للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ.

(وَإِنْ اسْتَاكَ) الْمُتَوَضِّئُ (بِأُصْبُعِهِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَعَ تَثْلِيثِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا كَذَلِكَ، فَهَذِهِ تِسْعُ لُغَاتٍ، وَفِيهِ لُغَةٌ عَاشِرَةٌ أُصْبُوعٌ وَيَعْنِي بِهَا هُنَا السَّبَّابَةَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَيُرْوَى بِأُصْبُعَيْهِ يَعْنِي السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى (فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ وَظَاهِرُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ الْأُصْبُعَ كَغَيْرِهِ.

قَالَ: وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ عِنْدَهُ هُوَ الْأَصْلُ مَا بَعْدُ، وَقَيَّدَ التَّادَلِيُّ كَلَامَ الشَّيْخِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَعَ فَقْدِ غَيْرِهِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرِّوَايَةِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاكًا فَأُصْبُعُهُ يُجْزِئُ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ لَأَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ يَسْتَاكُ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ أَوْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَاكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَيَكُونُ عَرْضًا إلَّا فِي اللِّسَانِ فَإِنَّهُ يَسْتَاكُ فِيهِ طُولًا، وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَاكُ بِهِ الْأَرَاكُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا إلَّا الصَّائِمَ فَيُكْرَهُ لَهُ الِاسْتِيَاكُ بِالرَّطْبِ، وَلَا يُسْتَاكُ بِالرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ فَإِنَّهُمَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْبَاقِيَتَيْنِ مُسْتَحَبٌّ، وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَغْرُوفِ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: بِأُصْبُعِهِ] اُخْتُلِفَ إذَا اسْتَاكَ بِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَغْسِلُهَا. [قَوْلُهُ: كَذَلِكَ] أَيْ مَعَ تَثْبِيتِ الْبَاءِ أَيْ فَهُوَ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ تِسْعَةٌ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ [قَوْلُهُ: السَّبَّابَةَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى] أَيْ وَيُكْرَهُ بِالْيُسْرَى كَمَا أَفَادَهُ مِنْ شَرْحِ خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: وَيُرْوَى بِأُصْبُعَيْهِ] قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ: وَكُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ صَحِيحٌ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ] مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْأُصْبُعَ خَبَرٌ [قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ] يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ [قَوْلُهُ: أَنَّهُ] أَيْ الْأُصْبُعَ هُوَ الْأَصْلُ أَيْ فِي الِاسْتِيَاكِ أَيْ وَالْأَرَاكِ وَغَيْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت: مَا الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَصَالَةِ؟ قُلْت: أَنْ يُقَدِّمَ أَيْ الْأُصْبُعَ نَدْبًا عَلَى غَيْرِهِ إذَا وُجِدَ. [قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ التَّادَلِيُّ إلَخْ] قَالَ السُّيُوطِيّ فِي اللُّبِّ: التَّادَلِيُّ نِسْبَةٌ إلَى تَادَلَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مِنْ جِبَالِ الْبَرْبَرِ بِالْمَغْرِبِ اهـ.

[قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَعَ فَقْدِ غَيْرِهِ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاكًا إلَخْ] مَفْهُومُهُ لَوْ وَجَدَ سِوَاكًا فَأُصْبُعُهُ لَا يُجْزِئُهُ [قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ إلَخْ] أَيْ فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ.

أَقُولُ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، فَقِيلَ: يَسْتَاكُ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَهَلْ مَعَ كُلِّ مَرَّةٍ أَوْ مَعَ الْبَعْضِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَسْتَاكُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَيَتَمَضْمَضُ بَعْدَهُ لِيُخْرِجَ الْمَاءُ مَا حَصَلَ بِالسِّوَاكِ أَفَادَهُ عج. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَصِيرُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت ابْنَ دَقِيقِ الْعِيدِ رَدَّهُ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَسْتَاكُ وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ، يَقُولُ: أُعْ أُعْ وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ» ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقُرَبِ وَالْعِبَادَاتِ فَلَا يُطْلَبُ إخْفَاؤُهُ اهـ.

وَذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ بَعْضَهُمْ تَرْجَمَ هَذَا الْحَدِيثَ بِاسْتِيَاكِ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَرْضًا إلَخْ] أَيْ وَيَكُونُ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ حَتَّى بَاطِنِهَا كَمَا نَصَّ عَلَى نَدْبِهِ بِهَا الْمُنَاوِيُّ مُخَالَفَةً لِلشَّيْطَانِ أَيْ فَإِذَا كَانَ عَرْضًا فَيَكُونُ أَسْلَمَ لِلِّثَةِ مِنْ التَّقَلُّحِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ عَرْضًا وَلَا يَسْتَاكُ طُولًا لِئَلَّا يُدْمِيَ لَحْمَ أَسْنَانِهِ فَإِذَا خَالَفَ وَاسْتَاكَ طُولًا حَصَلَ السِّوَاكُ مَعَ الْكَرَاهَةِ اهـ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي سِوَاكِهِ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ فَمِهِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَاكُ فِيهِ طُولًا] وَكَذَا يَكُونُ طُولًا فِي الْحَلْقِ. [قَوْلُهُ: وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَاكُ بِهِ الْأَرَاكُ] ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ النَّوَوِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ مِنْ أَرَاكٍ وَبِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَاكَ مِمَّا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ، حَصَلَ السِّوَاكُ كَالْخِرْقَةِ الْخَشِنَةِ وَالسَّعْدِ وَالْأُشْنَانِ اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ قَالَ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>