للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَعْلَمَ الْمُوصَى بِمَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ صُرِفَتْ فِيهِ وَإِلَّا فَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ.

الثَّالِثُ: الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ كُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ الْمُوصَى لَهُ فَلَا تَصِحُّ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ كَالْحَمْلِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا.

الرَّابِعُ: مَا بِهِ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ الْإِيجَابُ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ لَفْظٌ مَخْصُوصٌ بَلْ كُلُّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ قَصْدُ الْوَصِيَّةِ مِثْلُ أَوْصَيْت أَوْ أَعْطُوهُ أَوْ جَعَلْته لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ وَيُمْلَكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْمَوْتِ اتِّفَاقًا إنْ قُبِلَ عَقِبَ الْمَوْتِ وَعَلَى الْأَصَحِّ إنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ وَمُقَابِلُهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا حِينَ الْقَبُولِ.

وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا حَدَثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ مِنْ غَلَّةٍ وَنَحْوِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَعَلَى الثَّانِي لِوَرَثَةِ الْمُوصِي

وَانْظُرْ هَلْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» نَفْيَ الصِّحَّةِ أَوْ النَّهْيَ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ قَالَهُ د.

قُلْت: الْمَذْهَبُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا فَالْمُوصَى بِهِ مِيرَاثٌ. ع: وَانْظُرْ هَلْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: (وَالْوَصَايَا خَارِجَةٌ مِنْ الثُّلُثِ) أَنَّ مَصْرِفَهَا إنَّمَا هُوَ فِي الثُّلُثِ أَوْ إنَّمَا أَرَادَ لَا يَجُوزُ لِلْمُوصِي أَنْ يُوصِيَ إلَّا بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ (وَيُرَدُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

بِمَوْتِهِ] فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ إذْ الْمَيِّتُ لَا يَصْلُحُ تَمَلُّكُهُ.

[قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ بَلْ بَيْتُ الْمَالِ بَطَلَتْ كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ قَالَهُ عج.

وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: إنَّ بَيْتَ الْمَالِ مِنْ الْوَارِثِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ إلَخْ] لَيْسَ هَذَا تَعْرِيفًا فَيَعْتَرِضُ بِاحْتِوَائِهِ عَلَى لَفْظَةِ كُلٍّ بَلْ ضَابِطٌ [قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ بِخَمْرٍ إلَخْ] أَيْ مِنْ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ وَأَمَّا مِنْ كَافِرٍ لِكَافِرٍ فَتَصِحُّ، وَكَذَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُصَلِّي أَوْ يَصُومُ عَنْهُ وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا بِخِلَافِ الْإِيصَاءِ بِالْمَكْرُوهِ كَالْإِيصَاءِ بِضَحِيَّةٍ فَلَا تَبْطُلُ، وَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا [قَوْلُهُ: وَالثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا] أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا تُؤَوَّلُ إلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِيجَابُ] قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَتَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ لَفْظٌ مَخْصُوصٌ بَلْ كُلُّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ قَصْدُ الْوَصِيَّةِ بِالْوَضْعِ أَوْ الْقَرِينَةِ حَصَلَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا.

أَقُولُ: وَلَوْ بِلَفْظِ الْوَقْفِ كَمَا إذَا قَالَ: هُوَ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي كَمَا يُفِيدُهُ الْمِعْيَارُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيجَابِ الصِّيغَةَ الدَّالَّةَ عَلَى قَصْدِ الْوَصِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ فَالْمُرَادُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ لَفْظٌ مَخْصُوصٌ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْأَمْرُ الْكُلِّيُّ بَلْ الْإِشَارَةُ كَافِيَةٌ وَلَوْ مِنْ قَادِرٍ عَلَى الْكَلَامِ.

[قَوْلُهُ: مِثْلَ أَوْصَيْت] أَيْ أَوْصَيْت لَهُ [قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ] وَأَمَّا لَوْ قَبِلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا إذْ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ مَا دَامَ حَيًّا لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَقْبَلَ بَعْدَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ بَالِغًا رَشِيدًا، وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ يَقْبَلُ لَهُ، فَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَلِوَارِثِهِ الْقَبُولُ مَاتَ قَبْلَ الْعِلْمِ أَوْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُوصِي الْمُوصَى لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ الْقَبُولُ، وَلَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ لَهُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ

[قَوْلُهُ: نَفْيَ الصِّحَّةِ أَوْ النَّهْيَ] نَفْيُ الصِّحَّةِ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ، وَالنَّهْيُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الصِّحَّةِ.

[قَوْلُهُ: قُلْت الْمَذْهَبُ إلَخْ] الْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَارِثُ كَانَتْ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُ فَالْحَقُّ مَا لِلشَّيْخِ زَرُّوقٍ.

[قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا أَرَادَ إلَخْ] قَالَ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي: وَاقْتَصَرَ الْأَقْفَهْسِيُّ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ فَإِنْ وَقَعَ وَأَوْصَى بِأَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ، قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الِاقْتِصَارِ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ فِيهِ إفَادَةُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: وَتُرَدُّ أَيْ تَبْطُلُ لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ إنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ فَكَالْوَصِيَّةِ وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِ الْمَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَالْوَصِيَّةِ أَنَّ عَقْدَ التَّدْبِيرِ لَازِمٌ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ عَقْدُهَا مُنْحَلٌّ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ شُرِطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>