِيَّةِ كَمَا أَفَدْنَاهُ سَابِقًا.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُولَ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ إذَا أَشْهَدَ أَوْ قَالَ: مَا وَجَدْتُمْ بِخَطِّي فَأَنْفِذُوهُ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَقَالَ بِلَفْظِهِ: مَا وَجَدْتُمْ بِخَطِّي وَلَوْ كَتَبَ ذَلِكَ بِدُونِ لَفْظٍ فَلَا يُعْمَلْ بِهِ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ ثُبُوتِ أَنَّهُ خَطُّهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَشْهَدَ أَوْ قَالَ: أَنْفِذُوهَا صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا، وَمَاضِيهِ أَنْفَذَ رُبَاعِيٌّ وَيُقَالُ: نَفَّذُوهُ مِنْ نَفَّذَ مُشَدَّدًا

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إلَخْ] إنَّمَا صَحَّتْ وَصِيَّتُهُمَا لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا، فَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِمَا فِي الْوَصِيَّةِ لَكَانَ الْحَجْرُ لِحَقِّ الْغَيْرِ.

[قَوْلُهُ: الْمُبَذِّرِ] وَصْفٌ كَاشِفٌ أَيْ فَالسَّفِيهُ هُوَ مَنْ يَصْرِفُ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً [قَوْلُهُ: إذَا عَقَلَ الْقُرْبَةَ] أَيْ عَقَلَ أَنَّ فَاعِلَهَا يُثَابُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَاعِلَهَا يُثَابُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَلْ فِي الْقُرْبَةِ لِلْعَهْدِ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>