للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً (إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ) إذَا كَانُوا بَالِغِينَ رُشَدَاءَ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِمْ عُقَلَاءَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِمْ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الثُّلُثَ لَا يُرَدُّ وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ وَلَوْ قَصَدَ الضَّرَرَ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ يَوْمَ مَوْتِهِ لَا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْوَصِيَّةِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ يَوْمَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ الْمَوْتِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ يَسَعُهَا الثُّلُثُ يَوْمَ الْمَوْتِ فَطَرَأَ عَلَى الْمَالِ جَائِحَةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَهُ فَصَارَ لَا يَسَعُهَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ كَانَ حُكْمُهَا يَوْمَ الْقِسْمَةِ حُكْمَ مَنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَبْدَأُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَالَ: (وَالْعِتْقُ بِعَيْنِهِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ وَأَعْتِقُوهُ (مُبَدَّأٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَصَايَا بِالْمَالِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَاهُ بِهَذَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَاتِ إذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ مُبَدَّأَةٌ عَلَى الْعِتْقِ (وَالْمُدَبَّرُ فِي) حَالِ (الصِّحَّةِ مُبَدَّأٌ عَلَى مَا) يَصْدُرُ مِنْهُ (فِي) حَالِ (الْمَرَضِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

عَدَمُهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ إلَخْ] بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ رَدًّا لِمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَةٍ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الثُّلُثِ زِيَادَةً يَسِيرَةً مِثْلَ الدِّينَارِ، وَنَحْوِهِ أَنَّهَا لَا تُحَرِّمُ الْعِتْقَ بِذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ إلَخْ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ أَيْضًا ثُمَّ إنَّ الْوَارِثَ إذَا أَجَازَ الْوَصِيَّةَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَانَ الْوَارِثُ أَوْ مَاتَ فَإِنْ حَازَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَلَا حَقَّ لِغُرَمَائِهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَحُزْهَا فَهُمْ أَحَقُّ فَالْمَدَارُ عَلَى الْحَوْزِ وَعَدَمِهِ لَا عَلَى الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانُوا بَالِغِينَ] أَيْ فَتَكُونُ الْإِجَازَةُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ لَهُمْ، وَإِنْ أَجَازَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ مَضَتْ حِصَّةُ الْمُجِيزِ وَرُدَّتْ حِصَّةُ الْمُمْتَنِعِ.

[قَوْلُهُ: غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِمْ] أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: رُشَدَاءَ وَكَذَا قَوْلُهُ: عُقَلَاءَ.

[قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الثُّلُثَ لَا يُرَدُّ] بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ تَتَبَرَّعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَةَ يُمْكِنُهَا التَّبَرُّعُ بَعْدُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ قَدْ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ سَرِيعًا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِيصَاءُ بَعْدَ رَدِّ الْجَمِيعِ.

[قَوْلُهُ: فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ] أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَمُقَابِلُهُ ظَاهِرٌ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ] أَيْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْمَوْتِ عَلَى مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: لَا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْمَالِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَيَوْمَ الْحَجْرِ أَوْ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ وَفِي الْحَالِ الَّتِي لَوْ وَهَبَ فِيهَا جَمِيعَ الْمَالِ لَزِمَهُ لِأَنَّ هَذِهِ عَطِيَّةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهَا فِي الْحَيَاةِ، وَلَا يَصِحُّ الِالْتِفَاتُ فِيهَا إلَى يَوْمِ الْوَصِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ] فَإِنْ قُلْت: حَيْثُ ذَهَبَ الْمَالُ بِالْجَائِحَةِ فَيَذْهَبُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَعَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَظْهَرُ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا يَوْمَ التَّنْفِيذِ ثَمَرَةً لِأَنَّ الْوَارِثَ أَمِينٌ فِي ذَلِكَ الْمَالِ، قُلْت: لَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ يَرَى أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ دَخَلَ ذِمَّةَ الْوَارِثِ بِالْمَوْتِ وَصَارَ مَا يَخُصُّ الْمُوصَى لَهُ كَالدَّيْنِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ إنَّ مَا ذَهَبَ بِالْجَائِحَةِ يَكُونُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إنْ لَوْ قُلْنَا الْعِبْرَةُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ.

[قَوْلُهُ: يَوْمَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ] وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ.

[قَوْلُهُ: كَانَ حُكْمُهَا يَوْمَ الْقِسْمَةِ] لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ وَصِيَّةِ الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ فِي مِلْكِهِ] كَأَعْتِقُوا عَبْدِي مُبَارَكًا تت.

[قَوْلُهُ: مِثْلُ إلَخْ] تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ نَاجِزًا أَيْ عَقِبَ مَوْتِي أَوْ لِكَشَهْرٍ، وَكَذَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ أَوْ بِكِتَابَةٍ فَعَجَّلَهَا فَهَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَقْدِيمَ لِأَحَدِهَا عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَحَاصُّونَ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بِعَيْنِهِ أَيْ الْمُعْتَقِ الرَّقِيقِ بِعَيْنِهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا قَالَ: أَعْتِقُوا عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا بِالْمَالِ بَلْ هُوَ فِي مَرْتَبَتِهَا فَيَتَحَاصُّونَ عِنْدَ الضِّيقِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْوَصَايَا بِالْمَالِ] أَيْ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَيْهِ طَلَبٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَكَذَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ أَوْ بِكِتَابَتِهِ وَلَمْ يُعَجِّلْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَالَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.

[قَوْلُهُ: إذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ] أَيْ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِحُلُولِهَا وَسَيَأْتِي مَفْهُومُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>