الْمُلَاعِنِ (أَوْ) مِنْ (زَوْجٍ غَيْرِهِ) وَاحْتُرِزَ بِالْبَالِغَةِ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا لَا تُحَدُّ وَبِالْحُرَّةِ مِنْ الْأَمَةِ فَإِنَّهَا تُحَدُّ خَمْسِينَ جَلْدَةً مِنْ غَيْرِ رَجْمٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُلَاعَنَةِ إحْصَانٌ (جُلِدَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ) الْمُلَاعِنُ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ بَالِغَةً مُسْلِمَةً حُرَّةً (جُلِدَ) لَهَا (حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ) جَلْدَةً (وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ) ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ لَا يَنْفِيهِ إلَّا اللِّعَانُ وَلَا يَخْفَى حُكْمُ الْقُيُودِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْخُلْعِ فَقَالَ: (وَلِلْمَرْأَةِ) أَيْ وَيُبَاحُ لَهَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً غَيْرَ مِدْيَانَةٍ (أَنْ تَفْتَدِيَ) أَيْ تَخْتَلِعَ (مِنْ زَوْجِهَا) إذَا كَانَ بَالِغًا رَشِيدًا (بِ) جَمِيعِ (صَدَاقِهَا، أَوْ) بِ (أَكْثَرَ) مِنْهُ وَإِبَاحَتُهُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا (إذَا لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (عَنْ ضَرَرٍ بِهَا) مِثْلُ أَنْ يُنْقِصَهَا مِنْ النَّفَقَةِ، أَوْ يُكَلِّفَهَا شُغُلًا لَا يَلْزَمُهَا (فَإِنْ كَانَ)
ــ
[حاشية العدوي]
مِنْ ذَلِكَ بَلْ يُحَدُّ [قَوْلُهُ: مُحْصَنَةً] يَتَضَمَّنُ كَوْنَهَا حُرَّةً مُسْلِمَةً بَالِغَةً عَاقِلَةً وُطِئَتْ وَطْئًا مُبَاحًا بِنِكَاحٍ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَقَوْلُهُ بِوَطْءٍ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ مُحْصَنَةً وَيُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا قَالَهُ عج [قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ زَوْجٍ غَيْرِهِ] أَيْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْوَطْءُ مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُحَدُّ] يَعْنِي: إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَالزَّوْجُ يُلَاعِنُ دُونَهَا، وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَمْ تُحَدَّ [قَوْلُهُ: جُلِدَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ] حَيْثُ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً مُكَلَّفَةً فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَنِصْفُ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً يَلْزَمُهَا الْأَدَبُ لِأَذِيَّتِهَا لِزَوْجِهَا، وَرُدَّتْ لِحَاكِمِ مِلَّتِهَا بَعْدَ تَأْدِيبِهَا لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقِهَا الْحَدَّ بِنُكُولِهَا [قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ بَالِغَةً إلَخْ] أَيْ وَعَفِيفَةً لَا إنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَقَوْلُهُ مُسْلِمَةً أَيْ وَأَمَّا الذِّمِّيَّةُ فَيَلْزَمُهُ الْأَدَبُ بِنُكُولِهِ، وَكَذَا الْأَمَةُ.
وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِبَالِغَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تُطِيقُ الْوَطْءَ وَنَكَلَ يُحَدُّ لَهَا، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِكَوْنِهِمَا بَالِغَيْنِ لِنَحْتَرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَا غَيْرَ بَالِغَيْنِ أَوْ كَانَتْ هِيَ فَقَطْ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: ثَمَانِينَ جَلْدَةً] حَيْثُ كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَالزَّوْجَةُ بَالِغَةً فَإِنْ رَمَاهَا بِالزِّنَا فَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ انْتَفَى عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَعَلَيْهَا الْحَدُّ [قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى حُكْمُ الْقُيُودِ] أَيْ وَلَا يَخْفَى مَفْهُومُ الْقُيُودِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا الَّتِي هِيَ مُسْلِمَةٌ بَالِغَةٌ حُرَّةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
[قَوْلُهُ: وَلِلْمَرْأَةِ] وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَعْطَتْهُ مَالًا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا. فَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بَائِنَةٌ [قَوْلُهُ: أَيْ يُبَاحُ] أَيْ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ [قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً] أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ سَفِيهَةً أَوْ رِقًّا فَلَا يُبَاحُ، وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ فِي الصَّغِيرَةِ، وَالْحُرْمَةُ فِيمَا بَعْدَهَا وَحُرِّرَ أَيْ وَلَا يَصِحُّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ سَفِيهَةً مُوَلَّى عَلَيْهَا أَمْ لَا وَمَنْ فِيهَا بَعْضُ رِقٍّ إذَا خَالَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ زَوْجَهَا عَلَى عِوَضٍ. دَفَعَتْهُ إلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ لَا يَلْزَمُهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيُرَدُّ الْعِوَضُ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَسَقَطَ عَنْ الزَّوْجَةِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَا تَتْبَعُ الْأَمَةُ إنْ عَتَقَتْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ خَالَعَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَكَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهَا.
أَمَّا غَيْرُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ إذَا خَالَعَهَا وُقِفَ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ صَحَّ الْخُلْعُ، وَإِنْ صَحَّ بَطَلَ وَرُدَّ الْمَالُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا خَالَعَتْ بِكَثِيرٍ فَيُرَدُّ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعَجْزِهَا، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ فَإِنْ عَجَزَتْ بَطَلَ، وَإِنْ أَذِنَ صَحَّ، وَيَجُوزُ الْخُلْعُ مِنْ الْمُجْبِرِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهَا بِجَمِيعِ مَهْرِهَا كَانَ الْمُجْبِرُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الْبَالِغِ الثَّيِّبِ السَّفِيهَةِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا. خِلَافٌ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بَالِغًا رَشِيدًا] وَأَمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا يُبَاحُ لَهَا ذَلِكَ هَذَا مَعْنَاهُ، وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ وَجَعَلَهُ خَلِيلٌ شَرْطًا فِي إيجَابِ الْعِوَضِ عَلَى مُلْتَزِمِهِ حَيْثُ قَالَ وَمُوجِبُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ أَيْ وَمُوجِبُ الْعِوَضِ عَلَى مُلْتَزِمِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، صُدُورُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ أَوْ وَلِيِّ صَغِيرٍ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ غَيْرَهُمَا أَيْ فَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ بِطَلَاقِ مَنْ ذَكَرَ، وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ صُدُورُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجٍ، وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ وَلِيِّ صَغِيرٍ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ سُلْطَانًا أَوْ مَقَامَ سُلْطَانٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ، وَيَلْزَمُ الصَّغِيرَ الطَّلْقَةُ الْبَائِنَةُ أَوْ قَوْلُ الشَّارِحِ رَشِيدًا فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ إذْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute