للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَصِحُّ اتِّفَاقًا. وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ الِاخْتِلَاطِ بِأَنْ يُوصِيَ بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِلَةُ رَحِمٍ

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ لِلْمَالِ الْمُوصَى فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ

وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: الْأَوَّلُ الْمُوصِي وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُمَيِّزًا مَالِكًا مِلْكًا تَامًّا، وَاحْتَرَزَ بِهَذَا الْأَخِيرِ مِنْ مُسْتَغْرَقِ الذِّمَّةِ.

الثَّانِي: الْمُوصَى لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ أَنْ يَمْلِكَ فَتَصِحُّ لِلْحَمْلِ الثَّابِتِ وَلِحَمْلٍ سَيَكُونُ وَاسْتَثْنَوْا مِنْ قَوْلِهِمْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ أَنْ يَمْلِكَ الْوَصِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا وَصِيَّةٌ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ صَحِيحَةٌ بِشَرْطِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْقُرْبَةِ الْمَعْهُودَةِ الَّتِي هِيَ الْوَصِيَّةُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ] أَيْ وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُ بِأَلَّا يُعْرَفَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ.

[قَوْلُهُ: بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى] أَيْ غَيْرُ صِلَةِ رَحِمٍ

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا كَانَ الْمَالُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا وَصِيَّةَ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ أَلْفًا فِيهِ الْوَصِيَّةُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: لَا وَصِيَّةَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا وَصِيَّةَ فِي ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ

[قَوْلُهُ: حُرًّا] أَيْ فَالْعَبْدُ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ [قَوْلُهُ: مُمَيِّزًا] أَيْ فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، فَلَوْ ادَّعَى وَارِثُ الصَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَخَالَفَهُمْ الْمُوصَى لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ عَنْ تَقْرِيرٍ.

[قَوْلُهُ: مَالِكًا] خَرَّجَ غَيْرَ الْمَالِكِ فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْوَكِيلِ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَشَبَهِهِ.

[قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِهَذَا الْأَخِيرِ] وَهُوَ قَوْلُهُ مِلْكًا تَامًّا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مُسْتَغْرَقَ الذِّمَّةِ مَالِكٌ إلَّا أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ، وَلَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا أَصْلًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَالِكًا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَخَرَجَ أَيْضًا بِقَيْدِ التَّمَامِ الْمُرْتَدُّ.

[قَوْلُهُ: مِنْ مُسْتَغْرَقِ الذِّمَّةِ] أَيْ فَوَصِيَّتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَإِذَا بَطَلَتْ فَلَا يَرْجِعُ مَالُهُ مِيرَاثًا بَلْ يَكُونُ فِي الْفَيْءِ إلَّا مَا ثَبَتَ كَسْبُهُ بِمَالٍ حَلَالٍ فَتَصِحُّ.

تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْعَبْدِ وَغَيْرِ الْمَالِكِ، وَمُسْتَغْرَقِ الذِّمَّةِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ مَا يُفِيدُ صِحَّتَهَا مِنْ الْعَبْدِ وَغَيْرِ الْمَالِكِ إلَّا أَنَّهَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ.

الثَّانِي: لَمْ يَتَكَلَّمْ الشَّارِحُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْكَافِرَ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ كَانَ حُرًّا مُمَيِّزًا مَالِكًا مِلْكًا تَامًّا إلَّا إنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِمُسْلِمٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ تَصِحُّ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَانْظُرْ هَلْ ثَمَرَةُ صِحَّتِهَا بِذَلِكَ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ وَبِإِنْفَاذِهَا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ؟ وَأَمَّا وَصَايَا الْمُرْتَدِّ فَبَاطِلَةٌ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ حَالَ إسْلَامِهِ كَمَا فِي تت.

[قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَتَصَوَّرُ] مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَمْلِكَ فَاعِلٌ بِهِ أَيْ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الْمِلْكُ أَوْ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَأَرَادَ بِهِ التَّصْدِيقَ أَيْ يُصَدَّقُ بِمِلْكِهِ.

[قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ لِلْحَمْلِ الثَّابِتِ إلَخْ] وَيَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ إنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَغَلَّةُ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُوصَى لَهُ لِلْوَرَثَةِ إذْ الْوَلَدُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ وَتَحَقُّقِ الْحَيَاةِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَا يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَتُرَدُّ، وَإِذَا وَضَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْوَضْعِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى التَّفْصِيلِ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ، ثُمَّ حَيْثُ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْ يُولَدُ لَهُ مُسْتَقْبَلًا فَيَنْتَظِرُ بِهَا الْإِيَاسَ مِنْ وِلَادَتِهِ فَتَرْجِعُ بَعْدَهُ لِلْمُوصَى أَوْ لِوَارِثِهِ، وَيَدْخُلُ فِي الْمُوصَى لَهُ الذِّمِّيُّ فَالْوَصِيَّةُ تَصِحُّ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ لَا حَرْبِيٌّ.

[قَوْلُهُ: الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ تَصِحُّ، وَيُصْرَفُ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُوصَى بِهِ فِي مَصَالِحِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مِنْ مَرَمَّتِهِ وَحُصْرِهِ وَزَيْتِهِ كَخِدْمَتِهِ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ وَنَحْوِهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ فِيمَا لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ احْتَاجُوا أَمْ لَا هَذَا إذَا اقْتَضَى الْعُرْفُ ذَلِكَ، فَإِذَا اقْتَضَى أَنَّ الْقَصْدَ مُجَاوِرُوهُ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمَرَمَّتِهِ وَحُصْرِهِ وَنَحْوِهِمَا.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ: لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ.

[قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْمُوصَى

<<  <  ج: ص:  >  >>