وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالِاتِّفَاقُ فِي الْمُقْتَدَى فِيهِ، وَمُوَافَقَةُ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَالْإِقَامَةُ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ مِنْهَا جُزْءٌ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ.
[قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ] فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الصَّبِيِّ لِلْبَالِغِ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مُتَنَفِّلٌ وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ نَفْلٍ، وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَتَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ ابْتِدَاءً وَإِمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ جَائِزَةٌ وَلَا يَتَعَرَّضُ فِي صَلَاتِهِ لِفَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ، فَإِنْ تَعَرَّضَ لِلنَّفْلِ لَمْ تَبْطُلْ وَكَذَا لِلْفَرْضِ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ بَعْضِهِمْ الْبُطْلَانَ. [قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ] فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَجْنُونِ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا وَلَوْ فِي حَالِ صَحْوِهِ.
تَنْبِيهٌ:
فِي عَدِّ هَذَا وَالْإِسْلَامِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ نَظَرٌ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهَا وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَا خَاصَّيْنِ بِالْإِمَامَةِ. [قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ إلَخْ] فَالْجَاهِلُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الْفِقْهِ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي الْعَالِمِ بِهِ وَأَمَّا الْأُمِّيُّ الَّذِي لَا يَقْرَأُ بِمِثْلِهِ فَتَصِحُّ عِنْدَ فَقْدِ الْإِمَامِ الْقَارِئِ لَا عِنْدَ وُجُودِهِ وَلَوْ طَرَأَ فِيهَا وُجُودُ قَارِئٍ لَمْ يَقْطَعْ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْمَذْكُورِ مَعْرِفَةُ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا وَيَكْفِي مَعْرِفَةُ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ أَخَذَ صِفَةَ الصَّلَاةِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ عَالِمٍ فَإِنَّهَا تَصِحُّ خَلْفَهُ وَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرْضًا مِنْ سُنَّةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صِحَّةَ الِائْتِمَامِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا كُلُّهَا فَرَائِضُ إذَا سَلَمَتْ مِمَّا يُفْسِدُهَا فَتَكُونُ إمَامَتُهُ صَحِيحَةً. [قَوْلُهُ: وَالْعَدَالَةُ] يُرَادُ بِهَا عَدَمُ الْفِسْقِ الْمُتَعَلِّقِ بِالصَّلَاةِ، فَالْفَاسِقُ فِسْقًا مُتَعَلِّقًا بِهَا كَمَنْ يَقْصِدُ بِإِمَامَتِهِ الْكِبْرَ أَوْ يَقْرَأُ عَمْدًا بِالشَّاذِّ الْمُخَالِفِ لِلرَّسْمِ الْعُثْمَانِيِّ أَوْ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إمَامَتُهُ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ فَاسِقِ الْجَارِحَةِ كَمَنْ يَزْنِي فَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ فَقَطْ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَمَا فِي الشَّيْخِ خَلِيلٌ مِنْ بُطْلَانِهَا بِفَاسِقٍ الْجَارِحَةِ ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَرْكَانِ] أَيْ فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْعَاجِزِ عَنْ بَعْضِهَا فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ مُطْلَقًا كَالنَّفْلِ إنْ أَتَى بِهِ الْقَادِرُ مِنْ قِيَامٍ لَا مِنْ جُلُوسٍ فَيَصِحُّ مَا لَمْ يَتَمَاثَلَا فِي الْعَجْزِ عَنْ رُكْنٍ مُعَيَّنٍ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا إذَا عَجَزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْقِيَامِ وَالْآخَرُ عَنْ الْجُلُوسِ فَإِنْ عَرَضَ لِلْإِمَامِ عَجْزٌ فِي صَلَاتِهِ اسْتَخْلَفَ وَيَرْجِعُ هُوَ إلَى الصَّفِّ مَأْمُومًا. [قَوْلُهُ: وَالِاتِّفَاقُ فِي الْمُقْتَدَى فِيهِ] أَيْ شَخْصًا وَوَصْفًا وَزَمَانًا فَلَا يَصِحُّ ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا أَدَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا ظُهْرُ سَبْتٍ خَلْفَ ظُهْرِ أَحَدٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَوْ كَانَ عَدَمُ التَّسَاوِي عَلَى الِاحْتِمَالِ فَلَا يَقْتَدِي أَحَدُ شَخْصَيْنِ بِصَاحِبِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَاكٌّ فِي ظُهْرِ الْخَمِيسِ لِأَنَّ صَلَاةَ كُلٍّ تَحْتَمِلُ الْفَرْضِيَّةَ وَالنَّفْلِيَّةَ.
[قَوْلُهُ: وَمُوَافَقَةُ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ] فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ يُسْقِطُ الْقِرَاءَةَ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ يَتْرُكُ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ مَثَلًا، ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ فِي الذَّخِيرَةِ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا ذُكِرَ وَلَكِنَّ اشْتِرَاطَهُ يُنَافِي صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِمُخَالَفَةٍ فِي الْفُرُوعِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالَفِ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ لَا يُسْقِطَ شَيْئًا مِنْ الْأَرْكَانِ. بَلْ كَانَ يَأْتِي بِهَا كُلَّهَا وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَالْمَأْمُومُ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا، فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَالِكِيِّ الَّذِي يُوجِبُ الدَّلْكَ وَمَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ بِمَنْ لَا يُوجِبُهُمَا إذَا لَمْ يَتَدَلَّكْ وَلَمْ يَمْسَحْ جَمِيعَ الرَّأْسِ.
هَكَذَا جَزَمَ سَنَدٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ وَلَا تَضُرُّ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ وَمَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَالِكِيِّ الَّذِي يُوجِبُ الدَّلْكَ بِمَنْ لَا يُوجِبُهُ وَلَا يَتَدَلَّكَ، وَمَنْ يُوجِبُ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ بِمَنْ يَكْتَفِي بِمَسْحِ بَعْضِهِ وَمَسَحَ بَعْضَهُ فَقَطْ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ أَوْ بِمُعِيدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُسَاوَاةٌ فِي شَخْصِ الصَّلَاةِ وَوَصَفَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ لِشَرْطِ صِفَةِ الِاقْتِدَاءِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْعَوْفِيِّ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ مَنْ يُوجِبُ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ بِمَنْ لَا يُوجِبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute