للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ (أَنْ تَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ) إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، أَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُهَا فَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يَدْخُلُ بِالنِّيَّةِ دُونَ الْعَجَمِيَّةِ.

وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: يَدْخُلُ بِلُغَتِهِ وَسَمَّى هَذِهِ الْجُمْلَةَ كَلِمَةً نَظَرًا لِلُغَةٍ لَا لِلِاصْطِلَاحِ وَهُوَ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ اتِّفَاقًا وَفِي حَقِّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِذَا تَرَكَهُ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» . وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقِيَامُ لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ اتِّفَاقًا فَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَجْزَأَهُ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: هَذَا إذَا كَبَّرَ قَائِمًا وَفَسَّرَهَا الْبَاجِيُّ بِمَا يَنْفِي

ــ

[حاشية العدوي]

أَقُولُ: فَالْإِضَافَةُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِمْ تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ مِنْ إضَافَةِ الْمُصَاحِبِ لِلْمُصَاحِبِ، وَعَلَى الثَّانِي بَيَانِيَّةٌ، وَعَلَى الثَّالِثِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَالْقَرِيبُ لِشَارِحِنَا الْأَوَّلُ بِأَنْ يُرَادَ بِالدُّخُولِ النِّيَّةُ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالتَّكْبِيرِ لِلْمُلَابَسَةِ. [قَوْلٌ: وَهُوَ إنْ يَقُولَ إلَخْ] مُفَادُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّكْبِيرِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ لِقَوْلِهِ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ لَا لَفْظَ اللَّهُ أَكْبَرُ.

[قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ] بِالْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ قَدْرَ أَلْفٍ فَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ كَمَا أَنَّ الذَّاكِرَ لَا يَكُونُ ذَاكِرًا إلَّا بِهِ، وَبَقِيَّةُ الشُّرُوطِ مَعْرُوفَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا يُرَاجَعُ فِيهَا شَرْحُ الْعِزِّيَّةِ وَغَيْرُهُ. [قَوْلُهُ: لَا يُجْزِئُ غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ] فَلَا يُجْزِئُ اللَّهُ الْعَظِيمُ أَوْ نَحْوُهُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ. [قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُهَا] بِأَنْ عَجَزَ عَنْهَا جُمْلَةً أَوْ قَدَرَ مِنْهَا عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يُعَدَّ تَكْبِيرًا عِنْدَ الْعَرَبِ وَلَا مَعْنَى لَهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، فَإِنْ كَانَ يُعَدُّ تَكْبِيرًا عِنْدَهُمْ أَوْ لَهُ مَعْنًى لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَأَنْ دَلَّ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ أُتِيَ بِهِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، فَإِنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لَمْ يَأْتِ بِهِ.

[قَوْلُهُ: يَدْخُلُ بِالنِّيَّةِ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَا يَكْفِي الدُّخُولَ بِغَيْرِهَا مِنْ الْعَجَمِيَّةِ، وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ دُونَ قَوْلِهِمْ بِالْبُطْلَانِ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ، وَضَعَّفَ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ إلَخْ] ضَعِيفٌ وَأَبُو الْفَرَجِ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ اللَّيْثِيُّ أَبُو الْفَرَجِ الْقَاضِي الْبَغْدَادِيُّ، لَهُ الْكِتَابُ الْمَعْرُوفُ بِالْحَاوِي فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكِتَابُ اللُّمَعِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

[قَوْلُهُ: لَا لِلِاصْطِلَاحِ] لِأَنَّهَا لَا يُقَالُ لَهَا كَلِمَةٌ فِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ فَرْضٌ] أَيْ التَّكْبِيرُ فَرْضٌ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ. [قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ] اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَاجِبَةً اتِّفَاقًا عَلَى الْإِمَامِ كَالْفَذِّ فَقَضِيَّتُهُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفِهِ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا، فَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ شَارِحِنَا: عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُقْتَضِي لِوُجُودِ قَائِلٍ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ تَرْكُ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَرَاجِعْ لَعَلَّك تَطَّلِعُ عَلَى صِحَّتِهِ، فَإِنِّي رَاجَعْت غَيْرَ مُصَنَّفٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى صِحَّتِهِ، نَعَمْ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ خِلَافًا فِيمَا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ، وَالرَّاجِحُ الِابْتِدَاءُ فَهَذَا الَّذِي حَكَى فِيهِ الْخِلَافُ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ إلَّا أَنَّهُ أَتَى بِهَا فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ.

[قَوْلُهُ: الطُّهُورُ] بِضَمِّ الطَّاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ التَّطْهِيرُ، وَالْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. [قَوْلُهُ: التَّسْلِيمُ] أَيْ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) ، وَأَمَّا التَّسْلِيمُ الَّذِي هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْعَبْدِ فِي كُلِّ حَالٍ فَهُوَ بَذْلُ الرِّضَا بِالْحُكْمِ. [قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ] أَيْ التَّكْبِيرُ لِلْقِيَامِ أَيْ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ الَّذِي لَيْسَ بِمَسْبُوقٍ، فَلَا يُجْزِئُ إيقَاعُهَا جَالِسًا أَوْ مُنْحَنِيًا أَوْ مُسْتَنِدًا لِعِمَادٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ ذَلِكَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ.

[قَوْلُهُ: لِلرُّكُوعِ] أَيْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَيْ الْإِحْرَامَ أَيْ أَوْ نَوَاهُ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلْإِحْرَامِ. [قَوْلُهُ: أَجْزَأَ] ظَاهِرُهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ التَّكْبِيرُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادٌ بَلْ الْمُرَادُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الرُّكُوعُ بِمَعْنَى الرَّكْعَةِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ. [قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: هَذَا إذَا كَبَّرَ قَائِمًا] أَيْ ابْتَدَأَهُ قَائِمًا، وَكَمَّلَهُ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>