للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِيدَيْنِ دُونَ الرُّجُوعِ، وَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فِي عِيدِ الْفِطْرِ دُونَ الْأَضْحَى عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ يَأْكُلهُنَّ وِتْرًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَقَالَ: (وَلَيْسَ فِيهَا آذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ) وَلَيْسَ فِيهَا أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ نِدَاءُ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءٍ.

قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌ أَنَّهُ لَا أَذَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ وَلَا بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ، وَلَا إقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ، فَإِذَا حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَلَا يُقِيمُ وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَإِنَّمَا يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ (فَيُصَلِّي بِهِمْ) أَيْ بِالنَّاسِ (رَكْعَتَيْنِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ» (يَقْرَأُ فِيهِمَا جَهْرًا) بِلَا خِلَافٍ (بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَبِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَنَحْوِهِمَا) لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

ــ

[حاشية العدوي]

الرُّجُوعِ أَيْ لِلْفَرَاغِ مِنْ الْقُرْبَةِ. [قَوْلُهُ: دُونَ الْأَضْحَى] أَيْ فَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِلْفِطْرِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ لِتَأْخِيرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلُ تَأْخِيرِهِ بِالْفِطْرِ عَلَى كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ يُفِيدُ عَدَمَ نَدْبِ تَأْخِيرِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفِطْرَ لَمَّا تَقَدَّمْهُ الصَّوْمُ شُرِعَ الْأَكْلُ فِيهِ لِإِظْهَارِ التَّمْيِيزِ، وَلِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَدَقَةَ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. [قَوْلُهُ: رُطَبَاتٍ وِتْرًا] إشْعَارًا بِالْفَرْدِيَّةِ لِلْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَتَرِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ فِي الرُّطَبَاتِ أَيْضًا بَلْ وَفِي الْحُسْوَاتِ. [قَوْلُهُ: حَسَى حَسَوَاتٍ] الْحُسْوَةُ بِالضَّمِّ مِلْءُ الْفَمِ مِمَّا يُحْسَى، وَالْجَمْعُ حُسًى وَحُسْوَاتٌ مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى وَمُدْيَاتٍ، وَالْحَسْوَةُ بِالْفَتْحِ قِيلَ: لُغَةٌ وَقِيلَ: مَصْدَرٌ مِصْبَاحٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهَا أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ] أَيْ يُكْرَهُ [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهَا أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ نِدَاءٌ إلَخْ] أَيْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ، وَالْجُزُولِيِّ أَنَّهُ يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ.

[قَوْلُهُ: قَالَ أَخْبَرَنِي جَابِرٌ إلَخْ] قَالَ ابْنُ عَبْد الْبَرِّ: وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَذَّنْ لَهَا وَلَمْ يُقَمْ فَمَا الْمُحْوِجُ لِلْمُصَنِّفِ إلَى النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَكَرِهِمَا الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَحْدَثَهُمَا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ، وَالْمُحَدِّثُ لَهُمَا أَوَّلًا مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ عَلَى الصَّحِيحِ.

فَقَوْلُهُ: لِمَا فِي مُسْلِمٍ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ وَلِمَا زَادَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِيهَا نِدَاءٌ إلَخْ. [قَوْلُهُ: يَوْمَ الْفِطْرِ] أَيْ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَتِمَّ الدَّلِيلُ [قَوْلُهُ: وَلَا بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ] أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِذَا حَانَ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَلَا نِدَاءَ] أَيْ بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا شَيْءٌ أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُفْعَلُ يُعْلَمُ بِهِ صَلَاةُ الْعِيدِ كَأَنْ يَضْرِبَ دُفًّا مَثَلًا [قَوْلُهُ: وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ] أَيْ وَلَا غَيْرُهَا لِيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي بِهِمْ أَيْ بِالنَّاسِ] أَيْ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ الْمُصَلَّى أَوْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ [قَوْلُهُ: بِ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١]] أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ: وَبِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] أَيْ فِي الْأُولَى كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَا ذَكَرَهُ التَّتَّائِيُّ مَتْنًا وَشَرْحًا بِتَقْدِيمِ الشَّمْسِ وَتَأْخِيرِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: ١] إلَخْ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَقْدِيمُ سَبِّحْ عَلَى {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] وَهِيَ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا] أَيْ فَلَيْسَ الْقَصْدُ خُصُوصَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ. وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ حَيْثُ قَالَ: وَقِرَاءَتُهَا بِكَسَبِّحْ وَالشَّمْسِ قَالَ مَا نَصُّهُ: أَيْ وَنُدِبَ قِرَاءَةُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى " وَ " الشَّمْسِ " وَنَحْوِهَا مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ مَا يَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ بِدَلِيلِ أَنَّ سَبِّحْ وَالشَّمْسِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِفِعْلِهِ إلَخْ فِيهِ إجْمَالٌ وَعَدَمِ تَعْيِينِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي مُسْلِمٍ كَمَا فِي تت «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ بِ سَبِّحْ وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] » ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّتَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا نَعَمْ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفَجْرِ بِ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: ١] و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١] » ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مِنْ الطِّوَالِ، وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>