للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا.

(وَمَنْ أَرْضَعَ صَبِيًّا) ذَكَرَ الْفِعْلَ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ} [الأحزاب: ٣١] (فَبَنَاتُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ) الْمُرْضِعَةِ لِلصَّبِيِّ (وَبَنَاتُ فَحْلِهَا مَا تَقَدَّمَ، أَوْ تَأَخَّرَ) (إخْوَةٌ لَهُ) أَيْ لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: أَخَوَاتٌ لَهُ إلَّا إنَّهُ رَاعَى لَفْظَ مَا.

(وَلِأَخِيهِ) أَيْ أَخِي الصَّبِيِّ مِنْ النَّسَبِ لَا مِنْ الرَّضَاعِ (نِكَاحُ بَنَاتِهَا) أَيْ بَنَاتِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ وَكَذَلِكَ لِأَخِيهِ نِكَاحُ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ لَا مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْأَبِ، وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ السِّتَّةِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْعُلَمَاءُ، مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، ثَانِيهَا: مَنْ أَرْضَعَتْ وَلَدَ وَلَدِك، ثَالِثُهَا: جَدَّةُ وَلَدِك، رَابِعُهَا: أُخْتُ وَلَدِك خَامِسُهَا: أُمُّ عَمِّك وَعَمَّتِك سَادِسُهَا: أُمُّ خَالِك وَخَالَتِك.

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ بِأَنْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ وَرُدَّ [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ] أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ غَلَبَةَ ظَنٍّ، وَكَذَا شَكًّا احْتِيَاطًا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَشْهُورُ.

[قَوْلُهُ: ذَكَرَ الْفِعْلَ] أَيْ حَيْثُ قَالَ أَرْضَعَ وَلَمْ يَقُلْ أَرْضَعَتْ وَقَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ، أَيْ لَفْظِ مَنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَقْنُتْ} [الأحزاب: ٣١] فَلَوْ رَاعَى الْمَعْنَى لَقَالَ وَمَنْ تَقْنُتْ بِالتَّاءِ [قَوْلُهُ: فَبَنَاتُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ] ، وَلَوْ مِنْ زَوْجٍ غَيْرِ فَحْلِهَا الْيَوْمَ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَأَوْلَادُ بَدَلَ بَنَاتٍ لِيَشْمَلَ الذُّكُورَ أَيْضًا [قَوْلُهُ: وَبَنَاتُ فَحْلِهَا] أَيْ الْيَوْمَ الَّذِي حَصَلَ الرَّضَاعُ بِلَبَنِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ حَلَالٍ بَلْ، وَلَوْ مِنْ حَرَامٍ. لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ مِنْهُ بِصَاحِبِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُخْتَصَرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّضِيعَ لَا يَكُونُ أَخًا لِأَوْلَادِ فَحْلِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ غَيْرِهَا، إلَّا إذَا كَانَ قَدْ وَطِئَ الْمُرْضِعَةَ وَأَنْزَلَ قَبْلَ الْإِرْضَاعِ حَتَّى يَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ لَبَنِ ذَلِكَ الْفَحْلِ.

[قَوْلُهُ: وَلِأَخِيهِ نِكَاحُ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّ الَّذِي يُقَدِّرُ وَلَدًا لِلْمُرْضِعَةِ خُصُوصُ الرَّضِيعِ وَفُرُوعُهُ كَهُوَ فَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ وَأُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَعَمَّاتُهَا وَخَالَاتُهَا، كَمَا تَحْرُمُ عَلَى فُصُولِهِ وَلَا تُحَرَّمُ عَلَى أُصُولِهِ وَلَا عَلَى إخْوَتِهِ وَيَسْتَمِرُّ كُلُّ مَنْ رَضَعَ وَلَدًا لِصَاحِبِ اللَّبَنِ لِانْقِطَاعِهِ، وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ. [قَوْلُهُ: لَا مِنْ الرَّضَاعِ] أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ الرَّضَاعِ أَيْ فَيَكُونُ أَوْلَى، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَعَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ.

تَنْبِيهٌ:

يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَشَا أَمْ لَا، وَكَذَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا فِي هَاتَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَوْ أُمَّهَاتَهمَا، وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ تَرَدَّدَ لَا بِامْرَأَةٍ، وَلَوْ فَشَا، وَلَوْ عَدْلًا. [قَوْلُهُ: وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ] أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ لِأَخِيهِ نِكَاحُ أُمِّهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا أُمُّ أَخِيك أَيْ أَوْ أُخْتِك رَضَاعًا؛ وَهِيَ نَسَبًا تَحْرُمُ عَلَيْك؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ زَوْجَةُ أَبِيك [قَوْلُهُ: ثَانِيهَا مَنْ أَرْضَعَتْ وَلَدَ وَلَدِك] ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَأَمَّا نَسَبًا فَهِيَ إمَّا بِنْتُك أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَأَمَّا هَذِهِ وَهِيَ الْأَجْنَبِيَّةُ الْمُرْضِعَةُ وَلَدَ وَلَدِك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك.

[قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا جَدَّةُ وَلَدِك] فَهِيَ نَسَبًا إمَّا أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَعْنِي إرْضَاعَ امْرَأَةِ وَلَدِك فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك أُمُّهَا، وَقَوْلُهُ وَرَابِعُهَا أُخْتُ وَلَدِك فَهِيَ نَسَبًا بِنْتُك أَوْ بِنْتُ زَوْجَتِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا الَّتِي هِيَ أُخْتُ وَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَخَامِسُهَا أُمُّ عَمِّك وَعَمَّتِك فَهِيَ نَسَبًا إمَّا جَدَّتُك لِأَبِيك أَوْ حَلِيلَةُ جَدِّك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ عَمَّك أَوْ عَمَّتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك، وَقَوْلُهُ سَادِسُهَا أُمُّ خَالِك وَخَالَتِك فَهِيَ نَسَبًا إمَّا جَدَّتُك لِأُمِّك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ خَالَك أَوْ خَالَتَك لَمْ تَحْرُمْ لِفَقْدِ ذَلِكَ مِنْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>