للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْوَاعُهَا ثَلَاثَةٌ: أَقْرَاءٌ وَشُهُورٌ وَحَمْلٌ، أَمَّا الْأَقْرَاءُ فَهِيَ لِلْمُطَلَّقَةِ ذَاتِ الْحَيْضِ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً وَإِلَى الْأُولَى أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ) ذَاتِ الْحَيْضِ (ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ كِتَابِيَّةً لِشُمُولِ عُمُومِ الْآيَةِ الْجَمِيعَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: (وَالْأَمَةُ) أَيْ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ الْقِنِّ (وَمَنْ فِيهَا بَقِيَّةُ رِقٍّ) كَالْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُدَبَّرَةِ ذَاتِ الْحَيْضِ (قُرْآنِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا سَوَاءٌ (كَانَ الزَّوْجُ فِي جَمِيعِهِنَّ) أَيْ جَمِيعِ مَنْ ذَكَرَ، وَهِيَ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ، وَالْكِتَابِيَّةُ، وَالْأَمَةُ وَمَنْ فِيهَا بَقِيَّةُ رِقٍّ (حُرًّا، أَوْ عَبْدًا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعِدَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّسَاءِ، وَالطَّلَاقَ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ (وَالْأَقْرَاءُ) عِنْدَنَا (هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي بَيْنَ الدَّمَيْنِ) وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ الْحَيْضُ.

وَأَمَّا الشُّهُورُ فَتَعْتَدُّ بِهَا سِتَّةً أَشَارَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ) لِصِغَرٍ وَيُوطَأُ مِثْلُهَا أُمِنَ حَمْلُهَا أَمْ لَا (أَوْ) كَانَتْ (مِمَّنْ قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ) كَبِنْتِ سَبْعِينَ سَنَةً فَعِدَّتُهَا (ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ)

ــ

[حاشية العدوي]

] فِيهِ أَنَّ الدَّلَالَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ قَوْلِهِ {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥] إذْ الْمَعْنَى لَا تَقْرَبُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ بِأَنْ تَعْزِمُوا عَلَيْهِ، كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ حَوَاشِي التَّفْسِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ التَّرَبُّصُ الْمَذْكُورُ غَايَتَهُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُمْكُثِي» لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلَالَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْأَمْرِ لَا مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ [قَوْلُهُ: وَأَنْوَاعُهَا ثَلَاثَةٌ] أَيْ أَنْوَاعُ الْعِدَّةِ لَا يَخْفَى أَنَّ أَنْوَاعَ التَّرَبُّصِ تَرَبُّصَاتٌ، وَالْأَقْرَاءُ، وَالشُّهُورُ، وَالْحَمْلُ لَيْسَتْ تَرَبُّصَاتٍ [قَوْلُهُ: وَحَمْلٌ] أَيْ زَمَنُ الْحَمْلِ لَا أَنَّهُ نَفْسُ الْحَمْلِ لَا وَضْعُ الْحَمْلِ بَلْ الزَّمَنُ الَّذِي يَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ.

قَالَ خَلِيلٌ وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حَمْلِهَا، قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ يَعْنِي أَنَّ الْحَامِلَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ

[قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ] أَيْ الْبَالِغِ غَيْرِ الْحَامِلِ الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ خَلْوَةِ زَوْجِهَا الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ خَلْوَةً، يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ زِيَارَةٍ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ فِي تِلْكَ الْخَلْوَةِ لِحَقِّ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ وَلَا خَلْوَةٌ أُخِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالدُّخُولِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَقَرَّ هُوَ بِالدُّخُولِ لَزِمَهُ تَكْمِيلُ الصَّدَاقِ، وَالنَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ، وَقَيَّدْنَا الْحُرَّةَ بِالْبَالِغَةِ لِقَوْلِهِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَبِغَيْرِ الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ حَمْلِهَا، وَبِالزَّوْجِ الْبَالِغِ؛ لِأَنَّ زَوْجَةَ الصَّبِيِّ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَبِغَيْرِ الْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّ زَوْجَتَهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقِهِ.

وَأَمَّا الْخَصِيُّ الْقَائِمُ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ وَطْأَهُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ إذَا طَلَّقَهَا، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخَصْيِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَإِلَّا فَلَا يُسْأَلُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ عَنْهُ [قَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ] ، وَلَوْ كَانَ يَأْتِيهَا فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَرَّةً، وَلَوْ فِي مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَإِلَّا فَزِنًا، وَتَمْكُثُ فِيهِ قَدْرَ عِدَّتِهَا وَتَحِلُّ لِغَيْرِ الْمُطَلِّقِ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إنْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ، وَالرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ فِي حَيْضٍ وَيُنْدَبُ لَهَا أَنْ لَا تَتَعَجَّلَ بِالْعَقْدِ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ، قُلْنَا يُنْدَبُ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الدَّمِ، وَلَوْ مُسِخَ الرَّجُلُ لَزِمَ زَوْجَتَهُ الْعِدَّةُ، عِدَّةُ طَلَاقٍ إنْ مُسِخَ حَيَوَانًا وَعِدَّةُ وَفَاةٍ إنْ مُسِخَ جَمَادًا فَلَوْ مُسِخَتْ هِيَ وَهِيَ رَابِعَةٌ تَزَوَّجَ مَكَانَهَا مُطْلَقًا جَمَادًا أَوْ حَيَوَانًا [قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابِيَّةً] أَيْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ وَأَرَادَ مُسْلِمٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا فَتُدَبَّرُ

[قَوْلُهُ: لِشُمُولِ عُمُومِ الْآيَةِ] أَيْ لِشُمُولِ الْآيَةِ الْجَمِيعَ مِنْ حَيْثُ عُمُومُهَا [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ] وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ اللُّغَةِ [قَوْلُهُ: عِنْدَنَا] أَيْ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ الْمُحْتَرِزُ فَقَطْ [قَوْلُهُ: بَيْنَ الدَّمَيْنِ] الْأَنْسَبُ بِلَفْظِ الْأَقْرَاءِ الدِّمَاءُ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَيْنَ الدَّمَيْنِ قُرْءٌ وَاحِدٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْأَقْرَاءِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ وَمَيَّزَتْ وَإِلَّا كَانَتْ مُرْتَابَةً.

[قَوْلُهُ: وَيُوطَأُ مِثْلُهَا] وَأَمَّا مَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَمَحِلُّ كَوْنِهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ مَا لَمْ تَرَ الْحَيْضَ فِي آخِرِهَا وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ [قَوْلُهُ: كَبِنْتِ سَبْعِينَ] أَيْ مَنْ أَوْفَتْ سَبْعِينَ لَا مَنْ دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الْمُتَمِّمَةِ لِلسَّبْعِينَ كَمَا أَفَادَهُ عج

وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَلَغَتْ سَبْعِينَ عَامًا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ قَطْعًا فَإِذَا نَزَلَ دَمٌ عَلَيْهَا لَا عِبْرَةَ بِهِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسِينَ دَمُهَا حَيْضٌ قَطْعًا، وَلَا تَسْأَلُ فِيهِ النِّسَاءَ وَمَنْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ وَلَمْ تَبْلُغْ سَبْعِينَ وَنَزَلَ عَلَيْهَا دَمٌ يُسْأَلُ فِيهِ النِّسَاءُ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>