للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْكُورَةِ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَالدَّلْكِ وَتَتَبُّعِ الْمَغَابِنِ (ثَلَاثًا) يَعْنِي ثَلَاثَ غَسَلَاتٍ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ، وَيَنْوِي بِالْأُولَى فَرْضَهُ وَبِمَا زَادَ عَلَيْهَا الْفَضِيلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: لَا يَنْوِي شَيْئًا مُعَيَّنًا، وَيُصَمِّمُ اعْتِقَادَهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ الْمُسْبِغَةِ فَهِيَ فَضِيلَةٌ، وَاسْتَظْهَرَهُ سَنَدٌ وَصَحَّحَهُ الْقَرَافِيُّ وَقَوْلُهُ: (يَنْقُلُ الْمَاءَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَجْهِ تَأْكِيدٌ (وَيُحَرِّكُ لِحْيَتَهُ) الْكَثِيفَةَ (فِي حَالِ غَسْلِ وَجْهِهِ بِكَفَّيْهِ لِ) أَجْلِ أَنْ (يُدَاخِلَهَا الْمَاءُ) إذْ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَعُمَّ ظَاهِرَ الشَّعْرِ (لِدَفْعِ الشَّعْرِ لِمَا) أَيْ لِلَّذِي (يُلَاقِيهِ مِنْ الْمَاءِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَخْلِيلُهَا) أَيْ اللِّحْيَةِ (فِي الْوُضُوءِ فِي) مَشْهُورِ (قَوْلِ مَالِكٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَاطِنَهَا لَيْسَ مِنْ الْوَجْهِ، إذْ الْوَجْهُ مَا يُوَاجِهُ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُهَا، وَقَالَ الْمَغْرِبِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْوُجُوبَ، وَتَقْيِيدُنَا بِالْكَثِيفَةِ احْتِرَازًا مِنْ الْخَفِيفَةِ الَّتِي تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَخْلِيلُهَا وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا اتِّفَاقًا، وَكَذَا يَجِبُ تَخْلِيلُ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَالْأَهْدَابِ وَالشَّارِبِ وَالْعِذَارِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْغَسْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَخْلِيلُهَا فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي.

ــ

[حاشية العدوي]

الْوَاجِبِ [قَوْلُهُ ثَلَاثًا] وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ الْمُحَقَّقَاتِ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي غَسْلَةٍ هَلْ هِيَ رَابِعَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ فَفِي كَرَاهَتِهَا وَنَدْبِهَا قَوْلَانِ بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ الْمُحَقَّقَةِ فَفِي مَنْعِهَا وَكَرَاهَتِهَا قَوْلَانِ إلَّا لِنَحْوِ نَزْفٍ أَوْ تَنَظُّفٍ [قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ] مَحَطُّ الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ: بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ [قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ] أَيْ عَلَى وَجْهٍ هُوَ الِاسْتِحْبَابُ، فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ فَرْضٌ [قَوْلُهُ: وَبِمَا زَادَ عَلَيْهَا الْفَضِيلَةُ] أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّا زَادَ يَنْوِي أَنَّهَا فَضِيلَةٌ لَا أَنَّ مَجْمُوعَهَا هُوَ الْفَضِيلَةُ.

[قَوْلُهُ: وَيُصَمِّمُ اعْتِقَادَهُ] أَيْ وَيَجْعَلُ مُعْتَقَدَهُ أَيْ مُتَعَلِّقَ اعْتِقَادِهِ [قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الْقَرَافِيُّ] أَقُولُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحُ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَعْمِيمُ جَمِيعِ الْمَحَلِّ بِالْأُولَى فَإِذَا هُوَ لَمْ يَعُمَّ بِهَا لَمْ يَجْزِهِ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ وَكَذَا السُّنَّةَ لَا تُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ.

[قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ] أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ يَنْقُلهُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: وَيُحَرِّكُ] أَيْ وُجُوبًا [قَوْلُهُ: يُدَاخِلَهَا] أَيْ يُدَاخِلَ ظَاهِرَهَا [قَوْلُهُ: فِي مَشْهُورِ قَوْلِ مَالِكٍ] إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِوُجُوبِ التَّخْلِيلِ بِهَا. [قَوْلُهُ: بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ] أَيْ لِأَنَّهَا قَالَتْ: يُمِرُّهُمَا عَلَيْهَا بِلَا تَخْلِيلٍ اهـ.

أَيْ فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ: بِلَا تَخْلِيلٍ الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا أَتَى بِالْإِضْرَابِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا نَفَى الْوُجُوبَ فَيُصَدَّقُ بِالِاسْتِحْبَابِ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُهَا] قَالَ ابْنُ نَاجِي وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ بِاسْتِحْبَابِ التَّخْلِيلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ تَخْلِيلَهَا مَكْرُوهٌ، وَعَلَى وُجُودِ تَخْلِيلِهَا أَوْ نَدْبِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: لِدَاخِلِ الشَّعْرِ فَقَطْ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ: أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يُدَاخِلَهَا الْمَاءُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ تَعْمِيمُ الظَّاهِرِ فَهُوَ دُخُولٌ مُتَعَلِّقٌ بِالظَّاهِرِ، وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لِبُلُوغِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ. [قَوْلُهُ: الْمَغْرِبِيُّ] الْمُرَادُ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ، كَذَا سَمِعْت مِنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَرَأَيْته تَقْيِيدًا [قَوْلُهُ: وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا] أَيْ إلَى الْبَشَرَةِ لَا الْخَفِيفَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُهُ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُ الشَّعْرِ خَفِيفًا وَالْبَعْضُ كَثِيفًا لَجَرَى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، وَعَطْفُ الْإِيصَالِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ.

تَنْبِيهٌ: مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْخَفِيفَةِ وَالْكَثِيفَةِ يَجْرِي فِي الْمَرْأَةِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَهَا لِحْيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا حَلْقُ مَا خُلِقَ لَهَا مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَا يَجِبُ تَخْلِيلُ شَعْرِ إلَخْ] أَيْ إذَا كَانَ خَفِيفًا كَمَا يُفِيدُهُ عج خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ تَخْلِيلَ مَا ذُكِرَ مُطْلَقًا. [قَوْلُهُ: وَالْعِذَارُ إلَخْ] هُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَارِضِ وَهُوَ صَفْحَةُ الْخَدِّ، وَالظَّاهِرُ الْإِتْيَانُ بِالتَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَهُ عِذَارَانِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ تَخْلِيلُهَا] أَيْ الْكَثِيفَةِ فِي الْغُسْلِ كَمَا يَجِبُ تَخْلِيلُ الْخَفِيفَةِ فِيهِ أَيْضًا بِالطَّرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>