للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ) وَاَلَّذِي تَحْتَهُ (طَاهِرًا فَهُوَ أَحْسَنُ) بِمَعْنَى حَسَنٍ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَهُ حَائِضٌ وَلَا جُنُبٌ) بِإِغْمَاضٍ وَلَا غَيْرِهِ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُمَا أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُمَا فَهُمَا كَغَيْرِهِمَا (وَأَرْخَصَ) بِمَعْنَى اسْتَحَبَّ (بَعْضُ الْعُلَمَاءِ) هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ (فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ رَأْسِهِ) أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (بِسُورَةِ يس) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُقْرَأُ عِنْدَ رَأْسِهِ سُورَةُ يس إلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» (وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ (عِنْدَ مَالِكٍ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَمْرًا مَعْمُولًا بِهِ) وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُ، وَكَذَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ تَلْقِينُهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي قَبْرِهِ.

(وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ) بِمَعْنَى يُبَاحُ الْبُكَاءُ (بِالدُّمُوعِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاحْتِضَارِ (وَحَسُنَ التَّعَزِّي) وَهُوَ تَقْوِيَةُ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ بِمَا نَزَلَ بِهَا (وَالتَّصَبُّرُ) وَهُوَ

ــ

[حاشية العدوي]

بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى بَابِهِ لَاقْتَضَى أَنَّ فِي عَدَمِ ذَلِكَ حَسَنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِلَّةُ ذَلِكَ حُضُورُ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِيغَةُ أَفْعَلَ عَلَى بَابِهَا اسْتِعْمَالًا لِلُّغَةِ الشَّاذَّةِ فِي قَوْلِ الْعَرَبِ: الْعَسَلُ أَحْلَى مِنْ الْخَلِّ.

[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَهُ حَائِضٌ وَلَا جُنُبٌ] ع: حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرْكِ الْمُزَاوَلَةِ فِي الْإِغْمَاضِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمَا نَجَاسَةُ أَيْدِيهِمَا، أَيْ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ حَلِّ شَارِحِنَا، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرْكِ حُضُورِهِمَا لِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ حَائِضٌ أَوْ جُنُبٌ» وَكَذَا يُنْدَبُ أَنْ لَا يَقْرَبَهُ كَلْبٌ وَلَا تِمْثَالٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَكَذَا الصَّبِيُّ الَّذِي يَعُبُّ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ، وَنُدِبَ أَنْ يُحْضَرَ عِنْدَهُ طِيبٌ وَحُضُورُ أَحْسَنِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَلْقًا وَخُلُقًا وَدِينًا، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرَيْنِ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ، وَنُدِبَ إبْعَادُ النِّسَاءِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ وَإِظْهَارُ التَّجَلُّدِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ الرِّجَالِ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى اسْتَحَبَّ] وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ] وَكَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ الْكِتَابِ، فَالْمُرَادُ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ.

[قَوْلُهُ: أَوْ رَجُلَيْهِ إلَخْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ رَأْسِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَقْفَهْسِيُّ. [قَوْلُهُ: سُورَةِ يَس] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ سُورَةٍ هِيَ يَس. [قَوْلُهُ: يَقْرَأُ عِنْدَ رَأْسِهِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَكُونُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يَس» فَهَذَا هُوَ الصَّارِفُ عَنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ قُلْت: يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ.

[قَوْلُهُ: إلَّا هَوَّنَ اللَّهُ إلَخْ] وَرَدَ «إذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ يَس بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ» .

[قَوْلُهُ: أَيْ مَا ذُكِرَ] جَوَابُ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولُ وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ أَيْ الْقِرَاءَةُ. [قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُ] لَا خُصُوصِيَّةَ لَيْسَ بِالذِّكْرِ بَلْ يُكْرَهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ يَس أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَلَى قَبْرِهِ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا وَرَجَاءَ بَرَكَتِهَا فَلَا أَقُولُ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ بِالْقُرْآنِ، فَلَا يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا.

[قَوْلُهُ: أَيْ حِينَ الِاحْتِضَارِ] أَيْ وَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: أَيْ حِينَ يُحْتَضَرُ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ التَّنْوِينَ عِوَضٌ مِنْ الْجُمْلَةِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ] تَفْسِيرٌ لَحُسْنِ التَّعَزِّي لَا التَّعَزِّي لِأَنَّ التَّعَزِّيَ التَّقَوِّي مُطْلَقًا وَالتَّقَوِّي عَلَى الصَّبْرِ بِمَا نَزَلَ بِالنَّفْسِ أَيْ عَلَى مَا نَزَلَ بِالنَّفْسِ حُسْنٌ فَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ وَحُسْنُ التَّعَزِّي مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ التَّعَزِّي الْحَسَنُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُ حَسَنٍ، وَيَقُولُ: وَالتَّعَزِّي وَالتَّصَبُّرُ أَجْمَلُ أَيْ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ عَلَى عِبَارَتِهِ يَلْغُو الْأَخْبَارَ بِقَوْلِهِ: أَجْمَلُ أَيْ أَحْسَنُ. [قَوْلُهُ: وَالتَّصَبُّرُ] عَطْفٌ عَلَى حُسْنِ التَّعَزِّي مِنْ عِطْفِ الْمُغَايِرِ، لِأَنَّ التَّعَزِّيَ هُوَ تَقْوِيَةُ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ بِحَيْثُ يُرَسَّخُ فِيهَا، وَأَمَّا الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>