للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُذَكَّرٌ، وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَشُرِطَ فِيهَا مَعَ الْعِلْمِ الْقُدْرَةُ وَعَلَيْهِ مَنْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ أَعَادَ أَبَدًا.

وَفِي الْقَبَسِ الْمَشْهُورُ أَنَّ السَّتْرَ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ يُعِيدُ الْمُتَعَمِّدُ فِي الْوَقْتِ (وَيُكْرَهُ) لِلرَّجُلِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (أَنْ يُصَلِّيَ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ) يَعْنِي كَتِفَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ الْجَمْعِ عَلَى الْمُثَنَّى، أَوْ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ (مِنْهُ شَيْءٌ) مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ (فَإِنْ فَعَلَ) الْمَكْرُوهَ بِأَنْ صَلَّى وَلَحْمُ كَتِفَيْهِ بَارِزٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا يَسْتُرُهُ بِهِ (لَمْ يُعِدْ) مَا صَلَّى مُطْلَقًا لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

ثُمَّ ثَنَّى بِبَيَانِ مَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: (وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ) الْحُرَّةَ الْبَالِغَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَاجِبٌ لِلصَّلَاةِ] وَأَمَّا لِغَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ لَكِنْ يُنْدَبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي الْخَلْوَةِ عَنْ الْمَلَائِكَةِ، وَيُكْرَهُ التَّجَرُّدُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ] هُوَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ الإِسْكَنْدَرَانِي كَانَ إمَامًا فِي الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْعَرَبِيَّةِ، اخْتَصَرَ التَّهْذِيبَ اخْتِصَارًا حَسَنًا، وَاخْتَصَرَ الْمُفَصَّلَ لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَكَانَ رَفِيقًا لِلشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بْنِ الْحَاجِبِ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْإِبْيَارِيِّ، وَتَفَقَّهَا عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَلَّفَ الْبَيَانَ وَالتَّقْرِيبَ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيرٌ جَمَعَ فِيهِ عِلْمًا جَمًّا وَفَوَائِدُهُ غَزِيرَةٌ وَأَقْوَالًا غَرِيبَةً نَحْوَ سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ وَلَمْ يَكْمُلْ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدِّيبَاجِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

[قَوْلُهُ: أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ] هِيَ مِنْ الذَّكَرِ الْبَالِغِ السَّوْأَتَانِ مِنْ الْمُقَدَّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ، وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ الدُّبُرُ، كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا عَدَا الدُّبُرَ إلَى آخِرِ الْأَلْيَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يُعِيدُ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِكَشْفِ الْفَخِذِ وَلَوْ تَعَمَّدَ، وَأَمَّا كَشْفُ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ، أَوْ بَعْضِهَا أَوْ هُمَا أَوْ كَشْفُ عَانَةٍ وَمَا فَوْقَهَا لِسُرَّةٍ فَالْإِعَادَةُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ، وَالْجِنِّيُّ الذَّكَرُ كَالذَّكَرِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الْبَالِغِ وَقَيَّدْنَا بِالْبَالِغِ احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ السَّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الرَّجُلِ فَلَوْ صَلَّى عُرْيَانًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَلِأَشْهَبَ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا وَلِسَحْنُونٍ يُعِيدُ بِالْقُرْبِ لَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ.

[قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهَا] أَيْ شَرْطَ صِحَّةٍ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الْوُجُوبِ الشَّرْطِيَّةُ مَعَ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُرَادَةٌ أَتَى بِقَوْلِهِ وَشُرِطَ فِيهَا لِيُظْهِرَ الْمُرَادَ.

[قَوْلُهُ: أَعَادَ أَبَدًا] أَيْ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، وَأَمَّا الْعَاجِزُ وَالنَّاسِي فَلَا تَبْطُلُ وَيُعِيدَانِ فِي الْوَقْتِ.

[قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ إلَخْ] أَيْ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ لَيْسَ شَرْطًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ النَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهَرْ.

[قَوْلُهُ: يُعِيدُ الْمُتَعَمِّدُ فِي الْوَقْتِ] أَيْ مَعَ الْعِصْيَانِ وَفِي قَوْلِهِ الْمُتَعَمِّدُ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ ظَوَاهِرَ النُّصُوصِ الْمُفِيدَةِ لِلْقَطْعِ كَمَا ذَكَرُوا تَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، وَأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ لَا مَعَ عَدَمِهِمَا فَفِي الْوَقْتِ.

[قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ] اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ زِيَادَةُ إيضَاحٍ، وَدَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ، وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ مَتَى أُطْلِقَتْ لَا تَنْصَرِفُ إلَّا لِلتَّنْزِيهِ. [قَوْلُهُ: مِنْ إطْلَاقِ الْجَمْعِ عَلَى الْمُثَنَّى] أَيْ مَجَازًا كَمَا أَفَادَهُ ك.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ] قَالَ ابْنُ نَاجِي لَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكُرِهَ، وَيُمْكِنُ عَلَى بُعْدٍ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ اهـ.

[قَوْلُهُ: لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقَالَ أَشْهَبُ مَنْ صَلَّى بِسِرْوَالٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ، ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَحَيْثُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ خِلَافٍ، فَقَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ يُحْتَاجُ لَهُ رَدًّا عَلَى الْمُقَابِلِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُقَابِلَ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِعَادَةِ وَلْيُحَرَّرْ

[قَوْلُهُ: ثُمَّ ثَنَّى إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ الْحُرَّةِ بَطْنُهَا إلَى رُكْبَتِهَا وَمَا حَاذَى ذَلِكَ خَلْفَهَا، وَأَمَّا لَوْ صَلَّتْ بَادِيَةَ السَّاقَيْنِ إلَى حَدِّ الرُّكْبَةِ فَنَظَرَ عج فِيهِ هَلْ تُعِيدُ أَبَدًا أَوْ فِي الْوَقْتِ، وَجَعَلَهُ تِلْمِيذُهُ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ الَّذِي تُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا كَالْبَطْنِ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِنَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُغَلَّظَةُ لِحُرَّةٍ بَطْنُهَا وَسَاقَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا حَاذَى ذَلِكَ خَلْفَهَا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ الَّذِي تُعِيدُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ، فَقَدْ نَصُّوا أَنَّهَا إذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ فَقَطْ أَوْ الْأَطْرَافِ فَقَطْ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>