للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] وَنَحْوِهَا) وَهُوَ سَبِّحْ وَالْمُنَافِقُونَ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ لَهَا شَرَعَ يُبَيِّنُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ فَقَالَ: (وَيَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا عَلَى مَنْ فِي الْمِصْرِ) اتِّفَاقًا إذَا وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ.

(وَ) كَذَا يَجِبُ عَلَى (مَنْ) هُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمِصْرِ إذَا كَانَ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمِصْرِ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَبْدَأَ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْمِصْرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقِيلَ: مَبْدَؤُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِهِ، وَصَدَّرَ بِهِ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَاسْتَظْهَرَهُ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ بِالثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِلسَّمَاعِ، وَالسَّمَاعُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَنَارِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (فَأَقَلُّ) أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَمْيَالٍ تَحْدِيدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ زَادَ عَلَيْهَا، وَلَوْ قُلْت: الزِّيَادَةُ وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تَقْرِيبٌ فَتَجِبُ عَلَى مَنْ زَادَ عَلَيْهَا زِيَادَةً يَسِيرَةً.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: (وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ) اتِّفَاقًا (وَلَا عَلَى أَهْلِ مِنًى) غَيْرِ سَاكِنِيهَا، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِمْ وَإِنْ دَخَلُوا فِيمَا قَبْلَهُ لِمَا يُتَوَهَّم مِنْ إقَامَتِهِمْ هُنَالِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِرَمْيِهِمْ الْجِمَارَ، وَأَمَّا سَاكِنُوهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ فِيهِمْ عَدَدٌ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ كَانُوا حُجَّاجًا أَوْ لَا،.

(وَ) كَذَلِكَ (لَا) تَجِبُ الْجُمُعَةُ (عَلَى عَبْدٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ (وَلَا عَلَى امْرَأَةٍ وَلَا) عَلَى (صَبِيٍّ) اتِّفَاقًا فِيهِمَا، وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ إلَّا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مُسَافِرٍ» وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إذَا حَضَرَهَا وَصَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنْ الظُّهْرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ حَضَرَهَا عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ مُسَافِرٌ فَلْيُصَلِّهَا) يَعْنِي وَتُجْزِئُهُ عَنْ الظُّهْرِ، أَمَّا الْعَبْدُ فَبِاتِّفَاقٍ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُهَا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لِيَشْهَدَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَكَذَلِكَ تُجْزِئُهَا اتِّفَاقًا

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّكْعَةُ الْأُولَى فَيُنْدَبُ لِقِرَاءَتِهَا فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ قَرَأَهَا.

[قَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا وَهُوَ سَبِّحْ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْمَنْدُوبَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: ١] يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ سَبِّحْ وَالْمُنَافِقُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي الْأُولَى الْقِرَاءَةُ بِالْجُمُعَةِ، وَالثَّانِيَةُ إمَّا بِهَلْ أَتَاك أَوْ سَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ هَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ النَّدْبَ إنَّمَا هُوَ بِخُصُوصِ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: ١] وَحْدَهَا وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ بِمَ صَلَّى فِيهَا فَلِذَلِكَ جَاءَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَبْدَؤُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ] وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَاسْتَظْهَرَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الْمَنَارُ أَنْ يُعْتَبَرَ الَّذِي فِي طَرَفِ الْبَلَدِ. [قَوْلُهُ: وَالسَّمَاعُ] أَيْ وَمُتَعَلِّقُ السَّمَاعِ الَّذِي هُوَ الْأَذَانُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَنَارِ [قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: زِيَادَةً يَسِيرَةً] أَيْ بِنَحْوِ الرُّبْعُ أَوْ الثُّلُثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ مُقِيمًا وَمَنْ كَانَ خَارِجًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَنَحْوِهَا، وَلَكِنْ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِمَنْ كَانَ سَاكِنًا بِالْبَلَدِ، وَأَمَّا الْخَارِجُ عَنْهَا وَدَاخِلًا لِكَفَرْسَخٍ فَتَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ.

[قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ] الْمُرَادُ بِهِ مَنْ أَتَى مِنْ مَحَلٍّ خَارِجٍ عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.

وَقَوْلُنَا: مَنْ أَتَى إلَخْ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مُسَافِرٍ مِنْ بَلَدِهِ وَأَدْرَكَهُ النِّدَاءُ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، فَهَذَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ لَهَا بِحَيْثُ يَعْتَقِدُ إدْرَاكُهَا، وَلَوْ بِرَكْعَةٍ، وَمِثْلُ إدْرَاكِ النِّدَاءِ تَحَقُّقُهُ الزَّوَالَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْفَرْسَخِ الَّذِي هُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا إمَامُهُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ إذَا أَسْقَطَ السَّيِّدُ حَقَّهُ. [قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ إلَخْ] الظَّاهِرُ إسْقَاطُ بَعْضٍ، وَيَقُولُ لَهَا: كَانَ مَنْ تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا أَتَى بِبَعْضٍ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا ذَكَرَ فِيمَا بَعْدُ إلَّا الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُهَا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ] ظَاهِرٌ فِي الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالْمُبَعَّضِ فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ لَا فِي يَوْمِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حُضُورُهُ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ فَيُنْدَبُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>