قَالَهُ مَالِكٌ اهـ
. (وَضَمَانُ الرَّهْنِ) بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ (مِنْ الْمُرْتَهِنِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ آخِذِ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَمِينٍ فَإِنَّهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَهُوَ دَافِعُ الرَّهْنِ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ (فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَالْحُلِيِّ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ فَلَا يَضْمَنُ (وَلَا يَضْمَنُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَالدُّورِ وَالْحَيَوَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَلَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ نَفْيَ الضَّمَانِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: الشَّرْطُ لَازِمٌ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَالشَّرْطُ لَازِمٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَعَلَى الضَّمَانِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ ضَاعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ
ــ
[حاشية العدوي]
يُقَيِّدْهَا بِزَمَنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرَّهْنِ، فَالْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الرَّدُّ فِي الْأَجَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِيهَا ذَلِكَ فَمَا اُشْتُرِطَ فِيهَا الرَّدُّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تُقَيَّدَ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ الْأَدَاءِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ فَهِيَ الْمُقَيَّدَةُ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ هِبَةٌ] أَيْ وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ أَيْ وَهَبَ لَهُ مَنْفَعَتَهَا كَأَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ اكْتَرَاهُ مِنْ الرَّاهِنِ ثُمَّ وَهَبَ لَهُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ كَمَا لَوْ رَدَّهَا لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْوَدِيعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَلَّامَةَ خَلِيلٌ، قَدْ قَالَ: وَعَلَى الرَّدِّ أَوْ اخْتِيَارًا لَهُ أَخْذُهُ أَيْ إذَا أَعَارَهُ عَلَى الرَّدِّ أَوْ رَجَعَ لِلرَّاهِنِ بِاخْتِيَارٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ عَلَى طَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ إكْرَاهٍ لَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فَلَا بُطْلَانَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَامَ عَلَى الرَّاهِنِ الْغُرَمَاءُ وَالرَّهْنُ عِنْدَهُ.
[قَوْلُهُ: فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ] أَيْ فِيمَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ كَحُلِيٍّ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ سَفِينَةٍ فِي حَالِ جَرْيِهَا.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ] أَيْ أَوْ ضَيَاعِهِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَغَيْرِ تَفْرِيطِهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ] أَيْ مَا لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ أَيْ مَا لَمْ يَدَّعِ تَلَفَ دَابَّةٍ مَثَلًا وَلَهُ جِيرَانٌ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَلَا رَأَوْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الرَّهْنَ حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ كَذِبِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ وَادَّعَى مَوْتَ الدَّابَّةِ وَكَذَّبَهُ الْعُدُولُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَمِثْلُ تَكْذِيبِ الْعُدُولِ سُكُوتُهُمْ وَعَدَمُ تَصْدِيقِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِالْعُدُولِ الِاثْنَانِ فَأَكْثَرُ.
وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَهُ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ.
[قَوْلُهُ: وَالْحَيَوَانُ] وَلَوْ طَيْرًا وَكَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ قَبْلَ الْحَصَادِ وَالْقَطْعِ وَكَسَفِينَةٍ فِي مِرْسَاةٍ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ضَمَانَةٌ مِنْ رِوَايَةِ ضَمَانِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ.
[قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ بَاطِلٌ] هَذَا جَوَابُ لَوْ وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ صُورَةِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَصُورَةِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوَّلِ أَعْنِي مَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَطَ فِيهِ عَدَمَ الضَّمَانِ وَلِذَلِكَ عَلَّلُوا اللُّزُومَ بَعْدَ الْعَقْدِ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِقَوْلِهِمْ: لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِالرَّهْنِ مَعْرُوفٌ، وَإِسْقَاطَ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَى الضَّمَانِ] أَيْ وَعَلَى اعْتِبَارِ الضَّمَانِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ ضَاعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
أَوَّلُهُمَا: أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا وَرَجَّحَ الثَّانِيَ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رُئِيَ، وَانْظُرْ إذَا جُهِلَ يَوْمُ الضَّيَاعِ أَوْ يَوْمُ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمُ الرُّؤْيَةِ.
[قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ إلَخْ] هَذَا فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: لَقَدْ ضَاعَ فَيَأْتِي بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَضِعْ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا فَرَّطْت إلَخْ الْمُرَادُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ فَيَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهَا يُضَمُّ لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ الْإِتْيَانُ بِوَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا أَعْرِفُ مَوْضِعَهُ يَأْتِي بِهِ مَضْمُونًا لِلَّفْظَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْأَوَّلِ وَوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَرَفَ مَوْضِعَهُ. زَادَ اللَّقَانِيُّ: وَيَزِيدُ وَلَا يَظُنُّ مَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمَعْرِفَةِ نَفْيُ الظَّنِّ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ.
وَأَمَّا دَعْوَى التَّلَفِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ قَدْ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ وَالدُّلْسَةُ الْحِيلَةُ أَيْ مَا تَحَيَّلْت فِي إخْفَائِهِ، وَأَمَّا مَا يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ الْقِيمَةَ فَيَحْلِفُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَفِي دَعْوَى الضَّيَاعِ أَنَّهُ ضَاعَ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَلَا