للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُعَائِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ الْمَيِّتِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ فَلَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ.

وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ خَمْسَةٌ: الْقِيَامُ فَإِنْ صَلَّوْا قُعُودًا لَمْ تَجُزْ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا، الثَّانِي وَالثَّالِثُ: التَّحْرِيمُ وَالسَّلَامُ.

الرَّابِعُ: الدُّعَاءُ، وَالْخَامِسُ: التَّكْبِيرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (وَالتَّكْبِيرُ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثٍ نَاسِيًا وَذَكَرَ بِالْقُرْبِ رَجَعَ بِنِيَّةٍ فَقَطْ وَلَا يُكَبِّرُ، وَإِنْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً سَلَّمَ الْمَأْمُومُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ هَارُونَ بِمَا إذَا قَامَ الْإِمَامُ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ وَإِذَا ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ فَإِنَّهُ (يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُنَّ وَإِنْ رَفَعَ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فَلَا بَأْسَ) مَا ذَكَرَهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ وَهُوَ لِأَشْهَبَ، قَالَ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ رَفَعَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْفَعْ.

ثَانِيهَا: أَنَّهُ يَرْفَعُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

ثَالِثُهَا: فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا. يَرْفَعُ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَطْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَاخْتَارَهُ التُّونِسِيُّ.

رَابِعُهَا: لَا يَرْفَعُ فِي الْأُولَى وَلَا فِي غَيْرِهَا. التَّوْضِيحُ: وَهُوَ أَشْهَرُ مِنْ الرَّفْعِ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

وَلِيِّهِ وَصِيٌّ أَوْصَاهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ هُنَاكَ أَيْ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ.

[قَوْلُهُ: تُرْجَى بَرَكَةُ دُعَائِهِ] لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، أَيْ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ بَرَكَةِ دُعَائِهِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُهُ: بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ الْمَيِّتِ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا] وَدَلِيلُ الْوُجُوبِ مَفْهُومٌ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَفْهُومُ ضِدُّ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَا نَقِيضُ الْحُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ، وَهُوَ عَدَمُ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

[قَوْلُهُ: التَّحْرِيمُ] الْمُرَادُ الْإِحْرَامُ بِمَعْنَى النِّيَّةِ.

[قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ «آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِيهَا أَرْبَعًا» .

[قَوْلُهُ: وَذَكَرَ بِالْقُرْبِ] وَأَمَّا لَوْ طَالَ الْأَمْرُ فَتَبْطُلُ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يُدْفَنْ، فَإِنْ دُفِنَ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُكَبِّرُ] لِئَلَّا يَلْزَمَ الزِّيَادَةَ فِي عَدَدِهِ، فَإِنْ كَبَّرَ حَسِبَهُ مِنْ الْأَرْبَعِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ الْإِمَامُ خَامِسَةً إلَخْ] زَادَهَا عَمْدًا أَوْ يَرَاهَا مَذْهَبًا أَوْ سَهْوًا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ قَبْلَهُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ، وَصَلَاتُهُمْ كَصَلَاتِهِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّكَعَاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَيْضًا الْخَامِسَةُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ زَائِدَةٌ إجْمَاعًا وَالزِّيَادَةُ هُنَا قِيلَ بِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي تَكْبِيرَاتِهَا مِنْ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعٍ، وَإِنْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ زَمَنَ الْفَارُوقِ عَلَى أَرْبَعٍ، فَإِنْ انْتَظَرَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ كَذَا فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَظِرُهُ إلَخْ وَأَمَّا لَوْ نَقَصَ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ حَيْثُ كَانَ سَهْوًا وَلَا يُكَلِّمُونَهُ بَلْ يُسَبِّحُونَ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ بِتَكْبِيرَةٍ وَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ دُونَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ يُكَلِّمُونَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ وَتَرَكَهُمْ كَبَّرُوا وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ إنْ تَنَبَّهَ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ تَبَعًا لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ رَادًّا عَلَى عِبَارَةِ عَبْدِ الْبَاقِي.

فَإِنْ نَقَصَ عَمْدًا وَهُوَ يَرَاهُ مَذْهَبًا لَمْ يَتْبَعُوهُ وَأَتَوْا بِتَمَامِ الْأَرْبَعِ، وَانْظُرْ إذَا نَقَصَ عَمْدًا دُونَ تَقْلِيدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَتَوْا بِرَابِعَةٍ لِبُطْلَانِهَا عَلَى الْإِمَامِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ نَقَصَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى مَا إذَا نَقَصَ سَهْوًا [قَوْلُهُ: وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ] وَقَالَ أَشْهَبُ: يَسْكُتُ فَإِذَا كَبَّرَ الْخَامِسَةَ سَلَّمَ بِسَلَامِهِ [قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ هَارُونَ إلَخْ] مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

قَالَ الْمَوَّاقُ: سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُكَبِّرُ خَمْسًا فَلْيَقْطَعْ الْمَأْمُومُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلَا يَتْبَعْهُ فِي الْخَامِسَةِ اهـ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُكَبِّرُ خَمْسًا لَكِنَّهُ سَهَا فَكَبَّرَ خَمْسًا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْطَعُ وَلَكِنَّهُ يَسْكُتُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَلَّمَ بِسَلَامِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ وَأَشْهَبُ: وَبِهَذَا يَحْسُنُ الْجَمْعُ بَيْنَ إطْلَاقَاتِهِمْ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ وَعَلَى هَذَا فَلَا اعْتِرَاضَ.

[قَوْلُهُ: يَرْفَعُ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَطْ إلَخْ] وَأَمَّا الرَّفْعُ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ خِلَافُ الْأُولَى كَمَا فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ.

وَسَكَتَ عَنْ الرَّابِعِ فَلَمْ يُبَيِّنْهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>