للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ يَئِسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ مِنْ إدْرَاكِهِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ طَلَبِهِ (تَيَمَّمَ فِي أَوَّلِهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا لِتَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ، لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْمَاءِ قَدْ يَئِسَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي الْوَقْتِ.

وَالثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَاءِ (عِلْمٌ) بِأَنْ يَكُونَ مُتَرَدِّدًا فِي وُجُودِهِ (تَيَمَّمَ فِي وَسَطِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَلَيْسَ بِظَرْفٍ، وَلَوْ كَانَ ظَرْفًا لَكَانَ سَاكِنَ السِّينِ اسْتِحْبَابًا.

وَالرَّابِعُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكَذَلِكَ) يَتَيَمَّمُ فِي وَسَطِهِ اسْتِحْبَابًا (إنْ خَافَ أَنْ لَا يُدْرِكَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ وَرَجَا أَنْ يُدْرِكَهُ فِيهِ) هَكَذَا قَرَّرَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ قَائِلًا: لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَرَّرَهُ ج عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الرَّاجِي، فَقَالَ: وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُخَالَفَةٌ لِلْمَذْهَبِ وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فِي الرَّاجِي لَا يُؤَخِّرُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ كَالْمُوقِنِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ هَارُونَ: لَا أَعْلَمُ مَنْ نَقَلَ فِي الرَّاجِي أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ غَيْرَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ خَافَ إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا إلَى مَا يَلِيهِ اهـ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَنْ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَمَنْ لَا يُؤْمَرُ بِهَا بَعْدَ أَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَقَالَ: (وَمَنْ تَيَمَّمَ مِنْ هَؤُلَاءِ) الْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ عَلَى السَّبْعَةِ الْمَذْكُورِينَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ، وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ وَالْمُسَافِرُ الَّذِي يَقْرَبُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَيَمْنَعُهُ مِنْهُ خَوْفُ لُصُوصٍ أَوْ سِبَاعٍ، وَالْمُسَافِرُ الَّذِي تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ، وَالْيَائِسُ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ وَاَلَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْهُ عِلْمٌ، وَالْخَائِفُ الرَّاجِي ع إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: (ثُمَّ أَصَابَ الْوَقْتَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى) لَا يَصْدُقُ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ أَوْ أَصَابَ الْقُدْرَةَ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ طَلَبِهِ] أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَا يُوجِبُ الطَّلَبَ.

[قَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُودِهِ] أَيْ أَوْ عَدَمُ لُحُوقِهِ، [قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مُتَرَدِّدًا فِي وُجُودِهِ] أَرَادَ بِهِ الشَّكَّ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الثَّانِي أَنْ يَشُكَّ فِي الْأَمْرِ فَيَتَيَمَّمُ فِي وَسَطٍ اهـ، ح.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اسْمٌ وَلَيْسَ بِظَرْفٍ] أَيْ اسْمٌ لِمَا يَكْتَنِفُهُ مِنْ جِهَاتِهِ غَيْرُهُ وَيَصِحُّ دُخُولُ الْعَوَامِلِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ فَاعِلًا وَمَفْعُولًا وَمُبْتَدَأً، فَيُقَالُ اتَّسَعَ وَسَطُهُ وَضَرَبْت وَسَطَ رَأْسِهِ وَجَلَسْت فِي وَسَطِ الدَّارِ وَوَسَطُهُ خَيْرٌ مِنْ طَرَفِهِ وَالسُّكُونُ فِيهِ جَائِزٌ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَحَيْثُ أَدْخَلَ فِي عَلَيْهِ هُنَا فَلَيْسَ ظَرْفًا لِأَنَّ الظَّرْفَ اسْمُ وَقْتٍ أَوْ اسْمُ مَكَان ضُمِّنَ مَعْنَى فِي دُونَ لَفْظِهَا فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ مِنْ قَوْلِك سِرْت فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يُسَمَّى ظَرْفًا فِي الِاصْطِلَاحِ [قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ ظَرْفًا لَكَانَ سَاكِنَ السِّينِ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَأَمَّا وَسْطٌ بِالسُّكُونِ فَهُوَ بِمَعْنَى بَيْنَ نَحْوَ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ أَيْ بَيْنَهُمْ اهـ.

[قَوْلُهُ: هَكَذَا قَرَّرَهُ د] وَتَقْرِيرُهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ لَكِنَّهُ حَمْلٌ لَهُ عَلَى خِلَافِ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَرَجَا أَنْ يُدْرِكَهُ فِيهِ، فَلِذَا احْتَاجَ ابْنُ نَاجِي إلَى حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالِاعْتِذَارِ بِمَا سَيَأْتِي.

[قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ بِقِسْمَيْهِ يُؤَخِّرُ كَالرَّاجِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.

[قَوْلُهُ: وَقَرَّرَهُ ج] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ نَاجِي يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ خَافَ أَيْ تَوَهَّمَ.

[قَوْلُهُ: إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ] وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَيْقَنَ وَمَعْنَى الرَّدِّ إلَيْهِ الْإِلْحَاقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ [قَوْلُهُ: انْتَهَى] أَيْ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي فَإِنِّي رَأَيْته كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَفِيهِ أَيْ وَفِي كَلَامِ ابْنِ نَاجِي بَعْدُ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ تَيَمَّمَ إلَخْ] جَوَابٌ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ تَفْصِيلٌ.

[قَوْلُهُ: وَالْخَائِفُ الرَّاجِي] وَهُوَ الْمُتَرَدِّدُ فِي اللُّحُوقِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَصَابَ إلَخْ] وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الِاعْتِرَاضِ الثَّانِي الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَرِيضِ إلَخْ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَقُولَ. قَوْلُهُ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ، أَيْ أَصَابَهُ مِنْ حَيْثُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ أَوْ وُجُودِهِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>