للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ (وَلَا مِيرَاثَ لَهَا) أَيْ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْمَرَضِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ إدْخَالِ وَارِثٍ، وَإِخْرَاجِهِ وَلِيُعَامَلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (لَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ) الطَّلَاقُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ عَاقِلٌ مُكَلَّفٌ (وَكَانَ الْمِيرَاثُ لَهَا مِنْهُ إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ) مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، وَلَا يَرِثُهَا هُوَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَيَرِثُهَا إنْ كَانَ رَجْعِيًّا مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ وَمَرِضَ مَرَضًا آخَرَ فَلَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ الْحَجْرُ عَنْهُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ مِيرَاثِهَا.

(وَمَنْ طَلَّقَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْأَحْرَارِ (امْرَأَتَهُ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا (ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِمِلْكٍ وَلَا نِكَاحٍ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) لِلْآيَةِ.

وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ، وَفِي الْآيَةِ الْوَطْءُ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ: «لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ وَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الَّتِي أَبَتَّ زَوْجُهَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُسَمَّى] يُقْضَى لَهَا بِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَإِنَّهُ يَتَقَرَّرُ لَهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ إنَّ الْمَرِيضَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، أَيْ وَمِنْ الثُّلُثِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ الْمُسَمَّى وَعَلَى الْمَرِيضِ بِهِمَا أَيْ بِالدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ، الْأَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ هَذَا إذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ، وَلَمْ يَحْصُلْ فَسْخٌ.

وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ فَسْخٌ فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُسَمَّى تَأْخُذُهُ مِنْ الثُّلُثِ مُبَدَّأً إنْ مَاتَ، وَإِنْ صَحَّ تَأْخُذُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ مَرِيضَيْنِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَغْلِبُ جَانِبُ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ إنْ دَخَلَ الْأَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الثُّلُثُ وَالْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ أَفْرَدَ الزَّوْجُ بِالْمَرَضِ. [قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ] ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا احْتِرَازًا عَنْ الْخَفِيفِ فَلَا إرْثَ لَهَا إنْ مَاتَ فِيهِ، وَكَانَ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا وَرَجْعِيًّا يَتَوَارَثَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِيرَاثِ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْمِيرَاثِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَحُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْمَرَضِ حُكْمُ غَيْرِهَا مِمَّنْ طَلُقَتْ فِي غَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ، إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَالنِّصْفُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَعَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهَا، وَإِنْ قَتَلَتْهُ خَطَأً وَرِثَتْ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ، وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا عُدْوَانًا لَمْ تَرِثْ مِنْ مَالٍ، وَلَا دِيَةٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ دُخُولُ الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ إذَا عَتَقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَبَاهُ سَحْنُونَ.

وَمَفْهُومُ طَلَّقَ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ، وَقُتِلَ مُرْتَدًّا لَمْ يُورَثْ إذْ لَا يُتَّهَمُ بِالرِّدَّةِ عَلَى مَنْعِ الْمِيرَاثِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْبُغْضِ لِمَنْ يَرِثُهُ. اللَّخْمِيُّ: لَوْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْهُ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَإِنْ قِيلَ النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَلَا شَكَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ إخْرَاجِ وَارِثٍ كَمَا نَهَى عَنْ إدْخَالِهِ» ، فَالشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْمَرِيضِ طَلَاقٌ، قُلْت النَّهْيُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.

وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعِصْمَةَ لَا تَبْقَى بِشَكٍّ وَالشَّكُّ حَاصِلٌ فِي الْعِصْمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً، فَيَكُونُ طَلَاقُهُ كَالْوَاقِعِ فِي الصِّحَّةِ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ. [قَوْلُهُ: مَاتَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ] أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ. .

[قَوْلُهُ: ثَلَاثًا] أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ ثِنْتَيْنِ إنْ كَانَ عَبْدًا حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الطَّلَاقِ الزَّوْجُ عَكْسُ الْعِدَّةِ. [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ] لَا دَلَالَةَ لِجَوَازِ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ يُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ، وَيَكُونُ مُقَيَّدًا بِالْوَطْءِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْحَدِيثِ. [قَوْلُهُ: لَا حَتَّى إلَخْ] فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنِّي كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي أَيْ طَلَّقَنِي ثَلَاثَةً» وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ أَيْ فِي الِارْتِخَاءِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَاعْتَرَضَ، وَلَمْ يُصِبْهَا فَفَارَقَهَا، فَتَبَسَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>