للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ) شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا (الدِّرْعُ الْحَصِيفُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ، وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَى الْأُولَى الْكَثِيفُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ السَّاتِرُ (السَّابِغُ) أَيْ الْكَامِلُ التَّامُّ (الَّذِي يَسْتُرُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَ) الشَّيْءُ الثَّانِي (خِمَارٌ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ مَا يَسْتُرُ الرَّأْسَ وَالصُّدْغَيْنِ (تَتَقَنَّعُ) أَيْ تَسْتُرُ (بِهِ) شَعْرَهَا وَعُنُقَهَا، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ كَثِيفًا غَيْرَ وَاصِفٍ، وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ بَدَنِهَا فِي الصَّلَاةِ.

(تَتْمِيمٌ) عَوْرَةُ الرَّجُلِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ وَهُمَا غَيْرُ دَاخِلَيْنِ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ جَمِيعُ بَدَنِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

هُمَا كَانَ بُدُوُّ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَطْرَافِ ظُهُورُ قَدَمَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا وَشَعْرِهَا، وَظُهُورُ بَعْضِ هَذِهِ كَظُهُورِ كُلِّهَا.

قَالَ بَعْضٌ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ بُطُونَ قَدَمَيْهَا لَا تُعِيدُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوْرَتِهَا. وَكَذَا اسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّهَا إذَا صَلَّتْ بَادِيَةَ الْكَتِفِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُقَابِلُ الصَّدْرَ تُعِيدُ فِي الْوَقْتِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ.

إذْ كَوْنُ السَّاقِ كَالْكَتِفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُقَابِلُ الصَّدْرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَقْرَبُ مِنْ كَوْنِهِ كَالْبَطْنِ الَّذِي تُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ إلَخْ] مِنْ تَقْرِيرِنَا الْمُتَقَدِّمِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَقَلِّيَّةٌ لَا إعَادَةَ مَعَهَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: الْحُرَّةَ] سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْأَمَةِ [قَوْلُهُ: الْبَالِغَةَ] اُحْتُرِزَ مِنْ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّ مُفَادَ التَّوْضِيحِ وَذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ، أَنَّهَا يُنْدَبُ لَهَا السَّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ حَيْثُ بَلَغَتْ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَّهَا إذَا تَرَكَتْ الْقِنَاعَ فَإِنَّهَا تُعِيدُ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، أَيْ وَإِذَا كَانَتْ تُعِيدُ فِي تَرْكِ الْقِنَاعِ فِي الْوَقْتِ فَأَوْلَى فِي تَرْكِ سَتْرِ الصَّدْرِ وَمَا حَاذَاهُ عَلَى نَمَطِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْ السِّنَّ الْمَذْكُورَ فَإِنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِالسَّتْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْحُرَّةِ، وَلَا تُعِيدُ لِتَرْكِ الْقِنَاعِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ السِّنَّ الْمَذْكُورَ تُطْلَبُ بِالسَّتْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْحُرَّةِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا، أَنَّهَا تُعِيدُ بِتَرْكِ الْقِنَاعِ لِلِاصْفِرَارِ كَذَا قَالَهُ عج [قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْأَوَّلِ الْكَثِيفُ] وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَصِفُ وَلَا يَشِفُّ لِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَقَلِّيَّةٌ لَا إعَادَةَ مَعَهَا، لَا فِي وَقْتٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ السَّاتِرُ] وَيُرَادُ بِهِ أَيْضًا الَّذِي لَا يَصِفُ وَلَا يَشِفُّ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ، فَتَخَلَّصَ أَنَّ النُّسْخَتَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ [قَوْلُهُ: التَّامُّ] تَفْسِيرٌ لِلْكَامِلِ [قَوْلُهُ: الَّذِي يَسْتُرُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا] تَفْسِيرٌ لِلسَّابِغِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ بُطُونِ الْقَدَمَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ سَتْرُهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَائِلًا فِي تَعْلِيلِهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُبْدِيَ فِي الصَّلَاةِ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا اهـ.

[قَوْلُهُ: مَا يَسْتُرُ الرَّأْسَ وَالصُّدْغَيْنِ] وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ ح سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُخَمِّرُ الرَّأْسَ أَيْ يُغَطِّيهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ كَثِيفًا غَيْرَ وَاصِفٍ] فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْإِتْيَانِ بِلَفْظَةِ مِنْ، الثَّانِي أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ غَيْرَ وَاصِفٍ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَشِفَّ بِحَيْثُ تَبْدُو الرَّأْسُ مِنْهُ بِدُونِ تَأَمُّلٍ لَكَانَ ظَاهِرًا [قَوْلُهُ: أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ بَدَنِهَا فِي الصَّلَاةِ] أَيْ إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

[قَوْلُهُ: عَوْرَةُ الرَّجُلِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ] أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَخِذَ مِنْ الرَّجُلِ عَوْرَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُهُ وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ كَشْفُهُ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ وَشُهِرَ فِي الْمَدْخَلِ كَرَاهَةُ النَّظَرِ لَهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ النَّظَرَ لِفَخِذِ الْأَمَةِ حَرَامٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَيُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ تَمْكِينُ الدَّلَّاكِ مِنْ الْفَخِذِ وَلَوْ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ النَّظَرِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ أَشَدُّ مِنْ النَّظَرِ، وَقَوْلُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ أَيْ رُؤْيَةِ رَجُلٍ لَهُ أَوْ مَحْرَمٍ لَوْ مَحْرَمَ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا كَمَا قَالَ الْخَرَشِيُّ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِرُؤْيَةِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لَهُ وَلَوْ أَمَةً فَهِيَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ، [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ مِنْ السُّرَّةِ لِلرُّكْبَةِ، وَقَوْلُهُ وَهُمَا غَيْرُ دَاخِلَيْنِ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ قَوْلُ أَصْبَغَ إنَّهَا السَّوْأَتَانِ فَقَطْ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ إنَّهَا السَّوْأَتَانِ وَالْفَخِذَانِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إنَّهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>