إلَى مَبْدَإِ الرَّأْسِ، وَهُوَ أَوَّلُ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: (وَحَدُّ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ) تَفْسِيرًا لِأَعْلَى الْجَبْهَةِ أَيْ أَعْلَى الْجَبْهَةِ، هُوَ حَدُّ مَنَابِتِ الشَّعْرِ، يَعْنِي الْمُعْتَادَ، وَقَيَّدْنَاهُ بِهَذَا لِنَحْتَرِزَ عَنْ الْأَغَمِّ وَهُوَ الَّذِي يَنْبُتُ الشَّعْرُ فِي جَبْهَتِهِ، وَعَنْ الْأَصْلَعِ وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، فَيَدْخُلُ مَوْضِعُ الْغَمَمِ فِي الْغَسْلِ، وَلَا يَدْخُلُ مَوْضِعُ الصَّلَعِ.
ك: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَنَابِتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِيَتَحَقَّقَ الْإِيعَابُ، وَالْوَجْهُ لَهُ طُولٌ وَلَهُ عَرْضٌ فَأَوَّلُ طُولِهِ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ، وَآخِرُهُ طُولًا (إلَى طَرَفِ ذَقَنِهِ) وَهُوَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْعَنْفَقَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي دُخُولِهِ فِي الْغَسْلِ وَحْدَهُ عَرْضًا مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَدَوْرُ وَجْهِهِ كُلِّهِ مِنْ حَدِّ عَظْمَاتِ لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (إلَى صُدْغَيْهِ) تَثْنِيَةُ صُدْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ الدَّالِ، وَيُقَالُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى ذَلِكَ رَجَاءَ الْكَفِّ عَنْهُ، وَهَلْ نَدْبًا وَهُوَ الظَّاهِرُ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُلِّمَ] أَيْ طَلَبَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُعَلِّمُوهُ ذَلِكَ، وَهَلْ نَدْبًا لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لِفِعْلِ مَنْدُوبٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ [قَوْلُهُ: وَالْجَبْهَةُ مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَخْ] هَذَا التَّفْسِيرُ لَا يَشْمَلُ أَعْلَى مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ.
وَقَالَ ح: الْجَبْهَةُ مَا يُصِيبُ الْأَرْضَ فِي حَالِ السُّجُودِ وَالْجَبِينَانِ مَا أَحَاطَ بِهَا مِنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ اهـ.
أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ مَا يُصِيبُ الْأَرْضَ فِي حَالِ السُّجُودِ وَالْجَبِينَيْنِ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت بَعْضَ مَنْ شَرَحَ خَلِيلًا ذَكَرَ مَا اسْتَظْهَرْته حَيْثُ قَالَ: وَالْجَبْهَةُ هُنَا مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَى مَبْدَأِ الرَّأْسِ فَشَمَلَ جِهَةَ الْجَبِينَيْنِ لَا الْجَبْهَةَ الْآتِيَةَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ اهـ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
[قَوْلُهُ: إلَى مَبْدَإِ الرَّأْسِ] الْغَايَةُ بِإِلَى وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْتَضِي الدُّخُولَ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الدُّخُولُ فَهِيَ بِمَعْنَى مَعَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: بَعْدَ فِعْلِي هَذَا إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِيَتَكَمَّلَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَعْلَى الْجَبْهَةِ هُوَ مُنْتَهَى مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ حَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ: وَحَدُّ إلَخْ تَفْسِيرًا لِأَعْلَى الْجَبْهَةِ، وَاَلَّذِي قَالَ بِذَلِكَ أَيْ بِوُجُوبِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ إلَخْ الْجُزُولِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: كَمَا يَجِبُ مَسْحُ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ لِيَتَكَمَّلَ الرَّأْسُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلٌ] أَيْ مَبْدَأُ الرَّأْسِ [قَوْلُهُ: هُوَ حَدُّ] أَيْ أَعْلَى الْجَبْهَةِ هُوَ مُنْتَهَى مَنَابِتِ إلَخْ. [قَوْلُهُ: فِي الْغَسْلِ] بِفَتْحِ الْغَيْنِ [وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَنَابِتِ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ إنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَحَدُّ حَيْثُ جُعِلَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: لِيَتَحَقَّقَ الْإِيعَابُ] لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَحَدُ طَرِيقَتَيْنِ لِلْأُصُولِيِّينَ، وَفِي ابْنِ نَاجِي مَا حَاصِلُهُ أَنَّ فِي غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ خِلَافًا جَارِيًا عَلَى هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَفِي عج: وَانْظُرْ أَيَّ الْمَقَالَتَيْنِ هِيَ الصَّحِيحَةُ اهـ.
وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ اعْتِمَادُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ [قَوْلُهُ: إلَى طَرَفِ ذَقَنِهِ] الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ وَالذَّقَنُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ لَهُ لِحْيَةٌ فَيَغْسِلُ ظَاهِرَهَا وَلَوْ طَالَتْ [قَوْلُهُ: اللَّحْيَيْنِ] بِفَتْحِ اللَّامِ تَثْنِيَةُ لَحْيٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ، وَحُكِيَ الْكَسْرُ فِي الْمُفْرَدِ وَالتَّثْنِيَةِ، وَاللِّحْيَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا قَالَهُ عج فِي حَاشِيَتِهِ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا تَحْتَ إلَخْ] تَفْسِيرٌ لِمَجْمَعِ اللَّحْيَيْنِ وَالْعَنْفَقَةُ فَنْعَلَةٌ قِيلَ: هِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ تَحْتَ الشَّفَةِ السُّفْلَى، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَالذَّقَنِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا شَعْرٌ أَوْ لَا، وَالْجَمْعُ عَنَافِقُ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: وَدَوْرَ إلَخْ] مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَغْسِلُ دَوْرَ إلَخْ [قَوْلُهُ: مِنْ حَدِّ] أَيْ مُنْتَهَى عَظْمَاتِ لَحْيَيْهِ، وَهُوَ مَا تَحْتَ الْأَضْرَاسِ كَمَا فِي تت وَالتَّحْقِيقُ مُنْتَهِيًا إلَى صُدْغَيْهِ.
وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: اللَّحْيُ عَظْمُ الْحَنَكِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ، وَهُوَ مِنْ الْأَسْنَانِ حَيْثُ يَنْبُتُ الشَّعْرُ وَهُوَ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَجَمْعُهُ إلَخْ.
وَلَحْيٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَأَفْلَسَ وَفُلُوسٍ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ نَفْسَ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ فَفِي