مَرَّاتٍ: أُشْهِدُ اللَّهَ مَا زَنَيْت.
وَإِذَا قَالَ فِي الرُّؤْيَةِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي فَتَرُدُّ ذَلِكَ فَتَقُولُ فِي الْمَرَّاتِ الْأَرْبَعِ: مَا رَآنِي أَزْنِي (وَ) بَعْدَ الرَّابِعَةِ (تُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) فَتَقُولُ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ وَأَنْ يَكُونَ فِي أَشْرَفِ أَمْكِنَةِ الْبَلَدِ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ، إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَتُلَاعَنُ فِي كَنِيسَتِهَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَتَخْوِيفُهُمَا خُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ، يُقَالُ لَهُمَا هَذِهِ الْخَامِسَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ عَلَيْكُمَا الْعَذَابَ
(وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ) أَيْ جَبُنَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ اللِّعَانِ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ (رُجِمَتْ إنْ كَانَتْ) بَالِغَةً (حُرَّةً مُحْصَنَةً بِوَطْءٍ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ)
ــ
[حاشية العدوي]
اللَّعْنِ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ، وَالْغَضَبِ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ، أَيْ لِأَنَّ الرَّجُلَ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فَنَاسَبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ مَعْنَاهُ الْبُعْدُ، وَالْمَرْأَةُ مُغْضِبَةٌ لِزَوْجِهَا وَلِأَهْلِهَا وَرَبِّهَا فَنَاسَبَهَا ذَلِكَ، فَلَوْ أَبْدَلَ الرَّجُلُ اللَّعْنَةَ بِالْغَضَبِ وَالْمَرْأَةُ الْغَضَبَ بِاللَّعْنَةِ لَمْ يَجُزْ.
[قَوْلُهُ: أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ] أَيْ لِأَنَّ اللِّعَانَ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَقَلُّ مَا تَظْهَرُ بِهِ تِلْكَ الشَّعِيرَةُ أَرْبَعَةٌ لَا لِاحْتِمَالِ نُكُولٍ أَوْ إقْرَارٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ لَا مِنْ أَرَاذِلِهِمْ [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ فِي أَشْرَفِ أَمْكِنَةِ الْبَلَدِ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْطِعٌ لِلْحَقِّ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ التَّخْوِيفُ، وَالتَّغْلِيظُ عَلَى الْمُلَاعِنِ، وَلِلْمَوْضِعِ حَظٌّ وَلِهَذَا كَانَ لِعَانُ الذِّمِّيَّةِ فِي كَنِيسَتِهَا، وَالْيَهُودِيَّةِ فِي بَيْعَتِهَا، فَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَفِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَنِيسَةَ أَشْرَفُ الْبَلَدِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ وَهِيَ الذِّمِّيَّةُ، أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْأَشْرَفِ حَقِيقَةً أَوْ ادِّعَاءً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُقُوعَهُ بِأَشْرَفِ أَمْكِنَةِ الْبَلَدِ وَاجِبٌ شَرْطًا، كَمَا فِي الْأَمْوَالِ فَلَا يُقْبَلُ رِضَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِدُونِهِ.
وَذَكَرَ الْخَرَشِيُّ عَنْ تَقْرِيرِ أَنَّ كَوْنَهُ بِأَشْرَفِ الْبَلَدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ يُعَدُّ نُكُولًا، وَفِي مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَفِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً] أَيْ نَصْرَانِيَّةً فَتُلَاعِنُ فِي كَنِيسَتِهَا أَيْ، وَالْيَهُودِيَّةُ فِي بَيْعَتِهَا، وَالْمَجُوسِيَّةُ فِي بَيْتِ النَّارِ، وَإِنْ كَانَ لَا دِينَ لَهُمَا مِثْلُ الْوَثَنِيِّينَ، فَفِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَإِذَا فَرَغَ الْمُتَلَاعِنَانِ مِنْ تَلَاعُنِهِمَا جَمِيعًا تَفَرَّقَا، وَخَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ غَيْرِ الْبَابِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ لَمْ يَضُرَّ لِعَانَهُمَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ اللِّعَانُ إلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ تُجْمَعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْحُكَّامِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ] اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَهُ إثْرَ صَلَاةٍ مَنْدُوبٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ فَكَوْنُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ.
قَالَ الْمُهَلَّبُ وَسَبَبُ كَوْنِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ شُهُودُ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ ذَلِكَ الْوَقْتَ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مُشَارَكَةً لَهُ فِي شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ أَيْ وَارْتِفَاعُ الْأَعْمَالِ لِحَدِيثِ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ» إلَخْ، وَذَكَرَ بَعْضٌ فِي وَجْهِ التَّغْلِيظِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنَّهُ وَقْتٌ يَتُوبُ فِيهِ الْمُقَصِّرُ. لِكَوْنِهِ آخِرَ النَّهَارِ، وَيَشْتَغِلُ فِيهِ الْمُوَفَّقُ بِالذِّكْرِ وَنَحْوِهِ فَالْمَعْصِيَةُ فِيهِ أَقْبَحُ [قَوْلُهُ: وَتَخْوِيفُهُمَا] أَيْ يُنْدَبُ تَخْوِيفُهُمَا أَيْ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ، بِأَنْ يُقَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا: تُبْ إلَى اللَّهِ، وَيُذَكِّرُهُمَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَاب الْآخِرَةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ بِلَا شَكٍّ [قَوْلُهُ: خُصُوصًا إلَخْ] أَيْ أَخُصُّ الْوَعْظَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ خُصُوصًا، أَيْ وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ خُصُوصًا أَيْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَعِنْدَ التَّوَجُّهِ لِلْخَامِسَةِ [قَوْلُهُ: يُقَالُ لَهُمَا] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ.
وَالْقَوْلُ لَهُمَا بِأَنَّهَا الْمُوجِبَةُ أَيْ يُنْدَبُ الْقَوْلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، بِأَنَّ الْخَامِسَةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِلْعَذَابِ أَيْ مَحِلُّ نُزُولِهِ، بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِمُقْتَضَى اخْتِيَاره رَتَّبَ الْعَذَابَ عَلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ الرَّجْمُ أَوْ الْجَلْدُ عَلَى الْمَرْأَةِ، إنْ لَمْ تَحْلِفْ وَعَلَى الرَّجُلِ إنْ بَدَأَتْ قَبْلَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ إعَادَتِهَا.
[قَوْلُهُ: رُجِمَتْ] أَيْ ضُرِبَتْ بِالْحِجَارَةِ إلَى أَنْ تَمُوتَ مَا لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْحَلِفِ، فَإِنَّ لَهَا ذَلِكَ كَاَلَّتِي تُقِرُّ عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا ثُمَّ تَرْجِعُ عَنْهُ.
قَالَهُ فِي النُّكَتِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا نَكَلَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فَلَا يُمَكَّنُ